المقالات

الغيرة والحسد

بقلم د : ضيف الله مهدي

ومع أن هاتين الكلمتين تستخدمان غالبا بصورة متبادلة ، فهما لا يعنيان الشيء نفسه على الإطلاق ، فالحسد هو أمر بسيط يميل نسبياً إلى التطلع إلى الخارج ، يتمنى فيه المرء أن يمتلك ما يملكه غيره ، فقد يحسد الطفل صديقه على درجاته وتحسد الفتاة المراهقة صديقتها على طلعتها البهية .. فالغيرة هي ليست الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص الأخر ، بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب عدم حصوله على شيء ما .. فإذا كان ذلك الطفل يغار من صديقه الذي يملك الدراجة ، فذلك لا يعود فقط إلى كونه يريد دراجة كتلك لنفسه بل وإلى شعوره بأن تلك الدراجة توفر الحب رمزاً لنوع من الحب والطمأنينة اللذين يتمتع بهما الطفل الأخر بينما هو محروم منهما، وإذا كانت تلك الفتاة تغار من صديقتها تلك ذات الطلعة البهية فيعود ذلك إلى أن قوام هذه الصديقة يمثل الشعور بالسعادة والقبول الذاتي اللذين يتمتع بهما المراهق والتي حرمت منه تلك الفتاة. فالغيرة تدور إذا حول عدم القدرة على أن نمنح الآخرين حبنا ويحبنا الآخرون بما فيه الكفاية ، وبالتالي فهي تدور حول الشعور بعدم الطمأنينة والقلق تجاه العلاقة القائمة مع الأشخاص الذين يهمنا أمرهم .. والغيرة في الطفولة المبكرة تعتبر شيئاً طبيعيا حيث يتصف صغار الأطفال بالأنانية وحب التملك وحب الظهور ، لرغبتهم في إشباع حاجاتهم ، دون مبالاة بغيرهم ، أو بالظروف الخارجية ، وقمة الشعور بالغيرة تحدث فيما بين 3 – 4 سنوات ، وتكثر نسبتها بين البنات عنها بين البنين .. والشعور بالغيرة أمر خطير يؤثر على حياة الفرد ويسبب له صراعات نفسية متعددة ، وهى تمثل خطراً داهما على توافقه الشخصي والاجتماعي ، بمظاهر سلوكية مختلفة منها التبول اللا إرادي أو مص الأصابع أو قضم الأظافر ، أو الرغبة في شد انتباه الآخرين ، وجلب عطفهم بشتى الطرق ، أو التظاهر بالمرض ، أو الخوف والقلق ، أو بمظاهر العدوان السافر ، ولعلاج الغيرة أو للوقاية من

آثارها السلبية يجب عمل الآتي :
1ـ التعرف على الأسباب وعلاجها.

2ـ إشعار الطفل بقيمته ومكانته في الأسرة والمدرسة وبين الزملاء .

3ـ تعويد الطفل على أن يشاركه غيره في حب الآخرين .

4ـ تعليم الطفل على أنالحياة أخذ وعطاء منذ الصغر وأنه يجب على الإنسان أن يحترم حقوق الآخرين .

5ـ تعويد الطفل على المنافسة الشريفة بروح رياضية تجاه الآخرين .

6ـ بعث الثقة في نفس الطفل وتخفيف حدة الشعور بالنقص أو العجز عنده .

7ـ توفيرالعلاقات القائمة على أساس المساواة والعدل ، دون تميز أو تفضيل على آخر ، مهما كان جنسه أو سنه أو قدراته ، فلا تحيز ولا إمتيازات بل معاملة على قدم المساواة .

8ـ تعويد الطفل على تقبل التفوق ، وتقبل الهزيمة ، بحيث يعمل على تحقيق النجاح ببذل الجهد المناسب ، دون غيرة من تفوق الآخرين عليه ، بالصورة التي تدفعه لفقد الثقة بنفسه .

9ـ تعويد الطفل الأناني على احترام وتقدير الجماعة ، ومشاطرتها الوجدانية، ومشاركة الأطفال في اللعب وفيما يملكه من أدوات .

10ـ يجب على الآباء الحزم فيما يتعلق بمشاعر الغيرة لدى الطفل ، فلا يجوز إظهار القلق والاهتمام الزائد بتلك المشاعر ، كما أنه لا ينبغي إغفال الطفل الذي لا ينفعل ، ولا تظهر عليه مشاعر الغيرة مطلقاً .

11ـ في حالة ولادة طفل جديد لا يجوز إهمال الطفل الكبير وإعطاء الصغير عناية أكثر مما يلزمه ، فلا يعط المولود من العناية إلا بقدر حاجته ، وهو لا يحتاج إلى الكثير ، والذي يضايق الطفل الأكبر عادة كثرة حمل المولود وكثرة الالتصاق الجسمي الذي يضر المولود أكثر مما يفيده. وواجب الآباء كذلك أن يهيئوا الطفل إلى حادث الولادة مع مراعاة فطامه وجدانياً تدريجياً بقدر الامكان ، فلا يحرم حرماناً مفاجئاً من الامتياز الذي كان يتمتع به .

12ـ يجب على الآباء والأمهات أن يقلعواعن المقارنة الصريحة واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعداداتها ومزاياها الخاصة بها .

13ـ تنمية الهوايات المختلفة بين الأخوة كالموسيقى والتصوير وجمع الطوابعوالقراءة وألعاب الكمبيوتر وغير ذلك , وبذلك يتفوق كل في ناحيته ، ويصبح تقيمه وتقديره بلا مقارنة مع الآخرين .

14ـ المساواة في المعاملة بين الابن والابنة ،لآن التفرقة في المعاملة تؤدى إلى شعور الأولاد بالغرور وتنمو عند البنات غيرة تكبت وتظهر أعراضها في صور أخرى في مستقبل حياتهن مثل كراهية الرجال وعدم الثقة بهم وغير ذلك من المظاهر الضارة لحياتهن .
15ـ عدم إغداق إمتيازات كثيرة على الطفل المريض، فأن هذا يثير الغيرة بين الأخوة الأصحاء ، وتبدو مظاهرها في تمنى وكراهية الطفل المريض أو غير ذلك من مظاهر الغيرة الظاهرة أو المستترة .

مقالات ذات صلة

إغلاق