المقالات

نبوغٌ ثقافيٌّ وعلميٌّ منذ الصِغر.   

بقلم : مهدي السروري

 

جبران سحاري

نبوغٌ ثقافيٌّ وعلميٌّ منذ الصِغر.

 

عشِقَ الشعر والثقافة قبل أن يتعلم القراءة والكتابة من خلال سماعه للمذياع وهو في سن الخمس سنوات فكان يسمع الشعر ويصُوغُ على غِراره أبياتاً شعرية.

لم يتوقف عن القراءةِ لعدم وجود الخدمةِ الكهربائية بقريته ،

فعلى ضوءِ الفانوسِ والإتريك،

وفي مكانٍ شَحَّ فيه الكتابُ،

تجدهُ متشبثاً بالمعرفةِ والتحصيلِ العلمي مُنذُ الصِغر في قريتِه سَحّار، القابعةِ بين جبالِ العارضةِ بمنطقة جازان.

هذا هو الدكتور جبران بن سلمان سحاري،

الذي ضَعُفَ بصْرُهُ من القراءةِ،

ولم تضَعُف هِمتُهُ وعزيمتُه عن القراءة.

كان يحملُ همَ خدمةِ أهلهِ، ومهنةِ الرعي في قريتِه، لأن بها مصدرَ رزقِه.

ولكنهُ يمارسُ عِشقَهُ للقراءةِ غيرَ تاركٍ لها ؛

فكان يرعى الغنمَ وبيدِهِ عصا يهُشُّ بها على غنمِه، وفي اليدِ الأُخرى كتابٌ يقرأه.

إنها العزيمةُ والإصرار،

لتخطي العثرات،

وتحقيقِ الأهدافِ والرغبات.

فكان مولَعاً بالقراءةِ مُنذُ الصِغر ،

شغوفاً بالاطلاعِ على الكتب ،

مُحباً للثقافةِ والأدب،

غيوراً على وطنِه،

مُتَيَّماً بالعلمِ وسُبُلِه ،

حارساً للُغةِ العربيةِ الفصحى،

وحاملاً همَّهَا،

كاشفاً عن سرِ جمالِها وسموِها على جميعِ لغاتِ العالم.

أبحرَ بنا في عالمِ اللغةِ العربيةِ والتاريخ والفقه والأدب الفسيح من خلال مؤلفاته وأبحاثه ومحاضراته والندوات التي شارك فيها .

بكلماتِه يرسمُ عِشقَ الوطن،

لأنه يرتسمُ على خارطةِ الوطنِ وفاءً وتضحيةً وإبداعا.

فبِكلِ كتاباتِه شعراً ونثراً يزهو بالوطنِ إلى قِمَمِ المجد.

لأن حُبَ الوطنِ يجري في دمِه.

وقف سداً منيعاً للدفاع عن دينه ووطنه، سائراً على الكِتاب والسُنة بفهم سلف الأمة وطاعة ولاة الأمر والدعوة بالحكمة والموعظة

الحسنة.

رد على طوائف البدع والأحزاب المنحرفة

مايُثيرون من فتنٍ وضلالات وأباطيل وشُبهاتٍ أضرَّت بأمن الوطن واستقراره ووحدة الأمة الإسلامية، وذلك في برنامج ( اعتدال) بقناة الرسالة الفضائية،

وفي العديد من البرامج في القنوات الفضائية والصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي.

يتمتع بسرعة البديهة في المواقف المفاجئة وغير المتوقعة.

أينما وُجِدَ يخطفُ الأنظار،

تميز بمَلَكَة الحفظ وقوة الذاكرة،

يبْتَكِرُ الحلولَ لأي مشكلة تُواجِهُهُ أو يُستشار في إيجاد الحلول لها.

فصيحُ اللسان،

وبليغُ القول،

يملك مفردات لغوية غزيرة،

فهو متواضع مع الناس،

مألوفٌ من قبل الآخرين،

كريم السجايا،

ونبيل الخلق،

محبٌ للتَصَالُح ،

ومقاطعٌ للمُشَاكَسةِ

والخِصام،

فمنذ صِغره وهو يأتي بالبدائع،

مثابرٌ في الحياة منذ الصِبا،

فللبداياتِ دورٌ هامٌّ في تشكيلِ شخصية الإنسان،

فهي نقطةُ انطلاقٍ نحو النجاحِ وتحقيقِ الذات.

ولكلِ إنسانٍ مسيرة،

ولكلِّ مسيرةٍ هدفٌ يُسعى لتحقيقه من خلالها.

هذا ما كانَ يعملُ به الدكتور جبران بن سلمان سحاري،

الذي سعى لتشكيلِ كِيانِه منذ الطفولة.

