المقالات

رسالة

 

بقلم الكاتب : محمد الرياني

في رسالتها لابنها الغائب في الغربة، كتبتْ ليلى تقول: أبشرك أنَّ عندنا الليلة مطرًا ومعه هواء شديد، الآن أملي على عمك (جبران) وهو يرتجف من  البرد، ومعنا ورقة واحدة لقيناها ضائعة بين كتبك القديمة فكتبنا لك فيها، والساحة التي كنتَ تلعب فيها وتطارد الكلاب امتلأتْ بماء المطر، والطريق الواقع شمالنا لاتستطيع المشي فيه، ونزل علينا برَد مع المطر ياعلي منذ زمن لم ينزل، وكيف حالك ياعلي؟ وما أخبارك؟ وشعَرك الذي سافرتَ به وهو يغطي ظهرك هل أزلته أم لا؟ وأبشرك أن بقرتك التي سافرتَ وهي عِجلةٌ تقطع الحبال من مربطها كبرتْ وحصلنا منها على عجل أحمر، وضروعها تكاد تتفجر من اللبن، وما أخبارك ياعلي؟ عسى أن تكون قد حصلتَ على وظيفة في مصنع أو شركة، أو حارس، توقفَ المطر، هدأت الريح، طوى جبران الورقة، قالت له ليلى: مابك؟ لم أنتهِ بعد، ردّ عليها: الورقةُ ملأناها على وجهها وظهرها، هل معك ورقة ثانية؟ قالت له: لا ياجبران، هيَّا الآن اقرأ عليّ الرسالة، قرأها على عجَل، آه ياجبران! نسيت أن أقول كلام زيادة، جارنا حسين حصل على مولود و….. و…، قال لها: إن شاء تحصلين على ورقة ثانية ونكتب له، تستحقين كل خير، والآن هل معك ظرف نضع الرسالة فيه؟ ، بحثتْ في علبة زرقاء قديمة، وجدتْ مظروفًا عليه كتابة، لم أجد إلا هذا، امسح الكتابة واكتب تحتها أو فوقها، سأبعث الرسالة مع ( يحيى بن علي) مسافرٌ الليلة ، سألحق به قبل أن يسافر، أدخل جبران الرسالة مطوية داخل المظروف ، لحس طرف إصبعه كي يتماسك طرفا المظروف ليطبق على الرسالة، ذهبتْ إلى ( يحيى بن علي)  نادته وعليه ملابس السفر، ناولته الرسالة، سلّم لي السلام الكثير على  (علي) وأخبره أننا بخير، وأهل القرية كلهم طيبون، والدنيا أمطار وسيول ومرعى، سافر( يحيى بن علي) بالرسالة، في اليوم الثاني أقبل (علي) ينادي، سمعتْ أمه الصوت، هذا صوت ابني ، حبيبي هذا الصوت، علي مابك رجعت؟ الرسالة أرسلتها لك البارحة مع (يحيى) وأشارت إلى بيته، ردّ عليها ووجهه نحو الأرض: ياأمي لم أحصل على عمل واشتقتُ للقرية، قالت له : استرح اليوم وغدًا خذ البقرة واستعر ثور جارنا وتوجه للأرض، لايزال هناك بعض الناس لم يحرثوا أراضيهم.

مقالات ذات صلة

إغلاق