المقالات
الثَّمَن
محمد الرياني
أغمضَ عينيه وحيدًا، وضعَ رأسَه على الوسادة فاصطدمَ بشيءٍ حادٍّ ، رفع رأسَه وقرَّب يدَه يتلمسه فإذا هي قطعةٌ دائريةٌ، الليلُ لايزالُ في أوله، لم يحنْ موعدُ النومِ بعد، أخذَ قسطًا منه فترةَ القيلولة، استوى جالسًا ووضعَ الوسادةَ على فخذيه المنصوبتين، فتحَ أحدَ مفاتيحِ الإنارةِ ليرى أكثر، بدأ يفتحُ الخيوطَ ليُخرجَ القطعة، انتظرَ أحدًا ليساعدَه ولامجيب، سحبَ الخيطَ يريدُ استخراجَ القطعةِ ، لسوءِ حظِّه وجدَ غشاءً آخرَ يحيطُ بالوسادة، شرعَ في فتحِ الخيطِ الجديدِ لإخراجِ القطعة، الغشاءُ الداخليُّ يبدو عليه القِدَم، والبائعُ يبدو أنه وضعَ غشاءً فوقَ آخرَ من أجلِ بيعها ، لم يدمْ بحثُه طويلًا، الخيطُ الداخليُّ مهترئٌ وطريقةُ فتحِهِ سهلة، لمسَ القطعةَ من فوقِ قطعةِ القماشِ العتيقة، فرحَ وهو ينظرُ إلى الساعةِ والنعاسُ يقتربُ منه جرَّاءَ البحث ، أدخلَ يدَه ليخرجَها فخرجتِ الأحشاء؛ خرقٌ باليةٌ منذُ زمنٍ بعيد، وأوراقُ بتواقيعَ أناسٍ قد ماتوا أو همُ الآن في خريفِ العمر، سقطتِ القطعةُ المعدنية، قدموا منَ الخارجِ وهو ينظرُ إليها ويتفحصُها بالقربِ من الإنارةِ المنتصبةِ عند سريرِ النوم، سألوه عن سببِ سهرهِ إلى الآن، وضعَ العملةَ بين إصبعين من أصابعه وهو يشيرُ إليها، أرادوا أن يطلعوا عليها فامتنع، أخذَ وسادةً جديدةً ووضعَ العملةَ فيها وضاعفَ عددَ الأغشيةِ عليها، تركهم ينظفون المكان وهم يتساءلون عن سرِّ العملة، وضعَ رأسهَ وهو يشعرُ بها خلفَ مؤخرةِ رأسه، أغمضَ عينيه وهم حوله، سأله أحدُهم يريدُ أن ينفردَ بالسر فأجابه : إذا تركوكَ وحيدًا لا تبحثْ عن أشياءَ تتسلَّى بها؛ افتح الوسادةَ ولاتنسَ أن تتعلمَ طريقةَ فتحِ الخيوطِ بمهارة ، أخبرَه بأنَّ بائعَ الوسادةِ ربما يكونُ نسيَ ووضعَ العملةَ من بقيةِ الثمنِ في بطنِ المخدة .