المحليات
دبي- أكاديمية جودة الحياة تبحث دور التميز الحكومي في تحقيق جودة حياة المجتمع
دبي – مني خليل
بحثت أكاديمية جودة الحياة في جلسة تفاعلية عقدتها “عن بعد”، دور التميز الحكومي وكيفية استخدامه كأداة مؤثرة لتعزيز جودة حياة المجتمع، واستعرضت تجربة منظومة التميز الحكومي الإماراتية في تضمين مفاهيم جودة الحياة المتكاملة في مختلف محاورها ومعاييرها، بما يرتقي بريادة دولة الإمارات وتنافسيتها عالمياً.
شاركت في الجلسة معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للسعادة وجودة الحياة مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء، وتحدث فيها البروفيسور العالمي محمد زائيري المستشار في مجال التميز الحكومي، رئيس لجنة تحكيم برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي وبرنامج أبوظبي للتميز الحكومي وبرنامج دبي للتميز الحكومي، وأدارها عمار المعيني مدير أكاديمية جودة الحياة، وشارك فيها نحو 700 مسؤول وموظف حكومي من مختلف الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية في الدولة.
وتمثل الجلسة التفاعلية التي عقدت عن بعد عبر تطبيق “زوم”، ثاني الجلسات المعرفية التي تعقدها أكاديمية جودة الحياة، التي أطلقها البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة مؤخراً بهدف ترسيخ الفكر المستدام لجودة الحياة وتطبيقاته العملية في كافة مجالات العمل الحكومي، وبناء قدرات الكفاءات الوطنية من موظفي الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، وإعدادهم وتدريبهم على أسس وآليات تضمين مبادئ جودة الحياة في البرامج والمبادرات والسياسات والخدمات، بما يطور الأداء وينعكس إيجاباً على جودة حياة مجتمع دولة الإمارات.
قيادة رشيدة وشجاعة
وأكد البروفيسور محمد زائيري خلال الجلسة أن دولة الإمارات بتوجيهات قيادتها الحكيمة ودعمها المباشر تمكنت من إدارة أزمة كورونا باقتدار وواجهت تحدياتها بحكمة ميزتها عن كثير من دول العالم ما يؤهلها لتكون نموذجا يحتذى عالمياً، مشيرا إلى أن الدولة اتخذت القرارات السليمة وركزت على جودة حياة الإنسان وصحة وسلامة المجتمع بكل شرائحه.
وقال زائيري إن دولة الإمارات أول دولة في العالم تبنت التميز خياراً سياسيا واستراتيجيا، وبنت مسيرته على مدى أكثر من 25 عاما، وإن جهودها في ترسيخ مبادئ التميز الحكومي أسهمت في تعزيز شعور المجتمع بالأمن والسلامة في ظل أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، خصوصاً مع متابعة القيادة الحثيثة لحاجات الأفراد الأساسية وفي مقدمتها الأمان والطمأنينة والدواء والغذاء، وتواصلها مع المجتمع بشكل مباشر في تطبيق عملي لمبادئ الشفافية، واعتماد الحكومة قرارات أسهمت في تعزيز جودة حياة الناس، من خلال الحفاظ على استمرارية الخدمات، وتطبيق نظم العمل والتعلم عن بعد التي ساعدت في استمرارية الحياة.
وأكد مستشار التميز الحكومي أن الحكومات في العالم طبقت مفهوم التميز معتمدة مقاربات مختلفة أغلبها ارتكز على الاقتصاد والصناعة والتكنولوجيا، مثل اليابان والولايات المتحدة وسنغافورة، فيما تبنت الهند التميز القائم على محو الأمية وتحسين مستوى الحياة، وتبنت الصين مقاربة مشابهة، أما دولة الإمارات فاتخذت جودة حياة الإنسان والتميز أسلوب عمل وحياة ونمطاً لاستشراف المستقبل وتحقيق رؤية مستقبلية.
