الامارات
محاضرة ( أبو القاسم الشّابّي … حديث الرُّوح المستتر)
بمؤسسة بحر الثقافة بمعرض أبوظبي للكتاب 2019.
هيفاء الأمين – أبوظبي
في يوم الأثنين الموافق 29 ابريل 2019، من منبر مؤسسة بحر الثقافة بمعرض أبوظبي للكتاب 2019، بحضور سمو الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان مؤسس ورئيس مجلس إدارة ” بحر الثقافة ” بأبوظبي، وبحضور أصحاب المعالي والسعادة الضيوف الكرام من كبار الشخصيات وسمو الشيخات وحشد كبير من المثقفين، والوجوه الإعلامية والأدبية. وضمن فعاليات المؤسسة في جناحها وفي محاضرة للاستاذ الشاعر والكاتب لطفي الشابي عن (أبو القاسم الشّابّي … حديث الرُّوح المستتر).
ذكر الأستاذ لطفي الشابّي في محاضرته ( أبو القاسم الشّابّي … حديث الرُّوح المستتر) أنّ الشّابّي عاش حياة قصيرة بالمقارنة مع غيره من الشُّعراء العرب ، ولكنّه، مع ذلك، حقّق شهرة عريضة، ولمع اسمه في تاريخ الشِّعر العربيّ بوصفه واحداً من الشُّعراء الذين تركوا بصمة مهمَّة في مسيرة هذ الشِّعر، فضلا عن أنّه كان واحداً من المؤسِّسين لرؤية مغايرة للشِّعريّة العربيّة في كتابه المهمّ ( الخيال الشِّعريّ عند العرب)، الذي لا يزال يُشكِّل علامة لافتة في مسيرة الأدب العربيّ المعاصر.
و قد بدأ الشّابّي حياته الإبداعيّة في وقت مبكِّر من حياته، واستطاع أن يكوّن ذاته خلال فترة قصيرة من عمره، وأن يُبلور ذائقة نقديّة مغايرة لمعاصريه من الشّعراء، وأن يحفُر مجرى عميقاً في آليّة كتابة الشعر في وطنه تونس، ويشكِّل علامة لافتة في خريطة هذ الشِّعر.وقد استلهم الشّابّي في كتابته للنّصّ الشّعريّ ما كان قد خطّه جدُّه الأكبر في القرن العاشر الهجري من شعر صوفيٍّ ينحو في الغزل منحى مغايراً للمنحى الذي يرسم صورة تقليديّة للمرأة، ويغدق عليها أوصافاً مجترّة، فتجلَّت في شعره كائناً رمزيّاً أقرب ما يكون إلى الصُّورة الرَّهيفة التي شكّلها الشِّعر الصُّوفيُّ للمرأة، وفي مقدِّمتهم ابن العربيّ، وقد اختار المحاضر أبياتاً شعريّة للشابي تعكس ذلك منها قوله:
عذبةٌ أنتِ كالطُّفولةِ كالأحلامِ كاللّحْنِ كالصّباحِ الجديدِ
أنتِ أنشودةُ الأناشيدِ غنّاكِ إلهُ الغناءِ ربُّ القصيدِ
أنتِ دنيا الأناشيدِ والأحلامِ والسِّحرِ والخيالِ المديدِ
كلّما رأتْكِ عينايَ تمشيْنَ يخطو مُوقّعاً كالنّشيد
وفي رأيه أنّ الشّابّي تأثّر في رسم صورته للمرأة بما كان يقرأه من أدبٍ ونتاجٍ فكريٍّ أجنبيّ مُترجَم إلى اللغة العربيّة، رغم أنّه لم يُجِدْ لغة أجنبيّة، كما أنّه حرِص على استلهام كثيرٍ من قصائده من الكتاب المقدَّس بعد أن انتبه إلى أنّ الشُّعراء الأوروبيِّين تأثُّروا بهذا الكتاب بما كانوا ينتجونه من شعر، فضلا عن أنّه تأثّر بالواقع الموَّار من حوله، وعايش ما كان يحدث فيه من فظائع ومآسٍ كانت زاداً له في تشكيل كثير من القصائد.وقد اتهم الشابي بالزندقة من قبل شيوخ جامع الزيتونة، لأنه في رأيهم أباح للإنسان أن تكون له إرادة وقدرة على التغيير، كما أنه دخل في حرب شعواء مع أنصار الاتجاه التقليدي في الأدب؛ لأنه كتب شعراً فيه خروج على ما ألفوه من رؤيا وتقنيات شعرية، كما أنه هجا ميل المفكرين في عصره إلى الادعاء والكسل والخنوع، ودعا إلى تحطيم الأصنام الفكرية في عصره لأنها كانت تعيش في الماضي وتستكين إليه بوصفه المخرج لها مما تواجهه في الواقع من أزمات وقد قامت الأستاذة ولاء الوسلاتي ونادية جلال بالعزف والغناء لأجمل ما غني من أشعار أببي القاسم الشابي وكان عزفاً جميلاً بصحبة اشعار الشابي مغناة من الفنانة ولاء.، التي غنت بقصيدة للمغفور له زايد طيب الله ثراه أطربت الحضور.