المقالات

التسامح

 

 

التسامح من الأخلاق الحميدة التي أمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله بالالتزام بها، فهو دليلٌ على زكاوة النفس ونقاء السريرة وحب الخير، كما أنه لا ينبع إلا من قلبٍ طيبٍ يكره الأنانية والبغضاء، ولا يعرف إلا الحب والتقدير والتجاوز عن الأخطاء، ولذلك يُعتبر المتسامح شخصاً فريداً من نوعه، يُقدّر أن الله تعالى حين خلق القلوب لم يخلقها عبثاً، ولم يجعل الحقد من ميزاتها، وإنما فتح باب الخير فيها وجعلها مشرعةً للحب والصفح والتجاوز عن أخطاء الآخرين وزلاتهم.
التسامح يُشعل الطاقة الإيجابية في القلب، ويجعل الحياة تبدو أجمل في عيني صاحبه، لأن الشخص المتسامح يتخلص من جميع الأشياء المزعجة أولاً بأول، ولا يُحمّل قلبه طاقة العتب والضغينة على أحد، فيشعر أن قلبه صافٍ ونقي، ولا يُفكر فيما يُعكر هذا النقاء أبداً، كما أن التسامح يطرد جميع الطاقة السلبية التي تُسيطر على الجسد، وتجعل منه روحاً تطير كالفراشة، لا تعرف أن تهبط إلا على قلبٍ نظيفٍ لا يعرف الخبث أبداً.
للتسامح أفضالٌ كثيرة لا يمكن حصرها ولا عدها، كما أنه يجرّ تبعاتٍ رائعة على الفرد والمجتمع، حيث يُشيع أجواء الحب والمودة والتفاهم بين الناس، كما يُقرب بين القلوب، ويؤلف بين العقول، ويمد أطراف الحوار وينظمها، فإن حضر التسامح يحضر التنظيم والتفاهم وتتقارب الأفكار، لذلك يُعتبر التسامح كنزاً حقيقياً لمن يمتلكه، ومن لا يمتلك هذه الفضيلة فعليه أن يتعلمها، فالحياة تبدو قصيرةً جداً إن لم تكن مكللةً بخلق عظيم.
يجب أن يكون منهجاً مهماً في الحياة، وأن يكون من الأشياء المقدسة التي تضمن خط العودة في كل مرة، فمن لا يُعود نفسه على التسامح سيخسر كثيراً، وسيشعر في لحظةٍ ما بأنه وحيدٌ أو أن أحدهم يستقصده، خصوصاً أن التسامح يُتيح للشخص أن يلتقي بعدوه وبمن آذاه دون أن يكون لديه أدنى تفكير بإلحاق الضرر به، أو بالانتقام منه، وهذا دليلٌ أيضاً على أن الأشياء الصغيرة في حياتنا، والتي لا نُلقِ لها بالاً، تربط أحياناً مصيراً كاملاً من الحياة، فالحياة أقصر بكثير في أن نضيعها بلا تسامح أو حب.

دكتور عبد العزيز الرميلي

 

مقالات ذات صلة

إغلاق