هيفاء الأمين – أبوظبي
في يوم السبت الموافق 28 ابريل 2019، من منبر مؤسسة بحر الثقافة بمعرض أبوظبي للكتاب 2019، وبحضور سمو الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان مؤسس ورئيس مجلس إدارة ” بحر الثقافة ” بأبوظبي، وبحضور وحضور أصحاب المعالي والسعادة الضيوف الكرام من كبار الشخصيات وسمو الشيخات وحشد كبير من المثقفين، والوجوه الثقافية والإعلامية والأدبية ومحبي الأدب والثقافة. وضمن فعاليات المؤسسة في جناحها خلال
محاضرة تطرّق بها الدكتور عبدالله الغذامي في محاضرته عن مفهوم الهوية، وذكر أننا نستقبل الأخبار والأشياء من خلال حمولات ذهنية نحملها في أذهاننا، وهذا ما يجعلنا بعيدين عن أن نكون أحراراً عند تأويلنا لما نقرأه، أو نسمعه، أو نواجهه في حياتنا، ونبّه إلى أنّ الهوية قد تعني عند بعضهم السِّمات التي تميز شخصاً من آخر، وأنّ السمعة التي يكتسبها المُنتَج بعد خروجه إلى السُّوق يغدو سمعةً له، ويميزه من منتَج آخر يغايره في صفاته، وذكر أنّ بعض شركات الإنتاج قد تخاطب المرأة على أنّها متميزة ومختلفة عن غيرها، وأنّها تشبه غيرها في الوقت ذاته، وذكر أنّ الذات تسعى إلى التمييز عن غيرها في الأزمات، كما تميل إلى إيجاد مسافة بينها وبينه؛ ولهذا فسؤال الهوية يتفجّر في الأزمات، ويغدو وسيلة للهرب من الأخطار في أوقات الحروب حين تغدو المشابهة مع الآخرين، ومماثلتهم، والانضمام إليهم خطراً ينبغي تجنبه.
وفي رأيه أيضاً أنّ الهوية ليست علامة وجود، ولا دليلا على اكتمال الصّيرورة للمرأة أو الرجل معاً، بل هي دليل على اكتساب شخصية محدَّدة تميِّز إنساناً من آخر، أو شيئاً من غيره، ويمكن أن نجد مفهوم الهوية في تراثنا الشعريّ العربي، فابن قتيبة يذهب في بعض كتاباته إلى أنّ هوية شاعر معين تنبثق من استخدامه للغة تميزه من غيره، وهذا ما جعل أباتمام مثلا يختلف عن البحتري، وجعل بعض النقاد كالآمدي يعقدون في بعض كتبهم فصولا لبحث المشاكلة والاختلاف بين هذين الشاعرين، والحديث عن (الهوية الفنية) التي يتميز بها المتنبي عن أبي العلاء المعري، وفي الظنّ أنّ مفهوم الهوية طُبِّق على مفهوم المرأة والرجل؛ فغدت المرأة ناقصة الهوية؛ لأنها لم تمتلك الصفات التي يمتلكها الرجل، وما امتلكته من صفات ميزها من الرجل لم يُنظَر إليه على أنه هوية خاصة بها مع أنه كذلك؛ لأنّ هويتها في رأي كثيرين لم يتح لها الاكتمال بسبب أنها لم تحمل الصفات نفسها التي حملها الرجل، وفي رأي الغذامي أيضاً أن المرأة المسلمة بقيت مستهلكة للفقه، ولم تنتجه، وغدا ذلك دليل نقص لها بدلا من أن يكون دليلا على اختلافها عن الرجل، وقد استثمر المتطرفون والمتشددون الفقه كسلاح واستخدموه كأداة لمحاربة الرجل والمرأة معاً، وهكذا تمّ إقصاء المرأة عن المجالات التي اشتغل فيها الرجل، وغدا ذلك هوية ناقصة لها، لا هوية مكتملة.