المحليات
جدد ميثاق الحياة في قلبك بالتوبة، وانشر أنوار الفرح بالأوبة
فضيلة الشيخ أحمد بن طالب في خطبة الجمعة:
جدة – ماهر عبدالوهاب
وبعد أن حمد الله تعالى قال: أيها المؤمنون..أنتم في صُبابة الشهر الأصب، شهر الله الحرام رجب، وهو مفتاح أشهر الخير والبركة، فالسنة كالشجرة، توريقها في رجب، وتفريعها في شعبان، وقطفها في رمضان، والمؤمنون قِطافها، والقلب روضة لا نماء لثمارها إلا بصفاء السُّقيا وتطهير الأرض، والسقيا الاستغفار والتطهير التوبة، فجدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها في هذه الأيام بالتوبة، وبمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيها ما بقي من العمر، وكيف لا يقبل قلب على حدائق الأنوار، وبهجة قلوب الأبرار: وهي التوبة النصوح، ورب العالمين جعل التائب محبوبًا، فقال سبحانه وبحمده: “إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين” . وكيف لا ينهض العبد الضعيف المسكين إلى مشهد الفرح الإلهي الذي تفضل علينا ربنا به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً). وحياة العبد في صلته بربه، وهرولته إليه حبًا وشوقًا، وعبودية ورقا، وتحقيق العبودية في صفتها الأعلى أن يكون العبد تائبا أوابًا، لا يساكن المعاصي، ولا يجعلها خلقا له، بل يفر من ضعفه وذنوبه، ومن رق الذنب إلى رحمة الرب سبحانه وبحمده. وأضاف فضيلته: وقد رحمنا الله تعالى فوصل من ابتعدوا في صحراء الذنوب، وجفاء الغفلة، ونسبهم إليه وفتح لهم أبواب المغفرة، ودعاهم إلى بشارة المغفرة بألطف خطاب، وأجل بيان: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) فمن قام فيه مقام التنزيه كان مسبحًا، ومن قام فيه مقام التعظيم كان مكبرًا، ومن قام فيه مقام الثناء كان حامدًا، ومن قام فيه مقام التوحيد كان مهللًا. و قال فضيلته: فجدد ميثاق الحياة في قلبك بالتوبة، وانشر أنوار الفرح بالأوبة، فإن الذنب قترة، والتسويف في التوبة حسرة، والعاقل من لزم رضاء ربه، وعاد إليه ساعيًا بجوارحه وقلبه، وحاشا لكرمه أن يرى عبده مستغفرًا فيعذبه فما خلقه تعالى إلا ليرحمه. وأعظم الناس رحمة من صان نفسه عن مساخط الله، وتعرض لنفحاته ورحماته مستغفرًا تائبًا. واختتم فضيلته الخطبة بقوله: صدق الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام إذ قال “الراحمون يرحمهم الله تبارك وتعالى.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”. فالله الله في إخوانكم دعاءً وإعانة وإنجاءً، واعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه قرابة ولا رحم ولكنه قائم بالقسط حاكم بالعدل يبين في ميزانه مثقال الذرة، وجزاؤه مرصد للجان ولو بعد حين، فالله الله.. الخلوات الخلوات.. النيات النيات.. البواطن البواطن.. والحمية من الذنوب لعله يتجاوز أو يغفر
|