المقالات

صاحب منصب مرموق ومركز قيادي

 

بقلم الكاتب : عبدالله العبدلي

قبل الجلوس والقيام بالمهام عليه أن يمعن النظر في الكرسي الذي سيجلس عليه ويتذكر من كان جالس قبله، أين هو الآن وما الذي أخذ معه عند إنتقاله إﻟﻰ اﻟﻤﻮت أو اﻟﻌﺠﺰ أو ﻷﺳﺒﺎب ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﺎدة وﺗﺴﻠﺒﻪُ ﻣﻨﺼﺒﺔ ، و ﺗﺬﻫﺐ اﻟﻘﻴﺎدة ﻋﻨﻪ، وﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ إﻻ ﺻﻮرة ﻋﺎﻟﻘﺔ ﻓﻲ اﻷذﻫﺎن ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺣﺴﺐ ﻣﺎﻗﺪم من عمل، فهل كان ﺣﺮيص ﻋﻠﻰ أن يكون ﻣﺜﺎلاً رائعاً وﻗﺪوة ﺣﺴﻨﺔ وأﺛﺮ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻮب و اﻟﻌﻘﻮل ؟

ﻛﺜﻴﺮ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﻋﻦ أﺷﺨﺎص ﺗﻘﻠﺪوا ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻗﻴﺎدﻳﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻏﺎﻳﺔ، و ﺗﺤﺪى اﻟﺼﻌﺎب ﺣﺘﻰ وﺻﻞ، وﻫﺬا ﻻﺣﺪود ﻟﻪ وﻻ ﻗﻴﻮد وﻟﻦ ﻳﻘﻒ أﻣﺎﻣﻪ أو ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎﻳﺮﻳﺪ شيئاً ، ﻗﺎدراً ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺠﺎح و اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻜﻞ ﻣﺎﻳﺮﻳﺪ، وأﻳﻀﺎ هناك ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺟﺌﻨﺎ ﺑﺠﻠﻮﺳﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﻘﻴﺎدة ﻻﻧﺪري ﻛﻴﻒ أﺗﻰ ﻧﻌﻠﻢ ﻳﻘﻴﻦ إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺟﺪﻳﺮ وﻟﻜن ﻗﺪ ﻳﻜﻦ إﺑﺘﺴﻢ اﻟﺤﻆ ﻟﻪ وﺟﺎءت الأقدار فيه .

واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺧﻠﻔﻪ ﻫﺬا ﻓﺴﺎد ﻫﻮ ﻣﻦ أﻋﻄﺎه حِمْلاً ﻓﻮق ﻗﺪرﺗﻪ ، وﺟﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﻨﺼﺐ ﻣﻔﺘﺮش ﻋﻠﻴﻪ ﻏﺮوره، ﻓﻤﺎ ﺿﻨﻚ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا ﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ اﻟﻘﻴﺎدة و ﺗﻮﺷﺢ ﺑﺴﻼح اﻟﻨﻈﺎم الذي يَسَخِرُه كيف ماشاء ،و بما يخدمه، ويقضي من خلاله مصالحه ﻣﺴﺘﻐﻼً اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺬي وﺿﻊ ﺑﻜﻞ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﻪ ﻟﺨﺪﻣﺔِ اﻟﻨﺎس و اﻟﻌﺪل واﻹﻧﺼﺎف ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻟﻴﻨﻬﺾ ﺑﺎﻷﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﻗﻲ واﻟﺘﻘﺪم إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﺪى ، ﻟﻸﺳﻒ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا إﺳﺘﻐﻞ ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻟﻴﻘﻴﺪ اﻟﻄﻤﻮح وﻳﻜﺴﺮ ﻣﺠﺎدﻳﻒ اﻟﺼﺒﺮ ، واﻟﻌﺰم ، واﻟﺠﺪ ، واﻹﺟﺘﻬﺎد، ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴﺮ .

