أميرةُ الظلام

محمد الرياني

على الرغمِ من أن الشمسَ تتوسطُ السماءَ ولايوجدُ شيءٌ من العتمةِ إلا أنه شبهها بالليل، تتعجبُ منه ، الوقتُ في منتصفِ النهارِ ويُشبِّهُها بالليل ، يا لغرابةِ هذا العجيبِ وهو يراها كالليلِ عندما يحتضنُ النجومَ والسماء ، قال لها : إنك تشبهين وجهَ السماءِ في المساء ، النجومُ تجعلُ من الطبقِ البعيدِ الذي لاحدودَ له آيةً في الروعةِ والإتقان، ووجهكِ في المساءِ حين تبرقُ عيناكِ ويبتسمُ ثغرُكِ كالليلِ حين تطرزُ سوادَه النجومُ ، ظلتْ تنتظرُ الغروبَ وينتابُها القلق : لقد تأخرَ ذهابُ الشمسِ نحوَ بحرِ سقوطِها ليأتي الليل ، اقتربَ الموعدُ فتركتْ غرفتَها وخرجتْ نحوَ الساحةِ الخارجيةِ لترى السماءَ والسوادَ والنجوم، نظرتْ في مرآةٍ صغيرةٍ في يدِها وابتسمتْ لترى ثغرَها وهو يشبهُ لونَ النجومِ والمساء، قالت كأنه على حق ، ألهذه الدرجةِ أنا أشبهُ روعةَ المساء؟ لأولِ مرةٍ أرى نفسي بهذا الجمال، استحوذ وهجُ الشمسُ على كلِّ شيء ، أما الليلُ فلأنه يشبهُني فلم أهتمَّ به ، سهرتْ لترى المساءَ أكثر، أحصتْ النجومَ وعجزت ، هناكَ نجومٌ بعيدةٌ تضيءُ في الأفقِ لاتستطيعُ رؤيتَها، وهناكَ أضواءٌ خافتةٌ لاتميزُها، حملَ الليلُ نسائمَ لم تستروحْها من قبل، تضوَّعُ بعضُ الشذى في السكونِ الذي يلفُّ الكون، قالت هل يُشبهُ عطري أريجَ الظلام؟ هو على حق ، لم أكتشفْ نفسي بعد ، استسلمتُ لضوءِ النهارِ فانكشفتْ عيوبي والليلُ قد جعلَ مني أميرته، في الصباحِ قالت له: ما أروعك! حكمتْ ببعضِ نورِها وشهدَ على روعةِ الشمسِ وسطوةِ النهار، رأت نفسَها أميرةَ الليل ، أنا أُشبهُهُ تمامًا، ردَّ عليها بأنها ستكونُ أجملَ مَن زفَّها الليلُ لتكونَ مثلَ شمسِ النهارِ ونجمِ الظلام، عندما حضرَ مساءُ العرسِ، أطلَّتْ هي والقمرُ في ليلةٍ واحدة.