فكانت شمسُ طموحاتِه لا تعرف الغروب.

تجاوزَ تحدياتِ طريقِه بتوكله على الله تعالى ثم بعزيمة لا تلين في وجه الصعاب،

بل كانت قاهرةً لكل العقبات.

فالإخفاقُ في حياة الدكتور جبران لا يلبثُ أن يتلاشى وإن حصل فهو استراحةُ محاربٍ يتحينُ العودةَ بصمود يكتسح العوائقَ.

فاستخلصَ الحِكم من سنينَ ماضية،

فعبَرَ الطريقَ باستفادته من العِبر،

فمنذ بداية مسيرته كان يُدركُ أن لديهِ متسعاً من زمنِ الآمال،

ليكونَ أديباً ومفكرا،

فاستطاع أن يتعلمَ من كل شيءٍ يمر به في حياته،

فكان لا يشبعُ من المعرفة والعلوم،

بل سعى جاهداً لزيادة رصيده المعرفي والعلمي.

نال العلومَ والشهاداتِ العُليا،

فتشكلت لديه ثقافةٌ واسعة،

واتسعت مداركهُ

فنَمَتْ لديه الأفكارُ التي تعكسُ مخزونَهُ المعرفيَّ والأدبيَّ والعلميّ،

فكان يُدركُ أبعادَ طريقهِ الذي يسيرُ فيه،

سيرته حافلةٌ بالإنجاز والعطاءِ المميز،

كتبَ الشعرَ وهو في الصف الرابع الابتدائي وعُمرهُ عشر سنوات،

انبهر معلموه وأساتذته في المراحل الدراسية الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية بشدة نباهته وفكره النير.

فهو بوتقةٌ انصهرت فيها كلُّ المواهبِ والقدرات،

كان اليأسُ في حياته هباءً منثورا،

فتوكلَ على الله العلي القدير وعانقَ الهِمةَ وارتقى بجبال الطموح إلى قمم الصروح،

واتجهت بوصلتُه نحو العِلمِ والثقافةِ والمعرفةِ والأدب،

لأنه يَعْلمُ أن الثقافةَ تعملُ على تنميةِ المجتمعِ وبناءِ الشخصيةِ،

ويعي أهميتَها الكبيرةَ في نهضةِ الأمم وحفظِ الأوطانِ والشموخِ بالإنسان.

كتَبَ ألفية تزيد على ألف بيت في القراءات العشر المتواترة.

وحفِظَ كُتب الحديث النبوي الستة.

وحفِظَ أربعين ألف بيت من الشعر من دواوين ومعلقات

ومنظومات وألفيات وأراجيز ومقطعات.

جبران سحّاري،

حضورهُ قوياً،

ومُجالستَهُ غنيمةً،

يستندُ على الحُجَّةِ الدامغة في نقاشه،

فجِدالهُ يتسمُ بالهدوء،

ولأنه عاشقٌ للخِطابة ويملك مهاراتِها وحافظٌ للقرآن الكريم بالقراءات العشر في سن مبكرة أصبح إماماً لمسجد وخطيباً لجامع بمدينة الرياض،

ترك لنفسه بصمةً إيجابيةً لدى الناس،

ولجَ إلى نفوس القُرّاءِ،

لأنه واسع الاطلاع وكتاباتِه رَصِيْنَة،

وإلى نفوس المشاهدين والمستمعين لأنه

غَزِيرُ العِلْمِ وطريقةُ حديثِهِ جاذبه.

يدحضُ الادعاءَ بالبيانِ الجامعِ،

والبرهانِ الساطع،

حديثهُ لا يُمل،

قَدّمَ العطاءَ العلميَّ والثقافيَّ الوفير،

تَلْقاهُ دائما منافحاً عن دينه ووطنه،

أثرى المكتبةَ الإسلاميةَ بمؤلفاتِه العديدةِ والمتنوعة.

لم يلتفت للكسب المادي من وراءِ عِلمِهِ وثقافتِه،

بل كان يسعى للثراء العلميِّ والثقافيِّ والمعرفيّ،

وإشباعِ نَهَمِه العلمي والثقافي،

فطالبُ العلمِ لا يشْبَعُ نَهَمُهُ،

فهو لا يستغني عن القراءة،

والبحثِ العلمي،

فهي طعامهُ وشرابُه،

صباحَ مساءْ،

فإن ابتعد عنها باتَ كالسمكةِ خارجَ البحر.

لا يعرفُ الراحةَ لتحقيقِ مَرَامِهِ.

يتوقدُ حماساً لرسمِ ملامحِ مستقبلِه العلميِّ والأدبيّ.

