المقالات

غاليتي تسأل عن ” غالية ” .

✍? سالم جيلان أبو يزيد
الجمعة ٢ ربيع الثاني ١٤٤١هـ
————–

الأحوال المادية من حيث الاستطاعة أو الكفاف تتفاوت ففي الناس أغنياء ومنهم فقراء وكما نعلم جميعًا بأن ” المال” هو عصب الحياة وتوفره من عدمه يتحكم بمعيشة ابن آدم من ذكرٍ وأنثى…. هذا الأمر يجعلنا نتداول بكثرة لفظين دارجين وهما غالي، رخيص حسب مقتضى الحال ولكن؛ في حالات معينة قد يقع في نفس أحدنا أثرُ ما جراء التلفظ بهذه الكلمة إما في اليُسر أو العُسر تبعًا للوضع المالي وفي المقابل بعض الألفاظ تنشأ منها حكاية قد تبقى عالقةً في ذهن ناطقها أو لدى المتلقي سامعها.

اعتدنا أن نذهب في نهاية الأسبوع وتحديدًا في أحد يومي الإجازة الأسبوعية للنزهة مع الأسرة الكريمة ليقضي الأبناء ذكورًا وإناثًا بعض الوقت في الفسحة والتنزه بحكم أعمارهم الصغيرة دون البلوغ فهذا الأمر يجعلهم يشعرون بالسعادة ويعودون لمقاعد الدراسة كل صباحِ أحد وهم في نشاطٍ وزهو بعد الاستمتاع بالويكند الجميل.

الفترة الأخيرة شهدت بعض ” التقشف” والزهد في عدد من مجالاتنا المعيشية حالنا في ذلك حال الكثير من الناس بحكم الأوضاع الاقتصادية التي تجتاح العالم بأسره ولذلك قد يمضي الأسبوعان والثلاثة دون نزهة أو فسحة وعندما نخرج نكون أكثر حرصًا في عملية الإنفاق تحسبًا لأي طارئ.

ذات أسبوع وخلال إحدى نزهاتنا وبعد أن أكلنا وتناولنا القهوة والحلى لتكتمل سنابات الأسبوع أخذنا جولة تسوق قصيرة لشراء بعض الملابس للصغيرة وآخر العنقود بحكم اقترابها من بلوغ الشهر الثامن دون أن تتغير ملابسها أو تكتسي ملابس جديدة ولحلول شتاء الناموس في منطقتنا الحبيبة… بدأنا التجول ومعنا ” الغالية” سديم ذات الأربعة أعوام تراقب المشهد عن كثب وتستمع بكل انتباه لكل حديث أو كلمة تخص الصغيرة التي تزاحمها بل وزاحمتها على مكانتها في الأسرة واحتلت آخر العنقود بدلًا منها.

فجأة وقعت عينا “سديم” على لعبة فأمسكت بها مطالبةً بشرائها فقالت لها أمها اتركيها فغضبت وهي تردد كعادتها (( لا، لا)) فكررت الأم عليها وقالت لها هذه ” غالية”… هنا تساءلت الصغيرة عن معنى هذه العبارة وبكل براءة الطفولة قالت كيف غالية؟ وماهو يعني غالية؟!!!

أخذتني العبرة وذهب تفكيري بعيدًا جدًا وسرحت بأفكاري وهم حولي ولم أستطع في ذات الوقت شرح المعنى لها إنما واصلت التفكير في حال الفقراء والمُعدمين وكيف يتعاملون مع متطلبات الحياة واحتياجات الأطفال؟؟ وماذا يفعلون لكبح جماح الرغبة لدى هذه الفئة الغالية عندما تزداد رغبتهم في اقتناء الألعاب والهدايا؟

التساؤلات في هذا الجانب لا حدود لها فقط نحتاج وضع حدود لمصروفاتنا وتقنين مشترياتنا من الضروريات حتى نتمكن من تأمين أبسط أدوات اللهو والترفيه لأطفالنا في ظل الطفرة الترفيهية رغم الشح المالي العالمي ومن جهةٍ أخرى علينا الشعور بحال المحتاجين والفقراء من حولنا ومراعاة ذلك في تعاملنا معهم.

غاليتي الصغيرة كانت تسأل وتستفسر عن معنى كلمة ” غالية ” وأرسلت في داخلي الحزن والألم رغم براءة السؤال إلا أن عقلي تحول لأشلاء جراء التفكير الذي جعل من الاستفسار حكاية ألم تمخضت عنها قصة ومقال جراء مجرد سؤال.

مقالات ذات صلة

إغلاق