بقلم أ. عبير بنت عبدالرحمن الجماز
إن استشراف المستقبل يعتبر شيئا مميزا منذ فجر التاريخ، و قد كان للمفكرين دور كبير في الماضي في طرح ارائهم وتصوراتهم عن المستقبل، غير أن الاهتمام العملي بالدراسات الاستشرافية كعلم كان في أوائل القرن العشرين، ولقد مرت هذه الدراسات بمراحل، اعتمد فيها في كل مرحلة من هذه المراحل على أسس فكرية ونظرية ومنهجية. فالدراسات الاستشرافية تهتم بالتطورات المستقبلية و تستشرف أحداث الزمن فهي تهدف إلى تحديد اتجاهات الأحداث في المستقبل وتحليل مختلف المتغيرات التي يمكن أن تؤثر في هذه الاتجاهات أو في حركة مسارها، وذلك من أجل الوصول إلى أفضلية مستقبل بديل
فهي جهد علمي منـظم، يسعى إلى تحديد احتمالات وخيارات مختلفة مشروطة لمستقبل قضية، أو عدد من القضايا، خلال مدة مستقبلة محددة، بأساليب متنوعة، اعتمادا على دراسات عن الحاضر والماضي، وتارة بابتكار أفكار جديدة منقطعة الصلة عنهما.
من أهداف الدراسات الاستشرافية أنها تساعدنا على صنع مستقبل أفضل، وذلك بفضل ما تؤمنه من منافع متعددة منها اكتشاف المشكلات قبل وقوعها فتؤدي الدراسات الاستشرافية وظائف الإنذار المبكر، والاستعداد للمشكلات قبل وقوعها، ومن ثم التهيؤ لمواجهتها أو حتى لقطع الطريق عليها والحيلولة دون وقوعها وكذلك إعادة اكتشاف أنفسنا و مواردنا و طاقاتنا: وبخاصة ما هو كامن منها، والذي يمكن أن يتحول بفضل العلم إلى موارد وطاقات فعلية. وهذا بدوره يساعد على اكتشاف مسارات جديدة يمكن أن تحقق لنا مانصبو إليه من تنمية شاملة سريعة ومتواصلة فالتنبؤ يمثل أحد أهدافهم، لأنه تقرير عن المستقبل، من خلال إلقاء الضوء على بدائل مستقبلية تتفاوت احتماليا في ضوء افتراضات وشروط محددة، و لذلك فإن بناء المستقبل من خلال وضع سيناريوهات مختلفة يتضمن نوع من التنبؤ فإن التنبؤ يلعب دورا هاما في عمل باحث الاستشراف . |