المجتمع
تقرير إخباري: مؤشرات جودة الحياة في مشاريع (البر)..
أعد التقرير: عبد القادر عوض رضوان
الاحتياج لمؤشرات جودة الحياة في المجتمعات المعاصرة يكون لقياس نتاج خطط التنمية على حياة الفرد في المجتمع، حيث إن مؤشرات التنمية لا تتمثل في الدخل وحسب، وإنما في الارتقاء بجودة حياة المواطن، مما يعني أن التنمية ليست فقط تنمية اقتصادية وإنما تنمية اجتماعية وتنمية ذاتية للأفراد وتنمية للبيئة التي تحيط بهم.
لقد جاء برنامج جودة الحياة الذي تم إطلاقه عام 2018م ضمن برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 ليُعنى بتحسين جودة حياة الفرد والأسرة، وبناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن، من خلال تهيئة البيئة اللازمة لاستحداث خيارات أكثر حيوية تعزز من أنماط الحياة الإيجابية، حيث تمكّن البرنامج من فتح آفاق جديدة لقطاعات جودة الحياة التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، بهدف الوصول الى مجتمع حيوي قادر على استكمال مسيرته الحضارية والارتقاء بمكانته بين الأمم.
وقد أدرك القائمون على جمعية البر بجدة -ضمن منظومة القطاع غير الربحي- الأبعاد التنموية المستدامة في العمل الاجتماعي، وأهمية ترسيخ ثقافة المسؤولية الاجتماعية وقيم العمل الإنساني وتعظيم نفعها، بكل ما يتمخض عنها من انعكاسات إيجابية على مسارات الحياة الاجتماعية المختلفة، فحرصت الجمعية على تحقيق البُعد الإنساني وتعظيم الأثر الاجتماعي لجميع مشاريعها ومبادراتها المجتمعية، وتقديم خدمات ذات جودة عالية للمستفيدين.
من هنا ندرك أبعاد الفلسفة التنموية التي انتهجتها جمعية البر بجدة مسترشدة ببرامج الرؤية التنموية المختلفة وأهدافها، كما ندرك أسباب استناد العديد من مشاريع الجمعية المجتمعية إلى مستهدفات برنامج جودة الحياة ضمن مسارات العمل الاجتماعي، بدءاً من برامجها الخاصة بالأيتام، والأسر محدودة الدخل، ومرضى الفشل الكلوي، وصولاً الى أدوارها المجتمعية البناءة التي تسعى من خلالها الى المساهمة في إيجاد مجتمع حيوي يوفر للجميع حياة كريمة، ويكون وفق رؤية 2030 أساساً للازدهار الاقتصادي.
فجاء إطلاق الجمعية بالأمس لباقات (رمضان وجودة الحياة والكفالات) بالتزامن مع مشاريع الجمعية الموسمية الخاصة بموسم رمضان وعيد الفطر، امتداداً لمنظومة من العمل الاجتماعي الذي يستهدف تحقيق التنمية المستدامة، والانتقال بمفهوم العمل الخيري من الرعوية الى التمكين.
ولعلنا نستعرض بعضاً من نشاطات الجمعية التي جسدت حرصها على تحقيق التنمية المستدامة من خلال التمكين، والعمل الدؤوب لتحقيق مؤشرات جودة الحياة في جميع برامجها التي تستهدف فئات الأيتام والأسر ومرضى الفشل الكلوي.
ففي جانب العناية بالأيتام، حرصت الجمعية على خلق البيئة الملائمة لهم، وتحسين جودة حياتهم عبر شمولهم بالرعاية الصحية والتعليمية والتثقيفية والنفسية والاجتماعية، إضافة الى البرامج الثقافية والرياضية والترفيهية، بهدف بناء الشخصية المتكاملة لليتيم، ودمجه مجتمعياً، ومساعدة الأيتام في رسم ملامح مستقبلهم من خلال: اكتشاف قدراتهم، وصقل مواهبهم، وتنمية مهاراتهم، وإثراء معارفهم، وتمكينهم عبر التأهيل والتدريب، وتيسير إكمال دراساتهم العليا، وصولاً الى توظيفهم ورسم ملامح مستقبلهم.
كما تقدم الجمعية للأيتام المقيمين لدى أسرهم منظومة من الخدمات، تتجسد في: إيداع إعانات بنكية شهرية لهم، وتأهيلهم وتدريبهم من خلال الدورات، مع دعمهم بمساعدات عينية مستمرة، وتزويدهم بالمستلزمات المدرسية، وإتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة في الفعاليات الخارجية، إضافة الى تزويدهم بكوبونات إفطار صائم، وكسوة العيد، وتقديم عيديات لهم خلال عيدي الفطر والأضحى.
وتحرص الجمعية على رسم ملامح المستقبل لأيتامها من خلال توفير عدد من الأدوات والبرامج والمبادرات التي تعزز تمكينهم بالتوازي مع مسار دمجهم المجتمعي وبناء شخصياتهم المتزنة. كما تعمل على بث عنصر الأمان النفسي الذي يعزز التوازن في شخصية وسلوك اليتيم. وقد جاء مشروع (تمكين اليتيمات) من خلال توفير وحدات سكنية وتمليكها لهن بالشراكة مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، كأحد المُخرجات في منظومة العمل الاجتماعي التي تجسد حجم العناية التي توليها الجمعية لأيتامها من الجنسين، حتى يكونوا جزءاً أصيلاً من البناء التنموي في بلادنا، بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
كما حظيت الأسر ذات الدخل المحدود خاصة الأرامل والأسر المعيلة للأيتام بنفس القدر من الاهتمام من خلال العناية بالتأهيل والتدريب وصولاً الى التمكين من خلال التوظيف أو احتضان المشاريع البسيطة وتطويرها، مع حرص الجمعية الكامل على أن يحظى هؤلاء بمستوى عالٍ من أنماط الحياة المعيشية الإيجابية وتحسين نصيبهم في المشهد الحضري.
إن المواءمة في تحقيق الأهداف التنموية والإنسانية، واستحضار التوازن ما بين الاقتصاد والنظام البيئي من خلال منظومة الخدمات الاجتماعية، يسهم بشكل كبير في معالجة الكثير من القضايا الاجتماعية، وارتقاء أنماط المعيشة وفق مفاهيم إيجابية تعود بالخير على المجتمع، وهو مسار عملت جمعية البر بجدة على تجسيده على أرض الواقع من خلال حزمة أنشطتها وبرامجها التي تستجيب لاحتياجات التنمية المستدامة وتحقيق جودة الحياة بكل مؤشراتها الفاعلة، وصناعة حاضر مزدهر ومستقبل مشرق.