المقالات
الأصفر القاتل
.
قصة قصيرة – بقلم بخيت طالع الزهراني
.
يمر من أمام بيتها وهو يتهادى بسيارته، يلمحها في النافذة تنتظره، ترتدي شالًا سماويًا، بين أصابعها وردة، عينان تضحكان، وفم يبرق.
يلوح لها بيده الشمال، تهزّ وردتها، يرسل لها الآهات، تغمض عينيها وتهز رأسها.
البحر القريب يملأ المكان نسمات ساحرة، يعبان معًا من جمال اللحظة، يتذكر وصية أمه قبل وفاتها ألا يتزوج غير ابنة خالته، يحاول أن يتخلص من ذلك الطيف، ويؤوله على أنه نصيحة لا أمرا.
…..
لكن هذه الفتاة ذات الأصول الشرق آسيوية قد أخذت بلبه، منذ أن تعارفا من خلال الفيس بوك، يشخص ببصره للسماء، لعل قرارا حاسمًا يحدد بوصلته.
ينتفض كمن قرصته حشرة سامّة، يغادر المكان صوب قبر أمه، يجثو على ركبته، يستأذنها لو عدلت عن وصيتها، تنفطر عيناه بدمعات، تمتلئ رئته برائحة الموت، يعود إلى حجرته يتفرس رسائل محبوبته.
…..
الليل يوشك أن ينهزم أمام جحافل الصبح، يغفو، يغيب في ساعات من نوم مضطرب، يرى والدته منكفئة غاضبة، تتمتم بكلمات غير مفهومة، يصحو مذعورًا، وقد تأخر ساعة عن جامعته، يعبر طريقًا آخرا غير طريق فتاته.
وفيما هو منسرح في بحرٍ من الهموم، التحم بمؤخرة شاحنة.
صحا على سريره بالمستشفى، والفتاة تبتسم أمامه، وبين يديها “بوكيه” ورد أصفر.