المقالات
جازان الهوى
بقلم : د. علي الشعواني
جازان إني من هواكِ لشاكي فتنصتي لهزارك وفتـــــــاك
أصغِ إلى همسات قلب طامح متوثب الإلهــــــــام والإدراك
مشبوب أرجاء الشغاف يلوح من خلل الأضالع كالســــــراج الذاكي
ثملاً بآمال الشباب وإن غـــــــــــدا متفطّراً من صبـــــوةٍ وعـــــــــراكِ
يتعشقُ الفجرَ الوضيءَ ويرتوي إشعاع نور كواكب الأفـــــــــــلاكِ
ينزو على ألم الجراح ويجتني زهرَ البيان على شبا الأشواكِ
جازان الهوى والجمال والطبيعة والتاريخ والتراث جازان قصة عشق لا تنتهي .
رحم الله العقيلي المؤرخ والشاعر والأديب ابن جازان البار، قصيدة غاية في الجمال وإن كان البعض يظن أن هذه القصيدة للسنوسي إلا أن الحقيقة أنها للأستاذ محمد أحمد العقيلي رحمه الله.
شاهدت بالأمس محاضرة عن تراث المنطقة وتاريخ المنطقة وتفاجئت حقيقة بالبرنامج؛ حيث كان البرنامج بإشراف النادي الأدبي بالمنطقة، وبصراحة أبدع الأستاذ حسن فقيه في السرد التاريخي، والذي يوضح آثار يعود عمرها إلى ٢٥٠ ألف سنة، رقم خيالي ومعلومات موثقة ومؤكدة، وهكذا برنامج يشرف عليه النادي الأدبي هي أعمال متميزة تحسب للنادي الأدبي بالمنطقة ورئيس النادي الأستاذ حسن الصلهبي وللقائمين على هذه البرامج، مشكورين ..
ومن جانب آخر أعتب على نفسي وعلى جميع أبناء المنطقة دون استثناء، وخاصة الطبقة المثقفة وأصحاب النتاج الأدبي والثقافي، وكذلك الجهات والمنصات الإعلامية المختصة لأنها لا تبرز هذا المخزون التراثي الضارب في أعماق التاريخ البشري الذي يمتد إلى مئات الآلاف من السنين .
يقول عنترة بن شداد العبسي
ولقد شربتُ من المدامةِ بعدما ركد الهواجرُ بالمشوفِ مُعلّمِ
والمشوف هي حاضرة عبس وأقدم قُراها ومعروفة بهذا الاسم منذ قبل البعثة ومُعلم قبيلة المعالمة وهم من سكان المشوف والعيدابي من قبائل بلغازي.
ويقول عروة بن الوردِ العبسي وهو من صعاليك الجاهلية :
تبغاني الأعداء إما إلى دم وإما عراض الساعدين مصدرا يظل الإباء ساقطاً فوق متنة له العدوة القصوى إذ القرن أصحرا كأن خوات الرعد رز زئيره من اللاء يسكن الغريف بعثرا
ويقول ابن مقبل ( تميم بني أبيَّ ت ز نحو 37هـ/657م) : جلوساً بها الشم العجاف كأنهم أسود بترج أو أسود بعتودا وعتود جزء من مخلاف عثر
وعثر موقع أثري وفيه العديد من الآثار التاريخية، واختلفت الروايات فيه ولكن الثابت أنه ميناء ساحلي غرب صبيا، والآثار الموجودة فيه تدل على أنه ميناء قديم جدا تعاقبت عليه الحضارات عبر آلاف السنين .
وحقيقة، فإن منطقة جازان من أكثر مناطق المملكة آثارا تاريخية، والتي بقيت صامدة طوال سنين طويلة، وتحتاج إلى العناية بها ، والمحافظة عليها، ورصدها وتوثيقها، وتعريف الزوار بها، إلى جانب الترويج بتاريخ المنطقة وأصالتها؛ إذ لا تكاد تخلو محافظة من محافظاتها من وجود للمواقع الأثرية منذ آلاف السنين.
الجدير بالذكر أن تنوع المنطقة الجغرافي ساهم في تنوع المناطق الأثرية في المحافظات الجبلية والساحلية والبحرية، فلكل منها أنماط خاصة بها ،فجبالها الخضراء وأوديتها الكثيرة ( جازان -ضمد -بيش -الدحن -دهوان وغيرها)، وكذلك سهولها الزراعية والساحلية كل ذلك صنع بيئة مناسبة استوطنها الإنسان منذ آلاف السنين..
دمتم بود ..
|