وقد سمعنا ﻣﻊ “ﻫﻴﺌﺔ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﻔﺴﺎد” مشكوره ، اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب ﻣﻨﺎﺻﺐ ﻋﺎﺛﻮا ﻓﻲ اﻷرض ﻓﺴﺎد، قد نالوا جزاء فسادهم ، وولكننا مازلنا ﻧﺴﻤﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻳﻀﺤﻚ ﺳﺎﺧﺮاً وﻳﻬﺰ رأﺳﻪ وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻨﻪ ﻳﻬﻤﺲ إﻟﻴﻚ ﺑﺎﻗﻲ ﻓﻼن وﻓﻼن وﻳﻌﺪدﻫﻢ ﺑﺤﺴﺮه ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻬﻢ اﻟﺰوال فقلت له أنت وأمثالك من يختبئون وراء خوفكم، ويسترون فضائعهم خلف صمتكم ، وعندما أحدهم يسألني ماذا تستفيد لو صرخة من ألألم وتكلمة.. ؟ هل هناك من سيصدقك؟ ومن الذي سيحقق لك العدالة عند الماكرين؟ فهم يستطيعون جمع حلف معهم عليك وإخراجك كاذب ويقدموك إليه ليحدد مصيرك ويحكم بما يراه عليك، وستبقى في ضياع تائه لا تدري مايحل بك فقد تكون ضحية لسانك وقول الحق عند من لايعرف للحق حدود ، وستبقى في خوف وترقب منتظر في رعب مايحاك إليك ؟ فقد تصبح الجاني وانت المجني عليه، وسيحاول بكل ماأوتي من قوة أن تبقى في ظلام حتى تعود إليه ، وترضى بالواقع المرير وتطلب منه السماح والصفح عنك

فالقيادة بحر لا تسعه الكلمات، ومعنى يفوق الخيال ، فحاول أن لا تكون سبب بإغراق نفسك ومن معك وضياعهم إذا لم تستطيع أن تخوض القيادة بكل حكمه وحنكه متسلح بعلوم ومعارف وعزيمة متوكلا على الله ومتمسك بشرع الله وسنة نبيه في كل قرارتك ، فأترك غيرك يحمل القياده لانظلم بها نفسك ، كن ذكياً فلن تبقى وسيبقى الأثر لايمكن أن يزول، ويبقى لأبنائك ومن خلفهم مثل السواد وعند الناس حولك ستشاهده في عيونهم كل ماألتقيت بهم شي لايمكن يطاق ، ليس بالأمر السهل أن تكون قائد فذا وناجحا ومميزاً وليس بالأمر اليسير أن تسير نحو هدف التقدم والرقي والنجاح والإزدهار متوشحاً مهمة القيادة إلى أرقى درجات النجاح فلأ تعتقد أن الأمر منصب أعطي إليك لتحقق من خلاله طموحاتك .

وتستغله لقضاء حوائجك أو سلم لثراء وسلطة تحميك ، إن لم تستطيع حمل المسؤوليه والأمانة الملقاة عليك ، اتركها فالعواقب مؤلمه جدا تذكر أن الجزاء من جنس العمل لاتكن جاهلاً متجاهلا كل الأخلاقيات الدينية والإنسانية ولاتظن أن الله غافل عنك ، فمن يحاول أن يصنع له من منصبه الذي تقلده درع واقيا يقيه ويبقيه ويمد في يديه ليستفيد من ما هو عليه، فهو جاهل والجهل آفة والظلم شيئاً عظيم فكل من جهل الدين وسنة النبي الكريم فهو جاهل مهما حصد من شهادات وتقلد من مناصب ، لهذا البعض أعمى لايستطيع النظر أبعد من قدميه ، ومريض بالكبر والغرور ، ظلم نفسه وأساء إليها ، لم يحقق الواجبات والأهداف المرجوة منه .

ومن قدموا مجهودات عظيمة استطاعوا تذليل كل الصعاب، وتجاوزوا كل العقبات ، بكل همه، وصلوا إلى عنان السماء حتى كانوا مثلاً جميلا وشمعة مضيئة وسيبقى لهم ماصنعوا ،وقدموا نوٌر يبهر الأجيال جيل بعد جيل
قد علموا أن الأمانة عظيمة ولا مخرج لهم إلا النهوض بها بكل عزم وصبر وعدل وإحسان وثبات حتى نالوا وحققوا ما أخفق في تحقيقة كثير غيرهم.

 

مقالات ذات صلة

إغلاق