المقالات

 المناطق العشوائية وخطة التنمية المستدامة

بقلم المهندس /أمجد الحماد

-ماجستير تنفيذي

كلية العمارة والتخطيط-جامعة الملك سعود -عضو الهيئة السعودية للمهنسين بدرجة مستشار
عضو متعاون في وحدة أبحاث الإسكان السعودي

إن وجود المناطق العشوائية في معظم الدول النامية قد يوضح لنا مدى بعد التخطيط والقرارات التي أتخذها المخططون من أنفسهم في ظل توفير مساكن مناسبة لمحدودي الدخل وفق إمكانياتهم المادية، أعتمدت قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة تحولاً وتوجهاً جديداً في جهود التنمية بين عامي (2015)و(2030) بعنوان “تحويل عالمنا : خطة التنمية المستدامة لعام (2030)” بإعتمادها الهدف الحادي عشر (SDG11) بمسمى “مدن ومجتمعات محلية ومستدامة” ” Sustainable cities and coummunities” الذي يهدف إلى ضرورة جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع ومستدامة وقادرة على الصمود، ولتحقيق هذا الهدف تم تحديد مؤشرات له منها مؤشر نسبة إنتشار السكن غير الملائم ومؤشر قياس نسبة السكان الحضر الذين يعيشون المناطق العشوائية.
النمو العشوائي السكني هي ظاهرة عالمية تتصف بها معظم الدول النامية وتحتوي على ما نسبته (24%-30%) من إجمالي سكان المدن، ولا سيما أن النمو المتسارع في المدن أدى إلى زيادة المتطلبات والإحتياجات للإنسان التي أثرت عليها إقتصادياً وإجتماعياً وصحيا تسبب ذلك بظهور المناطق العشوائية التي تفتقر لأدنى إحتياجات ساكنيها من كهرباء وشبكات صرف صحي وخطوط تغذية لمياه شرب نقية، ويعاني قاطنيها من تدهور صحي وإرتفاع بمعدلات الجريمة فيها. ومن أفضل أساليب التعامل مع المناطق العشوائية هو أسلوب الإرتقاء من خلال توفير الخدمات للمنطقة ورفع كفائتها والحفاظ عليها بعد أن تأكد عدم فعالية الأسلوب التخطيطي بالإزالة التامة خصوصا في الدول ذات الموارد الاقتصادية المحدودة ناهيك عن المصاريف المالية الكبيرة لهذا الأسلوب
إن قرار وسياسة الإزالة التامة للمناطق العشوائية قد ينتج عنه التشتت وإنقطاع التواصل البشري والنسيج الاجتماعي للمنطقة، وحيث أن ما يميز هذه المناطق الكثافة السكانية العالية، فمثل هذا القرار يجعل سكانها للبحث عن بدائل أخرى يتخذونها كمأوى لهم وقد تكون مناطق عشوائية جديدة، أو البحث في أحياء سكنية في مناطق أخرى قد يكون لديه آثار سلبية كثيرة منها إختلاف المستويات المعيشية بينهم وكذلك عدم التوافق الثقافي وبالتالي ينتج قلة الترابط و التداخل والتعايش فيما بينهم وتكاد تكون العلاقة شبه معدومة بينهم. وهذه المناطق العشوائية ساهمت بشكل كبير في مشكلة الإسكان من قاطنيها ممن هم منخفضي الدخل بمواردهم الذاتية البسيطة ووصولهم إلى وضع القناعة من حيث المباني.
من الضروري أن تتوافق خطط تطوير العشوائيات مع برامج التنمية المجتمعية بما تساهم في تحقيق الإدماج الاجتماعي Social integration بحيث لا يتصور السكان أنهم أقل شأناً ممن يسكن المناطق والأحياء العمرانية الأخرى، وكما يجب أن يراعى في خطط التطوير تحليل الرغبات السكانية Perferences analysis حتى لا تؤثر سلباً على ظروفهم المعيشية والإجتماعية، ويأتي دور المشاركة المجتمعية في التطوير كمؤشر لقياس الرضا عند السكان من أجل تحقيق هدف الإستدامة
وأخيرا :عند التعامل مع المناطق العشوائية يجب أن يدرك المخططون المعرفة التامة لنوعيتها وخصائصها العمرانية، الاقتصادية الإجتماعية ونظام الملكية السكنية لها، فإن فهم وإدراك ذلك يسهل على المخططون في إتخاذ قرارات وسياسات وفق إحتياجات وتطلعات المجتمع عندصياغة السياسات العمرانية نرى أنها تعكس متطلبات وإحتياجات المجتمع بجميع طبقاته في مرحلة التخطيط من خلال الديموقراطية وحرية الإختيار، وإدراك ذلك يسهل على المخططون في إتخاذ قرارات وسياسات وفق إحتياجات وتطلعات المجتمع سواء التطوير الشامل أو الجزئي أو التحسين العمراني حسب خصائص وطبيعة كل منطقة عشوائية.

مقالات ذات صلة

إغلاق