المقالات
ذكرى البيعة.. طيف الأرواح ونبض الوطن.
بقلم الأستاذ عبدالرحمن بن علي المسملي.
يضيء هاتفي ويقطع صمتي، قبضة.. يقظة.. زفرة.. نداء.. طلب لملحمة من أجل الوطن، فهلا كنت من أجلها، نعم..شهقة الفرح ونبرة الشموخ وحديث الكبرياء ونظرة الوفاء ومنة الشاكرين ولهفة الطامحين ومسمع الوفاء وابتسامة الشرفاء ولهفة العاشقين، تمتمات فخور واسترسال شكور وقوة صبور ولَكنة هصور.
((وأنى لي أتأخر عن بلادي..))
لقاء وعناق وبعض الذكريات، وحديث عن أجمل الأمنيات، وهل علمتم لماذا جمعناكم؟ نعم من أجل الوطن! نعم.. فأنتم هنا بوح وصدى لبعض الأقمار التي رحلت عن عيون الوطن ولا زالت في سمائه تضيء حبا وإخلاصا وجمالا، وقد خلّدت سطورها وتضحيتها وعنفوانها، فقد كانت عنوانا لبعض صفحاته التي تشع سناء وضياء وإجلالاً، حتى حبرها وبعض قطرات المحبين لم تجفّ بعد..
أهلا بك يا أبا أسامة؟ عفوا أنا أبو نديم؟ أنعم بك ولكنك منذ الآن أبا أسامة .. ومن يكون؟
إنه أحمد بن إبراهيم الحربي والملقب بأبي أسامة..
هكذا إذاً.. رحمه الله وغفر له وأسكنه الفردوس.
توقفت متأملاً ذلك النص السابح في غياهب الزمن الشامخ بأصحابه ((العقيلي والنعمي والسنوسي والحربي))
نستلهم منهم عزة الحرف وإباء المعنى وسمو المعاني وعلو المعنى وكريم العطاء وجميل الخُلق،وصمود المؤمنين، وثبات للفدائيين، تصطف هاماتهم صافات تزين ليلتنا، وتحلق بنا أرواحهم السابحة السامقة، وتضحياتهم الوارفة الممتدة في الأرجاء، ولتلك الملامح تجاعيد تعني أماناً وملاذاً لمن قصدها وقبّلها..
فيا لغزارة الأرواح التي كانت مطرا لهذا الوطن العظيم فاهتز وربى ونعِم،ويا لوفرة القلوب التي أخلصت وفاضت بكل معاني الرسائل الخالدة، وما أعظم تلك الأسماء التي كانت نجوم هداية للحائرين، ومن يجرؤ على حصرهم وليس لهم نهاية؟ بداية موحد وحد الله به البلاد توحيدا وعقيدة ومؤتَمن أمنه الله على موطن الرسالة، وهو اختيار العزيز لعزة من يشاء، ولا زالت الأيام تشهد والأحداث شاهدة على أصحاب الألوية التي تجمع ولا تفرق، تعطي ولا تمنع، تهب ولا تجزع، وللوطن راية لا تنكسر وحكاية شعّت في الناس خيراً وهدى وأماناً..
تماريت مستغرقاً في لحظات أطرقت فيها رأسي، وغصت في أعماقي مستلهما مستحضراً مستسلماً للقدر الذي نزل علي واختارني، عضضت شفتاي وشبكت بين أصابعي واحتار بعضي على بعضي، تواسيني بعض التأملات وعناد اللحظات وما عدت أستوعب النداءات من حولي!
جلست مثقلاً (بعد إيماءة صبر لمنادي) وكأنه وحي من (الحربي) بدأ يتسلل إلى فرائصي ويستشف حواسي ويسلتطف مداركي! فما عادت عيني تبصر إلا صورته بابتسماته البشوشة وعينيه المتأملة والتِفاتَته السمحة.. سكناته وحركاته ونوره وهيبته المتواضعة وإصلاحه وحبه.. بكله.
وإذ به يهمس بأنفاسه الزكية:((إنها بيعة بعنقي، رحلتُ وهي شاهدة بحبي وولائي لله ولمليكي ووطني.. فكن خير رسول تصدح بها أمام الناس وهي النجاة والعز والفخر والأمان لكم.. سمعا وطاعة..وشكرا لكم))
وأي حضور أعظم من هذه المناسبة!؟
لحظات ما بين الرجفة والرعشة، وسكنات ما بين اليقظة والسكرة، وسطور بيان للتاريخ واللحظة، ووقفات تُنير حكايات البيعة، ويالحنين الأحداث ما بين الزمن والوهلة، والترانيييم تعزف لحن المحبة، حتى تلك الأرواح حاضرة من الغياب بأشواق اللهفة، وقد بان للنبض وقعه، وكل المجيبين للنداء شيخ وامرأة، ورجل يساير طفله، وأمام مرآتها تزينت الطفلة، تجمعنا تناهيد الفخر والعزة، ومآثر الراحلين وفاءً ونقاءً حتى نهاية الرحلة.
وما أجمل قلوبنا ((قد شغفها حباً)) وطنٌ وقِبلة.
وماا أجمل النعم حين تدوم.. ولاء وبيعة.
*لله ولرسوله.
*لولاة أمري ووطني ومجتمعي.
*لمدير تعليم جازان ومساعديه وسواعده.
*لطاقم العمل والمشاركين.
*للتاريخ.