المقالات

التكافل والتراحم بعيدًا عن التزاحم

✍? سالم جيلان أبويزيد
************

الإنسانيةُ شعورٌ نبيل، والرحمةُ صفةٌ ربانية، زرعها اللهُ في خلقه، الأزماتُ والسنينُ العجاف ميادين اختبار، تظهرُ في معتركها معادن الناس، ويبرزُ الأصفياءُ منهم بالمكرماتِ، فينالُ الضعيفُ من خيراتِ وعطايا المقتدرين.

أصقاعُ العالم وقاراته، تعيشُ أزمةً حقيقية، قد تكون الأولى من نوعها، تعتريها المشقاتُ والمصاعب، اهتز فيها الاقتصاد العالمي، وباتت كلُ دولِ العالم ترزح تحت مايسمى بجائحة “كورونا” العنيد.

الظروفُ الراهنة جعلت الناس في أزمةٍ وضيق، حول العالم يوجد أشخاص يعملون بمقابل يومي، أعمالهم التي اعتادوا على ممارستها توقفت، والأجر اليومي انقطع، تجدهم أكثر الناس معاناةً في العالم، هنا تزداد بهم الفاقة يومًا بعد يوم، وتشتد حاجتهم الماسة لإطعام الأفواه الجائعة، فهم يعولون أبناءً ونساءً وعجزة، وتبقى قلوبهم بالله معلقة، وعيونهم لعطايا المحسنين مرتقبة… فتبدأ الحكومات بدعم الجمعيات الخيرية ورجال المال والأعمال؛ لمد يد العون لهؤلاء، المملكة حالة فريدة في هذه الجوانب الإنسانية، ولعل المواقف شواهد في الداخل والخارج، فقد قدمت وساهمت في الكثير من الدعم بالغذاء والدواء.

منذ أعوام أتابع كإعلامي مشاريع تفطير الصائمين، وتوزيع السلال الغذائية للمحتاجين، وهذا العام في ظل أزمة “كورونا” ، اقتربت كثيرًا من الجمعيات والفرق التطوعية، شاهدت وعايشت حجم الدعم الكبير لمبادرات السلال الغذائية المجانية، رافقت العديد من الفرق التطوعية، ساهمت في توزيع وإيصال هذه السلال لمستحقيها، وجدت متعة عظيمة في هذه الأعمال التطوعية، لامست فرحة واستبشار المستحقين، تعاظمت في عيناي تلك الجهود الجبارة لتوفير السلال، أدهشني إقبال المتطوعين في ترتيب السلال وتوزيعها، عرفت قيمة ومعدن أصدقاء مقربين، ساهموا في تخفيف عناء ومشقة وتعب التوزيع، مشاهد رائعة، ومواقف خالدة، بعثت في نفسي البهجة والسرور… لكنّ؛ دعاء الناس واستقبالهم للهبات شعور مختلف، استأنست نفسي، وطاب خاطري رغم العناء والتعب، فالمساهمة في تخفيف معاناة الناس وسط الأزمات شعور رائع.

بعيدًا عن مشاهد الفرق التطوعية، برز وتكرر مشهد وموقف في غاية الروعة، ترك في نفسي بالغ الأثر، وثبت لي فعلًا بأن الفقير أكثر إحساسًا بالفقراء، فالرحمة والتكافل قد تتحق بأبسط صورة، هذا ماحصل بالفعل عندما شاهدت فقيرًا يتبرع لفقير، أسرة تصلها سلة غذائية فتقتسمها مع الجيران الذين لم تصلهم السلال، الدنيا بخير، وأمة محمد عليه الصلاة والسلام خيرُ أمة، فكلما حلَّت بالأمة غُمَّة، زادت فيهم الهِمَّة، واقتسموا مع بعضهم اللقمة…. هذا الموقف حصل أكثر من مرة، مما استدعاني للكتابة عنه، استدلالًا على جانب مهم من جوانب التكافل بين الناس، لتبقى خيرية أمة محمد حاضرةً في كل مكانٍ وزمان.

إنسانية خالدة تدل على التكافل والتراحم بين المسلمين بعيدًا عن التدافع والتزاحم.

مقالات ذات صلة

إغلاق