المقالات

*عندما يفوح أريج الياسمين*

_____

كأنما قطعة من القلب توشك أن تُنتزَع منه، وتغادر مكانها ، فبالله كم للإنسان من قلب ، حتى يتشظى؟!

إنها ريحانة القلب، وروح الفؤاد ، وإكسير الحياة ، أخت الجميع وأم إخوانها ، ورفيقة أختها ، وحبيبة والدها، وزهرة والدتها .

إنها فرحتنا الأولى ، التي نقلتْني لمرحلة الأبوة، فلا أنسى أنها وُلدتْ على يديّ ، نسمة رقيقة ،خرجتْ في مكان ناءٍ ، بوادٍ غير ذي زرع ،ولا ضرع ،ولا ثمر، ولا حياة ، لكن أرضنا اعشوشبت بخروجها ، واخضرت قواحل أرواحنا بظهورها ، أهدتْنا الفرح الجميل، وما زالت تهدينا ،ونحن في المنافي .

*عرفتم مَن هنا أعني ؟* *أزيلوا جوهر الظنِّ*
*فهذي سائل الدنِّ* *لها يا أحرفي غنَّي*

تحنو على أخويها وأختها ، ترشد الحائر ، وتهدي الضال ،وتواري سوءات مَن زلّ ، وتقيل عثرات من أخطأ .

كانت تعطي ظلها ؛ ليتفيأه ذووها عن اليمين والشمائل ، لم تفصّله على جسدها ، بل ظهر فيه الطول ، وتعدّى نفعها ، ولم تقصر عوارفها على نفسها .
إنها أنس المستوحش ، وسلوى المحزون ، تخدم أخويها كأمٍّ بديلة حينما شطّ بأمهم النوى، وفارق بينهم وبينها الزمن .

ما كانت تطلب إلا ما تحتاجه ، وكانت طلباتها كفافا ، وما كانت تلح إلا في عمل خير ينفع الجميع .
متفوقة في دراستها ، تبيّض الوجه ،وتشرّف النفس، وتسعد الخاطر .
لا تتكلم كثيرا ، وحينما تضطر إليه، تكاد تعد كلماتها ،فهي فتاة الكهول ؛ حكمة وأدبا ورزانة ، وتقوى وورعا .

ما كنت أتوقع أن تلك النبتة الصغيرة ، يستوي عودها سريعا هكذا ، ويشتد ساقها ، وتغدو شجرة مثمرة ،وتكون مراما للآخرين ،ومطلبا للطالبين .
ووالله لولا أني أخشى أن أكون ممن رغب عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ما فعلت .

*إذا ما حلقت فكرة* *أسطِّر أحرفي نهرا*
*لمن أضحت لنا ذخرا* *فهذي بنتيَ الكبرى*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*طارق يسن الطاهر*

مقالات ذات صلة

إغلاق