المقالات
قصائد العصافير
بقلم الأستاذ: محمد الرياني
الصيف في جنوبنا حارٌّ جدًّا، الشجرٌ واقفٌ لايتحرك؛ لدرجة أن أصغر ورقة به ثابتة في مكانها، ولايستهويها الرقص كما كانت تفعل مع النسائم، تكاد تموت واقفة، ما أشد الحرَّ في صيف اختفتْ فيه كل أشكال الحركة! ذاب السحاب وسط السقف الأزرق العالي الذي بدا صفحة زرقاء رائعة على الرغم من الحرارة العالية، أسأل نفسي! ماسر هذا الحر الشديد الزائد عن حده اليوم؟ استسلمتُ لهواء غرفتي الباردة، لأول مرة تنجذب أذناي نحو صوتِ جهاز التكييف الذي ارتفع مع موجة الحر، استمتعتُ بالهواء البارد، انتصف النهار ورأيتُ من الشباك كم هي الشمس قريبة جدًّا وتكاد تقترب من كوكب الأرض، أشفقتُ على الجهاز العجيب الذي يصارع الحر الشديد ليمنحني السعادة، أعدتُ ستارة الشباك إلى مكانها، اتجهتِ الشمسُ بعيدًا عن المنتصف، لاح في الأفق سنا سحابة وديعة بدتْ ضائعة في السماء، تركتُ الستارة مفتوحة لأرى هذه السحابة تحلق مثل عصفور وديع تائه، جاءت من جهة الشمال سحابة أخرى، تقاطر السحاب المثقل بالمطر من كل مكان، أعدتُ ستارة الشباك كي أنتظر مفاجأة السماء، انخفض صوت التكييف في الغرفة، ازدادتْ برودة الغرفة، تركتْ أذناي الانتباه إلى صوت المكيف البارد، اتجهتْ إلى صوتِ المطر الغزير البارد وقد انهمر على الشباك القريب، فتحتُ الستارة لأرى الزقاق القريب وقد امتلأ بالماء، جاءت العصافير لتشرب وتزيل الحرارة التي سكنتْ في الصيف، نظرتُ إلى السماء وقد منحتِ الأرضَ زخرفها، أطفأتُ جهاز التكييف، فتحتُ الشباك كاملًا لأرى الجمال الذي حل في الصيف بعد موجة الحر، بدتِ العصافيرُ أكثرَ سعادة مني، كانت تضع مناقيرها في الماء البارد، شككتُ في أنها تكتب قصائدَ شعرٍ على سطحِ الماء.