المقالات

الأسرة الاجتماعية السعيدة

 

حتى تكون الأسرة سعيدة لا بد من توافر العناصر التالية :

المحبة المتبادلة ،
والرحمة الحاضرة ، والمودة المولدة لعاطفة تضمن استمراريتها بين الزوجين جياشة .
فهما السبب الفطري الرئيس ؛ لتكون أسرة مسلمة بتوفيق الله بينهما ، وطرح البركة بهما ، وبدارهما .
وحينما يرزقان بالأبناء يسعد قلبيهما ، و تترابط العشرة الحسنة بحياتهما ، وتقوى ؛ فتعطي كل واحد ما أفندته فطرة الله السليمة إليهما مهام قيام أسرة اجتماعية متكاثرة الولدين والأنساب ومترابطة بصهرتها والأرحام …
فكل يقوم دوره في الرعاية الخاصة التي يحظى بها البنين ، وتتزين دنياهما ، وتتسع رؤية لحاظهما بجمال الفرحة التي تكبر بحياتهما الدنيا ،
وتبلغ أقصى مواطن الغبطة في كينونتمها الأسرية المتقاسمتين دورهما الفاعل في تربيتهما للبنين والبنات .
قال الله تعالى : (المال والبنون زينة الحياة) الكهف

فعندما يكونان متوافقين في السجايا الحميدة ، والأخلاق الراشدة المجيدة ، ويتبادلان الاحترام بينهما أمام الأبناء ، وعند غياب طرف الآخر يبرز دورها الصحيح والهدف المشرع الصريح بحفظ وتنشئة أفراد الأسرة على حب التوافق ، وارتكاز ذلك على عنصري الاحترام ، وانتشار المودة الحاضنة للرعايا ؛ ستكتسب الأسر المجتمعية أقوى مقومات الشراكة الحياتية بتعاونهما في التربية السليمة دون عبء معيب ، ولا تخاذل مخل يفقد للأب قوامته في إدارة شؤون أسرته ، ولا هاضم للأم القيام حقها في القيام بدور أمومتها الحانية ، في تغذية البيت بالرعاية الحانية العاطرة الخالية من الزيف والتضليل ،
فينقطع عن الأسرة عطر حنانها التي تستدفئ منه الجدران قبل وتعود ارتجاعه بحفظ أمور معيشتها الأسرية على القوامة البانية الثقة
في الصبايا والصبيان …
فلا بقاء أسرة لمن ضيع الأمانة في نفس كل منهما ، ولا مجتمع سيسود إذا تفككت بيوتاته،
وانسلبت منه القيام بحقوقه ، وذهاب الشعور بالأمن والأمان …
إذا داهمته بالمخاوف ،
وكثرة الركض وراء إثبات الحجة على الآخر في حِجر أوهام شيطانية زعزعت في قلوب الأبناء الشعور بذلك …
بكثرة الشجار بينهما أمامهما ، واتسعت بؤرتها لدخول من خلال تلك التدخلات من أهالي كلا الطرفين التي مهدت بالتفريق بينهما ، وتسارعت بزعزعة الثقة والثبات ؛ حتى هدما بأيديهما بيتهما بالخصام الذي ترأسه العند وركب ظهر مجلسمها بوسوسة الشيطان بينهما..
ولنا في البيت النبوي دليل قوامة القدوة الحسنة في الاحتواء ، وتبادل الحب وبقائه في صدر الساكنين فيه وبين أركانه ، وبث الحنان من قبل كل منهما للآخر ؛ لتنجح ديمومة الإخلاص في التربية الأسرية ، وتقوى بحصن التربية المحمدية على يدي الرسول المعلم العظيم !.

فقد كان صلوات الله وسلامه عليه
يعامل زوجاته بمودة ورحمة وتربية نبوية شريفة . والتي تفجرت أنهارها بالعدل والإحسان والمساوات بين زوجاته من حيث المبيت .
وحظيت خديجة بأمومتها لبناته أم كلثوم ورقية، وفاطمة الزهراء رضوان الله تعالى عليهن؛ وخير دليل لذلك: أن
أحب بناته إليه
الزهراء، فقد حظيت بدلال والدها صلى الله عليه وسلم ووالدتها وأخواتها رضي الله عنهن ،
فقد همس لها في أذنها أنه راحل عنهم فبكت ، فاحتضنها وهمس لها بأنها أول اللاحقات به فضحكت واحتسبت .
ويأتي في بيت عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما بدلاله لتنفرد عاطفة المحبة وحرصه على أن يعوضها عن البنين والبنات التي كادت إرادة الله أن تمنع عنها الخلفة لأسباب الاختتام به صلوات الله وسلامه للنبوة ،
وذات يوم جمعة دخل بيت زوجه أميمة بن الحارث رضي الله عنها ، وكانت امرأة صالحة قوامة صوامة فوجدها صائمة فأثنى عليها ، وقال لها أصمت يومًا قبله يقصد الخميس ، أم نويت معه صيام يوم السبت الذي بعده لتجمعيه ، فقالت له : بل نويت كل جمعة فأمرها بأن تفطر، وذكر أسباب ذلك لها لأنه أفضل الأيام عند الله تعالى ، ويكره الانفراد به بالصيام ففعلت ذلك دون تردد ….
والعلم عند الله وحده دون سواه .

 

أحمد بن علي الصميلي .

 

مقالات ذات صلة

إغلاق