المقالات

اللمسة البيانية في تأملات آيات قرآنية

 

 

قال الله تعالى
في حكاية عن قصة أصحاب الكهف :
(لواطلعت عليهم لوليت منهم فرارًا ولملئت منهم رعبًا ).

يتساءل الكثير عن سبب تقديم الله تعالى للمفردة فرار على الرعب ، مع العلم أن الرعب يتقدم الفرار وهذا بديهي جدًا .
فالواو هنا في قوله تعالى
كما يعلم الجميع لا تفيد الترتيب ولا التعقيب، بل جاءت لتدل على الجمع المطلق بين هذا (الفرار وذاك الرعب )،
أي لا سبيل لها على الترتيب والتعقيب هنا .
نحو قولنا جاء خالدٌ وزيدٌ
فإنها تحتمل فقط أنها لا تحتوي ترتيب من جاء أولاً بمجيئه قبل زيد.
بل دالة على مطلق الجمع بينها وأنهما قد جاءا معًا .
وفي سياق الآية ليس معنى ذلك أن الرعب جاء بعد الفرار لأنه ليس هنالك ترتيبا في سياق الآية
التي دلت على أن من رآهم أنه سيصاب بالرعب أولاً ثم يفر منهم؛ لأن الواو هنا لمطلق الجمع فقط .
بعكس( ثم) التي تفيد الترتيب والتراخي مثل:
جاء خالدٌ ثم زيدٌ.
وأظن أن المعنى واضح في المثال
في تقدم خالد بالمجيء ثم مجيء زيد بعده …
فهم نفر والنفر يطلق من حيث العدد من ثلاثة إلى تسعة،
فهم آمنوا بربهم وخافوا على دينهم وأنفسهم ففروا إلى الكهف بدينهم، وخوفا على أنفسهم فدخلوا ذلك الكهف لأنه آمن لهم وبعيد عن قومهم حتى لا يوشي بهم أحد فيقتلون !..
فتقدم الفرار على الرعب في الآية الكريمة
حتى إذا رآهم أحد سيفر من مهابتهم وسيرتعب من ذلك !.
وذلك من فضل الله تعالى على أصحاب الكهف أن جعل لهم في قلب الذي سيشاهدهم الهيبة ليحميهم أن يتفرس فيهم أحد، ويتفحص وجوههم فيعرفهم، فلا تأتي منه هنا عند قومه فيفتنون بالوشاية عنهم. والله له القدرة المطلقة والحكمة في ذلك على أنه له الدراية الكاملة في تقديم ماشاء وتفضيله في البدء به حسب أهمية المقدم على المقدم عليه ، فهناك في سياق الآيات كثيرة وفي مواضع عدة يقدم فيها السماوات على الأرض، والليل والنهار، وله القدرة على دلالة الأهم منه على المهم في ذلك التبيان القرآني
والله سبحانه وتعالى أعلم ….

أحمد علي الصميلي

 

مقالات ذات صلة

إغلاق