المقالات

ليلةٌ هادئة

بقلم الكاتب : محمد الرياني

ليلةٌ لم يشهدوها وهدوءٌ غير مسبوق، في تلك الليلة ناموا بلا ضجيج، الثورُ لم يقطع الحبل ليخترقَ الليل ويهجم على البقر (المناتيج) أو يعتدي على صغارها بالنطح أو يخرّب الأسوار الهشة ثم يعود، الثورُ الأحمر اعتادوا هجماته المتكررة وإذا شكوْه إلى صاحبه في الصباح تنحنحَ وضجَّ بالضحك واختلق الأعذار وهم في غضبٍ من هذا الهائج الذي لا رادَّ له ولاناهٍ، سَلِموا في تلك الليلة من الحمار الذي تشبه قوائمه أرجل الحصان، وإذا نهق فإنَّ حمير القرية ترتعد من الخوف فهو يعضُّ بأسنانه الطويلة الحادة التي تترك آثارًا ودمًا فيها ولاتسلم منه حمير الورود على الماء أو التي تحمل العلف، مرَّ الليل بهدوء دون أن يسمعوا نهيقه المغرور ، فَحلُ الأغنام في طرف القرية بات يصيح في مربطه أول الليل ويبدو أنه دار في محيطِ وتده حتى تغشاه النوم فاستسلم، سلمتْ منه الأغنام في تلك الليلة، جاء الصباح مختلفًا، قالوا وهم يجتمعون في الميدان :البارحة سلمنا من الثور ، لاندري مابه، قال رجل في السوق: صحيحٌ؛ حتى الناهق ماسمعناه في الليل، كأنَّ فم الحمار تؤلمه، ردَّ عليه واحدٌ وأنا بنفسي ماسمعتُ حركةً للتيس الأذيّة، رقدنا البارح حتى شبعنا، نظروا حولهم في الميدان فلم يجدوا صاحب الأعلاف كعادته، تذكروا أنهم لم يروه أمس، تهامس بعض الحاضرين أنّ الجمل الذي يحمل العلف قد مات فلم يجد صاحبه وسيلةً للنقل، وفسّرَ بعضهم أنَّ الرجلَ صاحبَ الأعلاف مريض، أقبل راعي الثور ورأسه إلى الأرض يسأل عن العلف، وجاء بعده صاحب الحمار يسأل من بعيد، قال الثالث : التيس باتَ وبطنه خاوٍ من الجوع، عرفوا في الصباح أسرارَ الليلةِ الهادئة .

مقالات ذات صلة

إغلاق