المقالات

دراسة أدبية لقصيدة “إني رجوتك” للشاعر أحمد القاري

 

بقلم الناقد الأدبي د/ أحمد مصطفى

ولنا عودة مع فارس الكلمات وعطر القوافي الشاعر أحمد القاري، عندما نقرأ الشعر الذي قاله الشعراء العرب على مدى العصور نجده قد يجاري الدموع التي سالت والقلب الذي عشق والعين التي رأت والمشاعر الفياضة والواقع بحلوه ومره.

ومن الغريب أن الشعر الذي قيل في الحب مع عفويته وعذريته يطرب الأسماع بأصواته والأذهان بكلماته والعين برؤيته والقلب بعذوبته، و ربما .. يكون ما وصلنا منه هو الذي جعلني أحكم بنوع من اليقين أن النتف الشعرية الغزلية كانت تعميماً تصلح لكل شخصية ، لما فيها من حس عميق وهوية شخصية للعاشق والمعشوق، ففي الحب عرفنا عمر بن أبي ربيعة وقيس وجميل وكثير ونزار وجويدة ويأتي “القاري” في بضعة أبيات يستهلها بالرجاء المغلف بالحياء – الحياء الذي جعل حبه نبضاً يحطم أضلعه وحبيبته بكل صفاتها تقف دامعة متأملة واجفة .

أما جاراته .. فهو يخشى قولهن إنه مات ولا حول ولا قوة إلا بالله، نقرأ المقطوعة وفيها رجاء للمشاعر المتناثرة على حافة القلب رثاء ومدح وغزل في أبيات قليلة الحرف كثيرة المعنى، وتظل هذه القصائد معدودة إزاء الكثرة الكاثرة من شعر الحب ، بالإضافة إلى أنها لشاعر من شعراء المدينة، ويبدو أن شعر (القاري) كما أشرت سابقاً يروي لنا نادرة وقصة في معظمها في وارد من نساء يستحقن حباً كالسيل الجارف ، كما يتحلى بالوقار والحجى والجرأة والسماحة، ثم ما نلبث أن نقف أمامه ونعرض آراءنا وأفكارنا، وينتقل إلى العاطفة، فيتمنى لو أن لنا قلباً مثله وعيناً نواري في جفنها أحبابنا ، وبرغم هذه القصيدة المعبرة فـإن القصائد التي قيلت في الاستعطاف والرجاء قليلة، قد تبوح ولكن لا تقول الكثير .

ولا يخفى أن القصيدة تلامس القلب وتهيج العاطفة، لكن الأصوات المجسمة لنداء المحبوب وبكل نغمة ولغة تضفي جواً مأساوياً وتضيف نوعاً من الكبرياء على المحبوبة كما تتميز هذه المفارقة الحادة بين القرب والهجر بعمق الصورة النابعة من شاعر متمرس تأتيه الكلمات طوعاً . شكراً لك شاعرنا الكريم

الناقد الأدبي د/ أحمد مصطفى

 

مقالات ذات صلة

إغلاق