المقلات

رائحةُ القدم

بقلم : محمد الرياني

كانتْ تداعبه وتلاعبه وإذا وصلتْ إلى قدميه تضع أنفها وشفتيها في باطنها لتستروح نعومتها، تقول له وهي تستنشق العطر الجميل : ما أطيب قدميك! الذين يرونها ينادونها ويقولون لها كفّي عن هذا الدلال فكلنا معنا أطفال مثلك، تعود إلى قدميه مرة أخرى لتقول : قدم صغيري تختلف، تضمها ضما مرة أخرى والصغير في قمة الفرح، قالوا لها ثانية غدا يكبر ولن تشمي قدميه، لم تلق بالاً واستمرت في فعلها، كبر الصغير، بدأ يذهب بعيدا عنها، قدمه التي كانت تمشي على رمل أبيض في الفناء القريب تجاوزت المحيط لتلتقط العوالق في الأماكن البعيدة، لم يعد يستلقي على ظهره لينتظر القبلات وشمّ باطن القدمين، لكنها أبتْ إلا أن تفعل ذلك، اقتربتْ منه وبدأتْ تداعبه، وصل أنفها عند رجليه وتوقفت، لم تعد الرائحة هي الرائحة، تحدّث نفسها وهي بين مصدقة ومكذبة، ظلتْ تفعل فعلتها القديمة وهي تشكّك في حاسة شمها، مرتْ الأيام والرائحة تتغير والصغير يغيب عن الدائرة الجميلة وهي تنتظر على نار الانتظار، جاء يوما وقد انتفخ جسمه وتورم من فرط البعد عنها، لم تتركه حتى يذهب إلى السرير، وقفتْ إلى جواره وهي تستروح الجسد الكبير، قالت له : لم أعد أجد لرائحة القدمين شذى وهو لايجيب ، حضر الذين قالوا لها سيكبر يوما ليروا المشهد، تركهم في حيرتهم وغادر المكان، ذهبتْ إلى سريره القديم تبحث عن بقايا رائحة، كان قد سبقها لأخذ السرير معه.

مقالات ذات صلة

إغلاق