المقالات

جُذور

 

محمد الرياني

بدتْ تجاعيدي كعرجونٍ قديم، وبدتْ تجاعيدُها أقربَ من ذلك؛ ولكنها كغصنٍ رائعٍ فيه بقايا من عبيرِها الخالد، قلتُ لها : نحن عُمْران مضى أكثرهما ، تبخَّرَ بعضُ المسكِ من جانبينا وذهبَ إلى الفضاء، أو رُبَّما سكنَ في أعمار غضةٍ ليُعتِّقَهما من الصغر، ابتسمتْ في وجهي تحفزني وتشكرني على أن شيئًا من ريحِها سيسكنُ أرواحًا جديدة، قلتُ لها : عُمري وعُمركِ ليسا حكرًا في التجاعيد، بعضُ التجاعيدِ تزورُ الوجوهَ في مقتبلِ العمر، وتنذران الخدودَ الورديةَ بذبولها قبلَ الموعد ، وضعتْ باطنَ كفِّها على وجنتِها التي كانت حمراء، شعرتْ بخشونةِ الملمس، قلتُ لها لا أقصدك ، أنا أعني الفتياتِ الصغيرات، هل ظننتِ نفسكِ صغيرة؟ انظري إلى بياضِ شعرِ رأسي الذي نما معكِ وهو الذي كنتِ يروقُ لك قبلَ عباراتِ الحبِّ أن تغرسي يديك فيه ، قالت صدقتَ! تنهدتْ وهي تقول : ما أسرعَ اتجاهَ العمرِ نحوَ خطِّ النهاية! أجبتُها بأني لا أصدِّقُ ما أسمعه، هزَّتْ رأسَها وقالت : كنا عُمْرين رائعين، نقفزُ نحوَ الورودِ الحمراء لأنَّ وجنتينا حمراوان، ونطيرُ مثل الفَراشِ البيضِ لأن لونَ قعرِ عينينا نقيٌّ كلونِ الحياةِ عندنا، استرختْ أكثرَ وهي تجلسُ بجانبي، وضعتُ يدي تحتَ رأسِها وفعلتْ مثلي بيدها، قلتُ لها يمضي العمرُ؛ لكنَّ جذورَ أرضِنا تتضوُّعُ بمسكِ عُمريْنا.

 

مقالات ذات صلة

إغلاق