المقالات
نتيجة
محمد الرياني
صعلوكٌ وسارقٌ يسرقُ البيضَ من بيوتِ عجائزِ الحي ، فلا حولَ لهنَّ ولاقوةَ في اللحاقِ به ، يكتفي بسماعِ أصواتِهن وهُنَّ يلهجنَ بالانتقامِ منه ، لا يكتفي بسرقةِ البيضِ وبيعه ؛ فهو يتعاملُ مع الدجاجِة بمهارةٍ ولايدعها تهنأُ بنومِها بعد يومٍ من الحركةِ بحثًا عن بقايا حبوبٍ أو حشراتٍ صغيرةٍ نافقة، فيحتال عليها نائمةً ثم يقبضُ عليها ويُكَمِّمُ فمَها فلاتصيحُ حتى تكونَ في قفصِه السري للنائماتِ مثلها، ذات ليلةٍ ذهبَ ليسرقَ كعادتِه والصمتُ يلفُّ المكان ، كان نصْبَ عينيه أن يَسرقَ ديكَ جارِه العجوز بعد أن ينام كلاهما ، لم يكن يعلمُ أنه قد كلَّفَ كلبًا بالحراسة، وهو سارقٌ صعلوكٌ ولكنه جبانٌ يخافُ من كلبتِهم التي لاتخرجُ من حفرتِها ، اقتربَ من الديكُ وما إن مَدَّ الخشبةَ الطويلةَ كعادته ليسحبَه نائمًا حتى نبحَ الكلبُ فاستيقظَ الديكُ وصاحَ قبل الفجر ، قفزَ عليه الكلبُ ولم يمسسه ولكنه أغلقَ كلَّ الطرقِ أمامَه، صحا النائمون على صياحِ الديك، رماه جارُه بالعصا حتى شعرَ أنَّ ساقيْه قد انكسرتا من إصابتهما، حضرَ النساءُ على الضجيج، في تلك الليلةِ لم يُكملْ أهلُ الحيِّ النومَ وباتوا يُحصون عليه عدَدَ حبَّاتِ البيضِ التي حرَمَ العجائزَ من بيعِها وأكلِها، وعددَ الفراخِ التي لم تذقْ طعمَ النوم، وَعَدَهُم بأن يتركَ سرِقةَ الفراخِ وأقسمَ علنًا في الليلِ بعددِ النجومِ الحاضرة من فوقهم ، صدَّقوه واستمروا في تربيةِ الدجاجِ وتفقيسِ البيض، لم ينسَ لهم أنهم فضحوه أَمَام أهلِ الحي، غافَلَهم في النهارِ ونهَبَ خروفًا لصاحبِ الديك ، انتظرَ حتى مجيء الليلِ ليضعَه في التنورِ ويلتهمه ، عندما استوى وَشَمَّ رائحةَ الحنيذِ نامَ من الفرحةِ، قدِمَ على الرائحةِ مَنْ يسرقُ التنُّورَ واللَّحمَ معا.