جودة الحياة ورحلة حياة الإنسان
وقال زائيري إن جودة الحياة ترتبط بمراحل رحلة حياة الإنسان، وإنه لا بد من توزيع الأدوار ومشاركة المسؤوليات بين جميع الجهات بما يخدم تحقيق الهدف النهائي المتمثل في تحسين حياة الناس بحيث تكون العلاقة بين الجهات تكاملية تشاركية على أسس تخدم جودة حياة الإنسان والمجتمع بكل فئاته.
وأشار إلى أن الخطوة الحكيمة التي اتخذتها حكومة الإمارات بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة التي تضع الإنسان محورها الأساسي، مثلت علامة فارقة في رحلة التميز التي تقودها في مختلف المجالات، لأن ذلك عكس منظور حكومة الإمارات للتميز كأسلوب لتطوير المبادرات والمشاريع والخدمات لتحسين جودة الحياة من مختلف الجهات الحكومية.
منظومة التميز الحكومي في الإمارات تتبنى جودة الحياة
وتطرق زائيري إلى النموذج الجديد لمنظومة التميز الحكومي في دولة الإمارات، الذي وضع جودة الحياة مركزاً لكافة محاور المنظومة ومستهدفاتها ومعاييرها ومفاهيمها، مشيرا إلى أن 75% من المنظومة مرتبط بشكل مباشر بدعم تحقيق الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة، من خلال تركيزها على تشكيل الرؤية الطموحة عبر تحسين جودة الحياة والقيادة الرشيدة والاستباقية وتبني التغيير وتعزيز الثقة، وتطوير منظومة عمل متكاملة تركز على النتائج، وتبنيها مفهوم القيمة النوعية التي تطورها حكومة رائدة تتبنى فكراً تحويلياً ومنهجية عمل ديناميكية.
وقال إن محور تحقيق الرؤية في منظومة التميز الحكومي يتضمن أربعة معايير أساسية تشمل تحسين جودة الحياة، والجاهزية للمستقبل، والتوجه الاستراتيجي، والمهام الرئيسية، مشيرا إلى أن العلاقة بين جودة الحياة ومعايير تحقيق الرؤية تتلخص في تبني منهج عمل يركز على الإنسان في تحسين جودة الحياة وتطوير الاستراتيجيات المرنة وتضمين جودة الحياة في استشراف المستقبل، وتطوير مبادرات تركز على تحقيق قيمة مميزة وتسهم في الارتقاء بتنافسية الدولة وريادتها وتحسين جودة حياة المجتمع. وأضاف زائيري أن محور القيمة المميزة في منظومة التميز الحكومي يشمل معايير ترتبط بتعزيز جودة الحياة، من خلال قياس نجاح الجهات في تطوير خدمات استباقية مترابطة مركزها الإنسان تركز على القيمة، والتمكين الذكي من خلال البناء على الفرص المستقبلية، وبناء المواهب المحترفة.
وأوضح أن معايير محور الممكنات الذي يشمل الموارد والإمكانات والبيانات وإدارة المعرفة والتواصل الحكومي والشراكة والتكامل يرتبط أيضاً بالمفهوم الشامل لجودة الحياة المتكاملة، من خلال تركيزه على الأدوات والوسائل التي تعزز التميز المرتكز على الإنسان.
وأضاف زائيري أن التميز التقليدي روتيني يخلو من الإبداع والابتكار والتطوير المستمر، وهذا يختلف عن منظومة التميز الحكومي في الإمارات التي تعتبر استثنائية من حيث المرونة التي تتمتع بها وقابليتها للتطوير واستطاعتها قياس النتائج بحسب الأثر الذي تحققه على جودة حياة الناس.
وأشار إلى أهمية وضع سياسات تحدد مهام الجهات في سياق مفهوم رؤية جودة الحياة وقياس الأثر بشكل مستمر ضمن رحلة الإنسان المتكاملة، موضحا أن الابتكار يغذي الفكر في تطوير القدرات والتوجه الاستراتيجي وأن الريادة تعني توفر القدرات الفريدة التي من خلالها يتم تقديم القيمة للجهات، وهي مرتبطة بالقدرات التي تخدم تحقيق الأهداف والرؤى لتحقيق الطموحات، مشيرا إلى ضرورة وضع فكر جودة الحياة في سياق عمليات استشراف المستقبل لخدمة الأجيال القادمة.
