الاقتصاد
• مواقع تجارة التجزئة عبر الإنترنت ومنصات التجارة الإلكترونية تشهد نمواً كبيراً خلال الفترة الحالية
في أحدث تقارير "مؤسسة دبي للمستقبل" الاستشرافية لمرحلة ما بعد "كوفيد-19"
كتبت-مني خليل
تحولات جذرية في قطاع التجزئة وتوجه عالمي نحو التسوق الإلكتروني
• تقرير يستعرض أبرز التحديات الحالية والفرص المقبلة لقطاع التجزئة في دولة الإمارات والمنطقة
أكد تقرير حديث لمؤسسة دبي للمستقبل بعنوان “الحياة بعد كوفيد-19: مستقبل تجارة التجزئة” أن مواقع تجارة التجزئة والتسوق عبر الإنترنت ومنصات التجارة الإلكترونية شهدت استقطابا متزايداً من قبل المستهلكين حيث شكلت لهم خياراً مثالياً في ظروف تفشي وانتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد – 19″، ما أسهم بتسريع تبني عملية التحول الرقمي لتلبية الطلب المتزايد من مختلف الفئات المجتمعية.
وأشار التقرير الذي أصدرته المؤسسة ضمن سلسلة تقاريرها الاستشرافية لمستقبل القطاعات الحيوية في دولة الإمارات والمنطقة لمرحلة ما بعد الفيروس المستجد، إلى أهمية المبادرات الحكومية والخاصة في دعم متاجر التجزئة للانتقال إلى التحول الرقمي والعمل عبر الإنترنت سريعاً، وخاصة في ظل التوجهات العالمية الجديدة التي تشير إلى أن الكثير من المتسوقين سيعتمدون بشكل أكبر على التسوق عبر الإنترنت حتى بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية وقيود الحركة والتنقل.
استجابة القطاع للتحديات الطارئة
وفرضت التحديات الصحية العالمية تعليق العمل في مراكز التسوق في دولة الإمارات منذ 25 مارس 2020 حفاظاً على صحة السكان والموظفين وسلامتهم، فيما اعادت فتح أبوابها جزئياً منذ 25 أبريل الماضي، إلا أن ذلك لم يؤثر بشكل كبير في قدرة المستهلكين على شراء جميع حاجاتهم تقريباً حيث اتجهوا إلى مواقع التسوق الإلكتروني ما برهن سلامة وقوة البنية التحتية الرقمية التي تتميز بها دولة الإمارات، وأبرز وفرة تجار التجزئة عبر الإنترنت الذين يقدمون خدمة توصيل السلع إلى جميع أنحاء الدولة، وانتشار ثقافة التعامل الرقمي لدى السكان.
التحول الرقمي أولوية في قطاع التجزئة
واظهرت نتائج التقرير أن تجار التجزئة الذين لا يستخدمون الإنترنت في عملياتهم سيكونون أكثر عرضة لخطر الخروج من السوق، حيث فرضت جائحة كورونا إغلاق متاجر التجزئة التقليدية في ليس على مستوى دولة الإمارات فحسب، بل في مختلف أنحاء العالم، ما دفع المستهلكين للتحول إلى التسوق عبر الإنترنت بشكل أكبر، فعلى سبيل المثال، اضطر نحو 630 ألف منفذ بيع في الولايات المتحدة الأمريكية إلى إغلاق أبوابها، واستغنت الكثير من المتاجر عن نسبة كبيرة من موظفيها، واتخذت شركات مثل “دبنهامز” و”أويسس” في المملكة المتحدة اجراءات تخفيض لعدد الموظفين خلال الأسابيع الماضية.
