المقالات

‏النمطية والقولبة

 

التفكير النمطي هو: الفكر المعتمد على الأفكار الجاهزة المجمدة، التي خضعت لمقاييس الجمود، وتم تعليبها وفرض العمل بها، ثم تميزت بعض الجماعات بجودة التعاطي مع هذا المنتج، وألبسته لكافة أعضاء المجموعة، وأصبح من صفاتها المميزة بها؛ فكانت القولبة، والتي هي خضوعك لمقاييس الجماعة على حساب فرديتك.

هذا عرفناه وخضعنا له، وسعدت حياتنا بجمال موروثاتنا، وثبات قيمنا؛ فقد كنا ننشد رضى الكبير، ونستمع له احتراما، وهو ينصحنا حبا، ولا يبخل بالرعاية الحانية.

ومع مرور الزمن وتطور العالم ظهرت تلك الأصوات التي دعت للتفكير اللانمطي؛ فنادت بأحقية الفرد بأن يكون هو وليس هم، ويقول: أنا وليس نحن.

فما هو هذا التفكير اللانمطي الإيجابي؟

هو: نشاط عقلي إبداعي يبحث عن الأصالة مؤمنا بقناعة التغيير.

أما التفكير اللانمطي السلبي الذي ظهر لنا، فهو الدعوة للتفكير الخارج عن الموروث والعادات. هنا نحتاج إلى إعادة التعامل مع النمطية، وإحلال القناعات الأصيلة مقام التسليم بالقوة للنمطية التي قولبت الجميع، فالتبست علينا الأمور، وأصبحت هناك ملوثات سمعية وبصرية نعاني منها؛ هي التخبط على حبال الحرية، والتغيير النمطي يندب ويتبرأ مما يرى.

ولو أننا نخرج من تنميط المجتمع وقولبة فكره ونقف قليلا ونتساءل: لماذا؟!

فالإجابة بسيطة جدا: فكرٌ يحتاج أن يحيا حسب معطيات حياته، امنحه يوما من عمره يعيشه لنفسه بما يرضي الله دون نمطية قديمة، وعَلِّمه دون تأنيبٍ أنَّ حريته وحياته ورزقه من الله، ولا توفيق سيناله بطاعة هوى أو بشر.

لنجعل هذا الجيل يرى الأفعال الإيجابية لنواتج الأصالة الإسلامية وليس التعصب والتقريع.

أقنع فكره وخذ بيده لدروب التغيير؛ فسيمنحك قلبه، ارسم له شجرة بلا ثوابت، ودعه يحاول أن يقطف ثمار الحرية. لا تشتكِ ثم تقل نردم الفجوة!

فليس من المعقول أن يخطئ المخطئ -أيا كان- وأنا أردم الفجوات؛ فبعض الفجوات تحتاج إلى تكاتف وإخلاص لتردم نفسها بنفسها. ستُردم الفجوة لو علم الجيل -بالفعل والصور اليومية- أن ديننا هو الحرية والحضارة، وأن كل إيجابي في الحياة هو من صنع رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-. فهل سنجد من يبحث عن ذاته في غير قول الله وقول الرسول؟! وهل سنرى تلك المرأة التي ترى أن الذي جعل الأمة الإسلامية تتراجع حضاريا هو غطاء وجهها؛ فكشفت سترها بيدها لترقى أمتها؟! موجعة هي ومؤلمة تلك السطحية الفكرية! والأشد ألما منها: من يلوث يومنا بهذا؛ فأميتوا تقصيرنا بالسكوت!

✍️ نوال السبعي

مقالات ذات صلة

إغلاق