التكامل والتناغم الحكومي لتحقيق التميز
وأوضح زائيري ردا على سؤال أحد المشاركين في الجلسة، حول كيفية تحقيق التكامل والانسجام بين مختلف الجهات، بأن الإنسان بطبيعته يخطط للمستقبل ورحلته متغيرة وأن الجهات ينبغي أن تخطط لجميع المراحل وتغطي الاحتياجات المجتمعية، وهذا يحتاج لترسيخ العلاقة التشاركية والتكاملية، مؤكدا أنه لا يمكن لأي حكومة تحقيق النجاح إلا من خلال التميز، والتركيز على نموذج مبني على الشراكة الكاملة والتناغم بين الجهات في تحقيق غاية عليا مشتركة تتمثل بتحسين جودة حياة المجتمع.
وحول نموذج استشراف المستقبل المناسب لمتطلبات العمل الحكومي في مرحلة ما بعد “كورونا”، أكد زائيري أن تضمين جودة الحياة في عمليات استشراف المستقبل التي ستشكل نقلة نوعية في تعزيز الجاهزية للمستقبل والمرونة في التعامل مع مختلف الظروف وتطوير القدرات لتحقيق الريادة.
عمار المعيني: ارتباط وثيق بين التميز الحكومي وتحسين جودة الحياة
من جهته، أكد عمار المعيني مدير أكاديمية جودة الحياة أن توجيهات قيادة دولة الإمارات والرؤية المتكاملة التي تتبناها الحكومة في تعزيز جودة الحياة، وتوجهات الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031، تركز على أهمية تضمين مبادئ ومفاهيم جودة الحياة في مختلف مجالات العمل الحكومي، وتتبنى التميز ممكناً أساسياً لتحسين جودة الحياة في الإمارات.
وقال إن أكاديمية جودة الحياة اختارت موضوع العلاقة بين التميز وجودة الحياة، للارتباط الكبير بين رؤية الحكومة لتحقيق التميز والغاية العليا التي وضعتها القيادة هدفاً محورياً لعمل كافة الجهات الحكومية، التي تتمثل بتحسين جودة الحياة في مجتمع دولة الإمارات، بما يجسد توجيهات ورؤى القيادة بالوصول بدولة الإمارات إلى مصاف أفضل الدول في جودة الحياة في العالم.
ترسيخ الفكر المستدام لجودة الحياة
ويأتي إطلاق أكاديمية جودة الحياة ضمن جهود الحكومة لتنفيذ محاور الاستراتيجية الوطنية لجودة الحياة 2031 التي اعتمدها مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، في يونيو 2019.
وتركز الأكاديمية على 6 مواضيع عملية لتطبيق جودة الحياة، تشمل المفهوم العام لجودة الحياة في العمل الحكومي والسياسات العامة والخدمات الحكومية وقياس أثر جودة الحياة المستدام والتميز المؤسسي في جودة الحياة والجاهزية للمتغيرات المستقبلية في جودة الحياة، ويتم تنفيذ برامجها بالتعاون مع أفضل الخبرات الدولية والوطنية، وبالشراكة مع عدد من المؤسسات الدولية مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وجامعة كولومبيا وهارفرد بزنس ريفيو ومؤسسة What Works البريطانية.
وكانت الأكاديمية عقدت مؤخراً جلسة تفاعلية افتراضية بعنوان “جودة الحياة ودور الحكومات” حضرها أكثر من 1000 مسؤول وموظف في الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، وتحدث فيها البروفيسور العالمي جيفري ساكس مدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، مدير شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، رئيس المجلس العالمي للسعادة وجودة الحياة، عن أهمية جودة الحياة في الدول والمجتمعات، في ظل الظروف التي يمر بها العالم، مع تفشي فيروس كورونا المستجد، وأكد خلالها على أهمية التركيز على جودة الحياة في العمل الحكومي.