المقالات
نسيان
بقلم الكاتب : محمد الرياني
أخذَ المفتاحَ ونسيَ النظارة الطبية، اصطدمتْ ساقه بعارض السرير، تألم ومضى نحو السيارة، فتح الباب وترك المفتاح في الباب، نظر في طبلون السيارة فتذكر النظارة، عاد بسرعة نحو السرير، وجدها ووضعها على عينيه، سلمتْ ساقه هذه المرة من الاصطدام، وجد الباب مفتوحًا ولم يفطن للمفتاح، استوى جالسًا، أراد أن يدير المحرك فلم يجد المفتاح، ضرب على جنبيه، أدخل يديه في جيبيه، نظر في جيبه العلوي فلم يلق شيئًا، نهض لينظر على مقعده، لا وجودَ للمفتاح، تحسس موضع قدميه وماحولهما ومع هذا لم يعثر على المفتاح، تأخر عن موعده، ظل يضرب رأسه الذي ينسى بكثرة حتى سقطتْ نظارته من على عينيه، لم يكن حوله أحد ليساعده على حلِّ حالةِ التشتت التي ضربتْ رأسه، نزل من السيارة ليبحث في التراب، تذكر أنه وضع المفتاح ذات يوم بين فخذيه وعندما نزل سقط على الأرض واختبأ بين التراب، لم يجد بين التراب شيئًا، كل هذا والمفتاح يتدلى من موقعه في الباب دون أن يحدث صوتًا، الهواءٌ ساكنٌ في منتصف النهار، رآه بعضهم يبحث عن ضائعة، اجتمعوا حوله، عملوا بأصابعهم خطوطًا متعرجة في التراب لعله يظهر، لم تفلح كل المحاولات، تناول النظارة من على مقعد القيادة، شاهدها صدفة، وضعها على عينيه، هبتْ نسمة من الشمال باتجاه الباب، شعر بارتياح اصدمت النسمة الزائرة بباب السيارة، اهتزتْ الميدالية المعدنية واصطدمت بالباب، سمع الصوت، تهلل وجهه بالبشر، كل هذا البحث وأنتَ في الباب، حالةٌ من العصبية انتابته حتى أسقطت النظارة من على عينيه، وقعتْ تحت إحدى العجلات، أدار محرك السيارة وانطلق، فرك عينيه، لم يجد حائلًا بين يده وعينيه، رجع إلى مكانه، وجد شظايا العدسات الزجاجية بين التراب، دمعتْ عيناه، لم يجد مناديل ورقية يمسح بها الدموع، كتب على باطن كف يده اليسرى أنه بحاجة إلى نظارة أخرى وعلبة مناديل ورقية، قلب كفه وكتب على ظهرها وعلاجًا للنسيان.