فن وثقافة
قراءات متعددة لَـ رواية. الطيب “كانت سلاما فقط” .
الوطن الآن : القاهرة
حيث قال الأديب والقاص المصري سمير الفيل عن الرواية الدكتور عبدالله الطيب التي تحمل عنوان “كانت سلاما فقط أنها الرواية تتتبع تاريخ حياة محسَّد، هذا الكائن البسيط ذي الطيبة المتوارثة أباً عن جد، لكنها في الوقت ذاته توالي الكشف عن فترة ماضية من تاريخ مكان يجمع المسلمون بل والعرب على تقديسه والنظر إليه كحرم مقدس، هو المدينة المنورة. إننا نتابع الأحداث التي يدور أغلبها في مجتمع المدينة، فنشعر بعتاقة الأمكنة وبثقل التاريخ وبأزمة الشخص الباحث عن حريته حتى وهو في طور الطفولة، وتأسرنا تلك اللمحات التي تشي بمكابدات وجدانية وأزمات عاطفية وسقطات جسدية، حتى أنك تظن أن فعل الكتابة صار هو حس الحياة الخلاقة التي فيها انكسار الزمن مضفورا بإحباطات الشخصية الرئيسية الباحثة عن الأفق الأرحب، وعن الحياة التي تشع عدلاً ونورا. وإذا كانت المدينة المنورة تحضر حضوراً كلياً فقد رأيناها من الداخل، السري، الساحر، من خلال عين السارد اليقظة، الواعية، معبرة بكل صدق عن حيوية وفاعلية عالم الروح.
مسار النفس
وأضاف الفيل ان النغمة المائزة في هذه الرواية هي تمكنها من التوغل في مسارب النفس البشرية المعقدة، فتقدمها لنا بدون تزييف أو تجميل أو محاولة إخفاء ما قد تتعرض له تلك الشخصية من ملابسات ومنحنيات وعثرات، تلوح من بعيد كنقائص بشرية لا يمكن تخيل الحياة بدونها.
اللافت للإنتباه في الرواية نبرة الحكي التي تتصاعد رويداً رويدا، حتى تتورط في تفصيلاتها الشيقة فإذا أنت داخل دائرة القنص السردي محملاً بالدهشة وببراءة الأيام العتيقة الفواحة بعطر الأحباب أينما ولوا وجوههم.
اهتمامات ورابط انسانية
من جانبة قالت القاصه والروائيه فاطمة الناهض من دوله الامارات العربية المتحدة ان هذه الرواية جميلة ومختلفة تماما عما نقرأ. حيث تكشف لنا الرواية تفاصيل مدهشة عن عالم فريد تدور فيه الاحداث كما لو كان الكاتب يحركها بين أصابعه.. تسرد لنا الحكايات الصغيرة التي نمت في غفلة من الوقت، هائمة في المنعطفات.. تهفو لمن يوقد قناديل الحكي ويحررها من تجوالها الأبدي، والعوالم الساحرة للمدينة المنورة التي تتجول فيها الوقائع، وخصوصية الروابط الإنسانية التي تجمع هذا الموزاييك الغريب من البشر، وتقلبات حياتهم وإنقلاباتها، يجعل من الرواية توثيقا إنسانيا فريدا لتاريخ المكان. حواري المدينة المنورة بخليطها الإنساني المدهش القادم من اعراق مختلفه، تختلف حتما، وتتفرد.. وتدهش.
تراث المدينة
وأضافت الروائية الناهض ان الرواية تحمل في أيامه فضائل المكان، وخصوصيته، ثم ينفصل عنه مرتين.. مرة الى مجتمع أكثر تمدنا ووحشة، للدراسة.. ثم آخر كوزموبوليتاني عالمي للتدريب.. ساحباَ خلفه تاريخا من التجارب المرّة حينا، والسعيدة حينا آخر، دون أن تغادر قلبه المدينة المنوّرة .
سوف تعلق هذه الرواية في الأذهان لأسباب كثيرة.. لكن سيتذكرها القراء على انها حفظت تراث المدينة المنورة الإنساني في سردية غير عادية، حرصت على لملمة كسر التاريخ الشخصي لكل فرد في الحارة المدينية، ورشق مصائرهم المتشابكة، في لوحة هائلة توسطها محسد بمحبة فادح.. ودون أن يأخذ فيها دور البطولة المطلقه .