وعلى الجانب الآخر، زادت بعض منصات التجارة الإلكترونية معدلات التوظيف، إذ تعمل شركة “أمازون” على توظيف 175,000 موظف لمواكبة الطلب المرتفع، وأعلنت منصة “إنستاكارت” المتخصصة في خدمات توصيل مواد البقالة والسلع في أمريكا الشمالية، عن خططها لتوظيف 300 ألف شخص خلال شهر مارس الماضي، ثم أعلنت في الشهر التالي إنها ستكون بحاجة لنحو 250 ألف شخص إضافي لتلبية الطلب المتزايد من العملاء على خدماتها في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
التسوق الإلكتروني في المنطقة
واستعرض التقرير مجموعة من الأمثلة عن نمو التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات والمنطقة، حيث شهدت مجموعة ماجد الفطيم في دبي، التي تدير 24 مركز تسوق، زيادة قدرها 59% في عدد المتسوقين عبر الإنترنت في مارس 2020 مقارنةً بالشهر ذاته من العام الماضي، فيما سجلت مجموعة بن داود القابضة لمتاجر التجزئة في السعودية زيادة بنسبة 200% في مبيعاتها عبر الإنترنت منذ تصاعد أزمة كوفيد-19.
ويتطلب نقل الأعمال التجارية إلى عالم الإنترنت استثماراً كبيراً من تجار التجزئة التقليديين رغم أن الكثير منهم يواجهون صعوبات في توفير السيولة، لكن تجنيب تجار التجزئة التقليديين هذه النفقات أمر ممكن إن وفرت منصات التجارة الإلكترونية للمتسوقين عبر الإنترنت إمكانية الوصول إلى منتجات أولئك التجار، وعلى سبيل المثال، أنشأت شركة “إعمار” مركزاً افتراضياً لدبي مول على منصة “نون دوت كوم” يتيح للعملاء التسوق في عدد كبير من متاجر المركز المشهورة.
فرص مستقبلية
وذكر التقرير أن هذا التحول المتسارع نحو التسوق عبر الإنترنت أتاح فرصاً هائلة لتجار التجزئة المتخصصين في مجالات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية وخدمات التوصيل، لكنه ليس مجالاً للتنافس بفرص متكافئة، إذ ما زال عدد كبير من تجار التجزئة يجدون مصاعب كبيرة لتوفير بضائعهم عبر الإنترنت، وتفرض هذه التحديات على الحكومات والهيئات المسؤولة توفير منصات إلكترونية لبائعي التجزئة غير القادرين على البيع عبر الإنترنت، لمساعدتهم في التأقلم مع تغير عادات المستهلكين في التسوق على المدى الطويل.
وأشار التقرير إلى أنه رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها تجار التجزئة اليوم، إلا أن هناك أسبابا للتفاؤل بمستقبل تجارة التجزئة في المنطقة على المدى الطويل، لكنها تتطلب التحرك سريعاً.
وتنتشر في المنطقة عادات قضاء وقت طويل في مراكز التسوق للترفيه والتسلية، ومن المتوقع أن تعود هذه العادة إلى الظهور بعد أزمة “كوفيد-19”. وبإمكان ملاك العقارات ضمان التعافي السريع لمستويات الإقبال عبر التخطيط المسبق وتخصيص ميزانيات للتسويق والأحداث الخاصة. وبإمكان الحكومات تشجيع المستهلكين على العودة إلى متاجر التجزئة التقليدية عبر توفير حوافز لتجار التجزئة والمستهلكين.
توصيات ومقترحات لدعم قطاع التجزئة
وأشار التقرير إلى أهمية قيام البنوك بإعادة هيكلة القروض المستحقة في قطاع التجزئة حسب الحاجة، ما يوفر شريان حياة للصناعة التي تعاني من انخفاض الإيرادات، وتشجيع مراكز التسوق على تخفيض إيجارات متاجر التجزئة خلال هذه الفترة، والتفكير في إعادة توزيع العاملين في قطاع التجزئة وتأهيلهم بصورة تتيح للقطاعات النامية إدارة طفرة ارتفاع الطلب، وإعداد الموظفين لأداء مهام جديدة.
وأوصى التقرير باتباع مجموعة من الإجراءات على المدى القصير والطويل، بما في ذلك اعتماد التسوق المعفى من الضرائب في مراكز التسوق لتشجيع المتسوقين على العودة إليها، ومنح مراكز التسوق شهادات اعتماد تؤكد خلوها من كوفيد-19، والحفاظ على ذلك عبر اختبار كل زائر قبل الدخول إليها، إضافة إلى تلبية متطلبات الزيادة الكبيرة في رواج تجارب التسوق دون لمس، واعتماد آليات الدفع الذاتي وتجنب شاشات اللمس.