المقالات
جامع الزهراني ومنارة الخير المتصل
بقلم / خالد السقا
بذل الخير واستمراره من سمات الأنقياء الذين حببهم الله تعالى إلى الخير وحبب الخير إليهم، وهم نموذج يقدم القدوة للأجيال في عمل الخير والإحسان والبر الوطني والمجتمعي من خلال ما يفعلونه من أعمال تظل خالدة في الذاكرة المجتمعية والوطنية، فضلا عن الثواب والأجر الذي يعطيه الله لمن شاء من عباده الذين يخلصون العمل حبا وطاعة لوجهه الكريم.
لعلنا نقف على كثير من أعمال الخير والإحسان التي يقوم بها رجال البر والعطاء بيننا، ولكن بعضها يظل عالقا في الذاكرة من واقع أنها استمرار لخير متصل، وحلقة من حلقات الخير والعمل الإنساني النبيل الذي لا يرغبون أو يريدون الحديث عنه، ولكننا كمجتمع يعترف بالفضل ويرد الخير إلى أهله ويشكر القائمين عليه، نقف عنده لتوثيقه للأجيال لأنه جزء من مدرسة خيرية وإنسانية عظيمة نستلهم منها ما يحفز أبناءنا على مواصلة مثل هذه الأعمال الرفيعة.
مؤخرا افتتح وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، جامع سعيد بن رداد الزهراني بمدينة الدمام بالمنطقة الشرقية، وهو كما في الأخبار والحقيقة والواقع تحفة معمارية رائدة من أكبر الجوامع في مدينة الدمام، وهو أكثر من جامع إذ يمثل مؤسسة دعوية متكاملة حيث يتسع لأكثر من 2500 مصل، وتم بناءه على مساحة تصل إلى نحو 7 آلاف متر مربع، ويشمل سكن للإمام والمؤذن، وسكن لمهندسي الصيانة والتشغيل، ومكتبة إسلامية، وقاعة للمحاضرات، ومركز لتحفيظ القرآن الكريم ومغسلة موتى.
بناء هذا الجامع تم على طراز حديث يستوعب ما يوفر لكل مرتاديه للتعبد والذكر أفضل سبل الخشوع والراحة، حيث تمت تهيئته بمداخل للمعاقين وكبار السن وكذلك مخارج للطوارئ، وذلك وفق نظام كود البناء السعودي والأبنية الصديقة للبيئة، كما تم تزويد المبنى بعدد أربعة مصاعد كهربائية إلى جانب استخدام الإنارة الذكية المرشدة للطاقة.
لا نريد أو نسعى لتزكية رجل الأعمال سعيد بن رداد الزهراني على الله، ولكن ما قدمه من خلال هذا الجامع جدير بالشكر، ويستحق لمسة وفاء لأبناء هذا الوطن الغالي الذين يعملون الكثير لتحقيق التكافل المجتمعي وإثراء العمل الخيري بمثل هذه المنجزات التي ينفقون عليها بسخاء ابتغاء لوجه الله الكريم المتعالي، ونحن لا نملك سوى الدعاء له بان يتقبل الله منه هذا العمل الجليل الذي يعزز الخيرية في مجتمعنا، ويقدم جانبا إضافيا من جوانب العمل الذي يثري النفع العام في بلادنا.
ولطالما كان الشيخ سعيد الزهراني حاضرا بخيره، ويتدفق بعطائه في جميع مجالات العمل الخيري، ولولا افتتاح هذا الجامع لكان هذا الصرح العظيم من السر الذي يحرص عليه في تقديم الخير، وإننا إذ نتناول ذلك، إنما نؤكد لأجيالنا أن أمثال هؤلاء القدوات الصالحين هم النموذج والمثال الذي يجب أن يتخذوه عنوانا لكل خير يبذلونه، وعطاء يقدمونه للإنسان في داخل بلادنا أو خارجنا، فالخير لا يأتي إلا بخير، والعمل الصالح يصبح تاجا على رؤوس من يفعلونه، والله وحده يكافئ الشيخ الزهراني، أما نحن فنرفع الأكف لله سبحانه وتعالى أن يتقبل منه وأن يجعله في ميزان حسناته، فقد كفى وأوفى.