مسرِعٌ في خُطاهُ صوبَ هدفه.

مُنذُ صِغَرِه وهو لا يعرفُ الفراغ،

وكَبُرَ وكَبُرت معهُ طموحاتُه وتطلعاتُه ،

فازدادت أعمالُه

ومسؤلياتُه،

ورغم أن وقتَه مليىءٌ بالمشاغلِ والمهام.

إلا إنه جابراً خواطر الناس، ومضمداً جراحاتهم.

لا يتوقف عن مساعدة الآخرين.

مانحاً وقته وماله لتقديم العون لمن يحتاج له.

ورغم التزاماته الأكاديمية والثقافية والأدبية والإعلامية والاجتماعية والأُسرية تجده يسارعُ للأعمال الخيرية والإنسانية بلا تردد.

فهو أنموذجٌ يُقتدى به،

وهو ذلك المواطن الذي يفتخر به الوطن ويتباهى به المجتمع.

أسس مدرسة الميزان للنقد الأدبي في المعهد العلمي بالرياض عام ١٤٢٤هـ وهو طالب في الصف الثالث الثانوي بالمعهد وجعل معلميه أعضاء وأساتذة في هذه المدرسة.

ولأن طلبَ العلمِ من أهم غاياته،

وحبَهُ للبحث العلمي ملاصقٌ له منذ الصبا ،

حصل على شهادة البكالوريوس تخصص فقه،

ثم حصل على درجة الماجستير في الفقه بعنوان :

( المسائلُ الفقيةُ التي اُستُدِلَّ عليها باللغةُ العربيةِ في أبوابِ العبادات)

كما حصل على درجة الدكتورة بعنوان :

( الأحكامُ الفقيةُ المتعلقةُ بالأدبِ العربيِ ونوازلِه)

وكُلُها من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

حاصلٌ على شهادة الدكتوراه في ( اللغةِ الشعريةِ والأدواتِ البلاغيةِ والصوتيةِ في كتابِ سيبويه – دراسةٌ تحليليةٌ نقدية).

ومُنح دكتوراه فخرية في خدمةِ اللغة العربية.

حاصلٌ على براءةِ اختراع في جهازِ التصحيحِ اللُغوي مسجلةً بمدينةِ الملك عبدالعزيز للعلومِ والتقنية.

هو عضوُ هيئةِ التدريس بجامعةِ الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

والمشرف العام على التبادل المعرفي والتواصل الدولي ودبلوم التوجيه والإرشاد التربوي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

ومؤسس ومشرف عام على ملتقى شعراء جازان.

وعمل مستشاراً في عدد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية غير الربحية.

كما عمل مستشاراً لعدد من رجال الأعمال ووجهاء وأعيان المجتمع.

وهو رئيس النشاط الثقافي لملتقى أبناء منطقة جازان في الرياض.

ورئيس النشاط الثقافي لفريق مشاة الفجر بالرياض.

وشارك في العديد من برامج القنوات التلفزيونية الفضائية والإذاعية، وأعد حلقات إذاعية في الإذاعة.

مثّلَ المملكة العربية السعودية في ندوات ومؤتمرات خارجية،

شارك ببحوث وأوراق عمل في عدة مؤتمرات داخلية وخارجية،

عضوٌ في العديد من الجمعيات والمؤسسات والمنتديات الأدبية والاجتماعية والعلمية محلياً وعالميا.

شارك وقدّمَ وأدارَ عدة محاضراتٍ وندواتٍ وأمسياتٍ أدبيةٍ وثقافيةٍ ومؤتمراتٍ علميةٍ داخِلَ المملكةِ وخارجَها .

قدم العديد من البحوث والمشاركات الأكاديمية وأشرف على عدة لجان بحثية أكاديمية في الجامعات السعودية والعربية.

ورغم أن عُمره لم يتجاوز أربعينَ عاماً،

فقد ألّفَ مئةَ كتابٍ منها أربعون كتاباً مطبوعاً والباقي تحت الطبع.

فمهاراته وقدراته أكثر من أن تُحصر،

له من الصفات الحميدة والخِصال الحسنة الكثير والكثير.

وهذه إِلْمَاعَة موجزة عن سيرته،

والحديث عن عطاءاته

وإسهاماته العلمية والأدبية يتطلب كتباً موسعة غير هذا المقال المختصر عن سيرته ومسيرته المُشَرِّفة،

ولقد أنجب وطنُنَا المِعطاء أمثالَ جبران سحاري الكثير،

الذين يُعَدُّونَ ثروةً وطنية.

مقالات ذات صلة

إغلاق