المقالات

كلمتي في جميع المدارس

 

 

بقلم : د . ضيف الله مهدي

 

مع بداية كل عام دراسي ومنذ أن جئت من إدارة التعليم بصبيا لمكتب التعليم ببيش بداية العام ١٤٢٦هـ ، أقوم بزيارة عدد من المدارس اﻹبتدائية والمتوسطة والثانوية ، وفي الابتدائية بالذات ألتقي بعدد من أولياء اﻷمور في جميع المدارس وأوجه لهم الكلمة التالية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه أجمعين .. ثم أما بعد أحييكم جميعا زملائي المعلمين وإخواني أولياء اﻷمور وأبنائي الطلاب بتحية اﻹسلام الخالدة .. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . نحن في اﻷسبوع التمهيدي لاستقبال التلاميذ المستجدين وقد أعد المرشد الطلابي برنامجا لهذا اﻷسبوع ويشاركه عدد من معلمي المدرسة . أخوتي اﻷفاضل كل واحد لاشك يتذكر أول يوم درس فيه وكيف حالة كل تلميذ فمنهم من هو فرح ومسرور ومن هو قلق خائف ومن هو متردد وهكذا .. والتلميذ الذي جاء للمدرسة يقتفي أثر أخوة له يختلف عن تلميذ ليس له أخوة قد سبقوه إلى المدرسة .. هناك فروق فردية بين التلاميذ رغم أنهم تقريبا في مستوى ذكاء واحد . هم اﻵن في مرحلة الطفولة المتوسطة وهنا يبدأ التآزر العقلي الحركي العضلي في النمو وترون كيف كل تلميذ يمسك بالقلم حسب قدرته ونمو عضلاته .. هناك حروف سهلة كتابتها على الطفل وهناك حروف صعبة فاﻷلف كتابته أسهل من كتابة الباء والباء أسهل من كتابة الجيم ومع النمو لعضلاته وتآزرها سيصبح كل الحروف سهلة عليه .. لا تستعجلوا ولا تقارنوا ولا تستغربوا أن يحفظ طفل الفاتحة في عشر دقائق بينما آخر يحتاج ربع ساعة وآخر نصف ساعة لأن هناك فروقا فردية بين التلاميذ رغم أن النمو العقلي والذكاء متقارب .. كل واحد منكم إخواني أولياء اﻷمور جاء بإبنه ليدرس فقط ولكنه مش في باله ماذا سيكون في المستقبل ، ولذا أقول لكم من اليوم أعدوهم من أراد ابنه طبيبا ومن أراده قاضيا ومن أراده مهندسا وهكذا فليخاطبه من اليوم .. وأضرب لكم أمثلة من الماضي والحاضر كيف كان دور اﻷب واﻷم والمعلم في توجيه الطالب ليكون في مهنة معينة .. الدكتور والعالم المصري أحمد زويل يرحمه الله الذي مات قبل حوالي خمس أو ست سنوات ، في أول يوم ذهب للمدرسة رجع فوجد أمه كاتبة على باب غرفته غرفة الدكتور أحمد زويل .. كبرت هذه الكلمة في ذهنه ونفسه معه حتى حققها .. الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس وهو صغير كانت أمه تغرس في نفسه أنه بيكون إماما للحرم وكبر وذلك في نفسه وتحقق .. زميل لي كان يدرس معي بالمرحلة المتوسطة والثانوية وكان أستاذ مصري دائما يغرس في نفسه أنه بيكون طبيبا وهاهو طبيب إستشاري في مستشفى أبها الخاص إنه البروفيسور ناصر فقيه . وطالب في المعهد العلمي بصبيا يقول له المعلم أنت جلستك وشخصيتك شخصية مذيع وهاهو من أفضل المذيعين في إذاعة الرياض إنه يحيى بن ناصر الصلهبي .. ومن الماضي اﻹمام شمس الدين الذهبي لم يكن في البداية رجل علم وإنما كان تاجر مع أبيه ولكن رجلا رأى خطه الجميل فقال والله هذا الخط لا يملكه إلا أهل الفقه والسنة فغيرت هذه الكلمة مجرى حياته والتحق بحلقات العلم والذكر وأصبحت كل مكتبة تحوي مؤلفات اﻹمام الذهبي . اﻹمام أحمد بن حنبل رحمه الله نشأ يتيما فاعتنت به أمه وكانت تذهب به للمساجد وحلقات الذكر فحفظ القرآن وهو في الرابعة من عمره وقيل في السابعة وكانت تغرس في نفسه أنه سيكون عالم اﻷمة وفعلا تحقق ذلك ، وإمام الحرم المكي عبد القادر الجيلاني ، الذي نسأ يتيما فأعدته أمه واعتنت به وغرست في نفسه الفضائل وحب العلم وكبر وأصبح إماما للحرم المكي الشريف .. أخوتي ذكرت لكم نماذج وهناك الكثير لذا أعدوا أبناءكم من اليوم وإذا غرستم ذلك وكبروا ورغبتهم يحققوا ما غرستم في أنفسهم فلا تعارضوا رغبتهم وكذلك بناتكم لا تخاطبوا البنت يا دكتورة من اليوم ولما تكبر وتريد تحقيق ذلك رفضتم بحجة الاختلاط أو أن الطبيبة تعيش عانس ، وما سوى ذلك. وعليكم التعامل معهم بلطف وحنان وحب واقتدوا بنبيكم عليه الصلاة والسلام في تعامله مع اﻷطفال .. وفي كل بيت يحدث الخصام والنزاع بين اﻷب واﻷم فلا تتخاصموا أمامهم واختاروا الوقت المناسب في غيابهم للمناقشة والحوار والعتاب .. أرجو لكم ولأبنائكم حياة سعيدة وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

مقالات ذات صلة

إغلاق