المقالات

من نجح ومن رسب في اختبار غزة ؟

بقلم الأستاذ : علي الجبيلي

اسمحوا لي أن اتساءل عن تجربة الإعلام العربي في أحداث غزة الأليمة هل نجح أم فشل إعلامنا العربي في هذه التجربة ؟!

صحيح أن التغطيات المواكبة لهذه الأحداث تنطلق من توجهات الدول فهناك دول متوازنة وواعية في تقييم الأمور والمآل والحال واستشراف واقع المستقبل بموضوعية أكثر .

في المقابل هناك دول متأثرة بالنهج الإخواني بكل تبعاته ومآسيه وهناك دول متأثرة بالمد والمنهج الصفوي الذي يحركها وفق أهوائه وتبعاته كيف شاء وهي امتداد للفكر الصفوي وتتقاطع معه في النهج والأهداف بضرب السنة وتشتيت وحدتهم بأيديهم أو بأيدٍ مستعارة أو مستأجرة أو موجهه ومتفق عليها .

فهذه قراءة متواضعة لتوجهات الإعلام في الدول العربية وفقًا لهذه المعطيات والمنطلقات والأهداف ..

نأتي للطرح الإعلامي :

فبالرغم من أن أجهل شخص فينا بالواقع يعلم يقينًا منذ بداية الأحداث أن حماس قد ارتكبت خرقًا أحمقًا بحق أهل غزة والشعب الفلسطيني والقضية برمتها وأن هذا الفعل الأخرق والأحمق هو شرعنة كاملة للعدو الإسرائيلي ومن خلقها أمريكا والغرب لمسح هوية القضية الفلسطينية وطمس معالمها لأبعد حد ممكن وهذا ما رآه وشاهده العالم .

ولم تستطع أي قوة بعد أو جهود مبذولة لوقف حرب الإبادة هذه التي تضرب عليها القنابل والصواريخ وبالحديد والنار على الشعب الأعزل المضطهد بحجة محاربة حماس والقضاء عليها والقصد هو القضاء على أكبر عدد ممكن من الفلسطينين ومحاولة تهجيرهم من أراضيهم تحت هذه الذرائع في المستشفيات والمدارس والبيوت وحيث يهربون أو يلجأون ..

إذاً لم تكن محاربة حماس هي الهدف والقضية فحسب بالنسبة لهم فقد أغمضت الدول العربية المتزنة والمتعقلة أعينها قليلا عن توريط حماس شعبها في هذه الكارثة البشرية والأخلاقية البشعة التي لحقت بأهالي غزة بسبب ذلك وبسبب أخذ إملاءات المغامرة الفاشله من أطراف لا يهمها أساسًا حل قضية هذا الشعب المغلوب على أمره ،

وانطلقت مجموعة الأربع ثم الثمان بقيادة المملكة لحشد كل القوى الضاغطة والمؤثرة لوقف هذا العدوان والإنتصار لأهل غزة.

وبالتالي الطرح الإعلامي العربي وخاصة عبر القنوات الإعلامية العربية لم ينصف ولم يواكب هذه الجهود وخاصة بعد استضافة المملكة لعدة قمم عربية وإسلامية ودولية لأجل انقاذ غزة وأهلها وكانت تغطياتها ضعيفة وخجولة ومحبطة في الوقت نفسه .

الأمر الآخر لا يزال الإعلام العربي يخاطب نفسه فقط ، فهو يوجه تغطياته للحرب للمشاهد العربي الذي أصبح متبلد الشعور مما يرى ويشاهد من أحداث مؤلمة ومحزنة يندى لها الجبين خجلاً وعاراً .

وكنا نتمنى من هذه القنوات وكلاً من الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها أن تترجم هذه المشاهد الأليمة بكل لغات العالم وتمول حملةً وحرباً إعلامية في المشرق وفي كل المؤسسات الدولية والقنوات والصحافة العالمية ضد مجازر وفظائع القتل من دولة إسرائيل وأعوانها ضد شعب أعزل جائع وعلى وشك الهلاك والإنقراض من هذه الحرب والحصار والتجويع .

فشعوب العالم برمتها متعاطفة معنا كعرب ومسلمين تباد طائفة منا في فلسطين تحت ذرائع مضللة ، ويمكن أن يشكل الرأي العام الدولي قوة ضغط شعبية ورسمية ضد القوى الكبرى الداعمة لحرب الإبادة هذه مع المقاطعات الإقتصادية والتنازل عن معاهدات مشتركة وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني لمن ترتبط معها بعلاقات دبلوماسية أو تجارية أو تنسيقية والتي للأسف وفي جانب آخر لا زال بعض الإعلاميين العرب وكبارهم منقسمين ويتساءلون هل قتلى غارات الصهاينة وطغيانهم على أهل فلسطين شهداء أم لا ؟!!

هل قتلاهم في الجنة أم في النار؟!!

وهل حماس مصيبة أم مخطئة ؟!!

وهل تنك براميل الحوثي العابرة لمسار البحر الأحمر مؤثرة على فعل إسرائيل أم أنها بربقندا أو فرقعات إعلامية كالعادة لميليشيات تحكم بعض البلدان والشعوب بأمر من الآخر الموجه العام فإذا ورطتهم رفعت أيديها عنهم وقالت لا علاقة لنا بأفعالهم !!!

وهناك في الجانب الآخر من  يريد دفع دول عربية للتورط ..

لماذا لم يتسآءل هؤلاء عن أحزاب المقاومة والممانعة ؟!!

أين فيلق القدس وقوات أحمد جبريل التي تنوف على ٧٠ ألف من الفلسطينين في الشام التي فتكت بالشعب السوري خاصة السُنة منه وحتى فلسطيني المخيمات في دمشق وضواحيها أليس هذا وقتهم ؟؟

أين قوات الحشد الشعبي في العراق وسوريا الموالية لإيران التي فتكت بأبناء الشعبين ؟؟

أين صواويخ الببغاء حسن زميرة ؟

أين قوة الحوثي التي يتنطع بها ليل نهار؟؟…

بل أين فزعة رئيس فلسطين في وضعيته الحالية محمود عباس وقوات الأمن لديه التي قد تناهز الـ٩٠ ألف مقاتل أو أكثر في الدفاع عن أبناء غزة وحتى أبناء الضفة الذين يعتدي عليهم الجيش الإسرائيلي وقطعان المستعمرين ويقتلهم ليل نهار تحت سمعه وبصره وقوات حمايته الأمنية ؟!!

لا أحد يلوم السعودية ومصر بعد ذلك فقد فتحت المملكة خيراتها وأبناءها من البر والبحر والجو لإغاثة غزة وأهله فلسطين كما هو دأبها وديدنها وقامت بجهود دبلوماسية عاليه على كل الأصعدة ومع كل القوى الكبرى وداخل المنظمات الدولية لأجلهم .

فهل بعد هذا كله نجح الإعلام العربي أم رسب في رسم الحقيقة وإيصالها لكافة أنحاء المعمورة لأجل نصرة أبناء غزة الكرام المغلوب على أمرهم ؟!!!!

مقالات ذات صلة

إغلاق