
بقلم – هدى فواز
زوّد الصغار بجذور عميقة ، وإمنح الكبار أجنحة طليقة
مثل هندي.
هل نحن قادرين على جميع الصِغار ؟
هل نمنح كل الكِبار أجنحة طلِيقة أم أن هناك من علينا أن نبقيه في العُش ؟
سؤال يجرّ سؤال في دائرة صغيرة كوّنها القليل من قائدي الأعشاش ، وبقي الكثير يجرّون الكثير لفشل التربية .
نعلم أن الفطرة بعد البحث عن الإله هي إختيار الطريق ، أن أعبده أو أعصيه ، أن أتوب اليوم أو أكفر بكل ما آمنت به . الفطرة هي أن نختار ، بين الصحيح والخاطئ ، بين الأبيض أوالأسود .
لكن اليوم ؟
لسنا قادرين على الإختيار ، لا أحد يقدر أن يختار ، ننصاع ولا نختار ، نسلك الطريق الذي رُسِم لنا ونقوم بالدور الذي أُختير لنا ، الدور الذي يرونه لائقًا بنا ، ونحبكه .
تربية الأطفال شيء ليس مثل تخطيطك لمنزل الأحلام ولا شمّاعة تحمّلها كل مافاتك أن تكونه .
التربية ليست أن تتبع الخطط المكتوبة في كتب فن التربية بالحرف الواحد ، ولا أن تتبع خطة والديك الخاصة في تربيتك ، ولا أن تنصت للمستشارين على المذياع .
التربية هيَ أن تكون على علم بكل الخطوات في هذه الطرق ، وتختار ما يفضّله طفلك ، ويستمع له ، ويحب أن يُعامل به .
( الدين لا يمحو الغرائز و لكن يروّضها، و التربية لا تغيّر الطباع و لكن تهذبها ) كما يقول مصطفى السباعي .
لا تستطيع أن تغيّر شخصًا طالما لم يقبل التغيير ، التربية تهذيب للنفس ، هي كالشخص الذي يمشي خلفك وبيده مصباح ويهمس لك في أُذنيك بكل ما ينتظرك في الأمام وعن الطرق الجانبيه التي بإمكانك أن تسلكها ومايرغب منك ويفضّله من تصرف ، وعندما توشك على الإدراك بأنك واقعٌ في الظلام لا محاله ، يهبك المصباح من يديه .
ليست إستعباد ولا تحكّم وفرض آراء وعقوبات .
التربية ليست تخطيطًا لجسد وطريق ، لحاضر ومستقبل .
يقول الإنجليز ( كما يكون الأب يكون الولد )
دائمًا ما ألتمس ( نحن نخشى أن نصبح آبائنا ) في صدور المراهقين والأطفال .
أحيانًا من غير أن نفهم نكون هذا الذي خشيناه دائمًا ، إن جنينا من التربية تمثالًا أو فزاعه يخشى ويخاف أطفالنا من الشبه بينهم وبينها فهذا ليس نجاحًا في التربية ، هذا الفشل والكبت الذي لن يحمد عقباه .
التربية هي أن تكون شيئًا يقتدو به على الأكثر ، أن تقرأ وتتعلم وتمسك الحكمة من رأسها ، أن تهذّب نفسك بما يكفي كي تتهذب نفوسهم إقتداءً وحبًا بك .
فقط كي تربي تربيةً ناجحة ، ولتجني ثمار التربية التي يُثنى عليها ، كن أنت هذا الشيء الذي تريده وتريد أن تجنيه .
كان من الممكن لو خالف القليل منا طريقة المشي في طريق التربية و صَنَع جيلًا يعرف أن يختار ، أن يقول بملء فمه رأيه الخاص ، بنعم أو لأ ، أريد وأرغب أو لا أريد .
منحنا الله هذه الأجنحة الطليقة التي قد تكون طريقة البعض منا في الإيمان ، فكيف نطلب الإيمان ممن نزعنا عنه إيمانه .
التربية أن تجرب طرقًا أخرى ، أساليب مغايرة ، أن تواصل البحث والنبش إلى أن تغذي جذور أطفالك بما يجعلك تجني الثمار راضيًا .