المقالات
دموع
بقلم : محمد الرياني
أشياء كثيرة تذكرني بها ؛ الرصيف الذي جمعنا يوما لننتقل إلى الطرف الآخر من الشارع ، اللون الواحد للسيارتين اللتين أخذتنا بعد انتظار ، البوابتان المتقابلتان اللتان تحملان نفس التصميم ، ليلة الفرح التاريخي التي جمعتنا ، منزلنا الأبيض كنقاء قلبينا ،أدوات المطبخ التي كنا نتعمد شراءها لتناسب ذوقينا ، الألوان التي تكسو حجراتنا والتي تشبه ألوان الحقول ، أصوات الصغار في البيت كما عصافير الصباح ،ذكريات كثيرة تجمعنا ، حدثتها وهي واقفة وكانت مستعجلة وبيدها محتويات الغداء لذلك اليوم ، قلت لها : ضعي كل شيء ليوم آخر ، استجابت ، أعادت كل شيء إلى مكانه ، أشرت إليها أن نأخذ الأولاد ونمضي معا ، قالت إلى أين ؟ قلت لاتستبقي الأحداث ! تركنا كل شيء ؛حتى سيارتنا التي تقف في ظلها لم نلتفت إليها ، سألتني : هل سنمشي؟ قلت نعم . ذهبنا إلى الرصيف القديم ننتظر سيارة كأول لقاء ، الرصيف الجديد يبدو جميلا وعليه زهور بيضاء وحمراء وصفراء ، هذه المرة جمعتنا سيارة واحدة ، الجو كان لطيفا ، فتحنا نوافذ السيارة لنرى الحياة بعيون طبعنا ، كنا نبتسم كما لو كنا في أول الشباب ونحن نصور الجمال ، أشرتُ إلى السائق أن توقف ،دخلنا مطعما عائليا أنيقا ، اخترنا طاولة دائرية ونحن ننتظر وجبة الذكريات ، أخرجتُ ألبوما يحكي تفاصيل العمر الماضي ، كانت مفاجأة لها أن ترى صورة الرصيف الأجرد الذي أضحى حديقة للمشاة ، والبوابات التي المتقابلة في حيّنا التي تزينها أشجار النخيل ، برَدَ الغداء أمامنا ونحن نتذوق ملح الدموع ، اكتفينا بإخراج المناديل وحولنا صغار لم يقفوا بعد على الرصيف.