المحليات

ملتقى الممارسات الوقفية 2022م بالشرقية يشهد إطلاق 5 مبادرات وقفية ويدعوا لنشر ثقافة الإبداع الوقفي

 

الدمام- نجاة الغامدي

أكد ملتقى ممارسات الأوقاف2022م، الذي نظمته غرفة الشرقية أمس الأربعاء 28سبتمبر 2022م تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأميـر «أحمد بن فهد بن سلمان»، نائب أمير المنطقة، وبشراكة استراتيجية مع الهيئة العامة للأوقاف، وجاء تحت عنوان (الإبداع والابتكار الوقفي)، على أهمية نشر ثقافة الإبداع والابتكار واستشراف المستقبل للأوقاف، وأوصت خلاله للجنة العلمية بزيادة الاهتمام بنشر ثقافة الوقف المبتكر على كافة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، والعمل على دعم وتمكين قطاع الأوقاف بالاستثمار في الفرص والتقنيات الناشئة والمبتكرة من خلال التعاون مع الهيئة العامة للأوقاف، ودعت كذلك اللجنة إلى بناء استراتيجية تُشارك فيها الجهات والمؤسسات الوقفية وبشراكة مع المؤسسات الحكومية لتعزيز تطوير الأوقاف المبتكرة، وتكثيف العمل على تسهيل تمويل الأفكار ومشاريع الأوقاف المبتكرة من خلال حاضنات الابتكار، وأيضًا زيادة الأوقاف الخاصة بالمؤسسات التعليمية والصحية والسكنية من خلال التطبيقات المبتكرة للأوقاف.

العديد من المبادرات الوقفية

وقد تم خلال الملتقى الإعلان عن العديد من المبادرات الوقفية، كمنصة وقف الأفكار، عن المعهد الدولي للوقف الإسلامي، وهي منصة إلكترونية لتجميع الأفكار حول الأوقاف وكيفية تطوير منتجات وقفية قائمة أو ابتكار منتجات وقفية جديدة، ومبادرة أوقف والتي أطلقها شركة إحياء الاستثمار الوقفي، فضلاً عن إطلاق القرية الوقفية الطبية بحاضرة الدمام، عن جمعية الأوقاف الصحية، وكذلك إطلاق مبادرة وقف التعليم الرائد، التي أعلنها الأستاذ رشيد بن عبد العزيز الحصان، عن مجموعة الحصان التعليمية بهدف خدمة التعليم من خلال إطلاق برامج تعليمية تعمل على تحفيز الطلاب، وأيضًا مبادرة كتاب رحلة الواقف والتي أطلقها فضيلة الشيخ سعد بن محمد المهنا،

وكان الملتقى، قد شهد عقد نحو خمس جلسات تضمنت عرض نحو 14 ورقة عمل، قدَّمها مجموعة من المتخصصين من داخل وخارج المملكة وتناولت العديد من الجوانب ذات العلاقة بالإبداع والابتكار في القطاع الوقفي ودورها ومستقبلها في المشهد الاقتصادي الوطني، وصاحبه معرضًا لنحو 17 جهة وقفية قدموا خلاله منتجاتهم وتجاربهم الوقفية، وسط حضور العديد من المسؤولين الحكوميين ورجال وسيدات الأعمال وأصحاب الخبرات من المتخصصين والمهتمين في مجال الأوقاف.

وفي افتتاحية المُلتقى، قال رئيس غرفة الشرقية «بدر بن سليمان الرزيزاء» خلال كلمته التي ألقاها نيابة عن راعي المُلتقى صاحب السمو الملكي الأميـر، «أحمد بن فهد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، نائب أميـر المنطقة الشرقية، إن هذه الدورة الجديدة تأتي استكمالاً لمسيرة التوعية التي تتبناها الغرفة والهيئة العامة للأوقاف بالوقوف على أفضل الممارسات والمبادرات والبرامج المبتكرة والإبداعية في المجال الوقفي وسُبل تعميمها في المملكة والمنطقة، بما يحُقق عوائد استثمارية عالية وأوقاف مستدامة تتماشى وأهداف رؤية المملكة2030م.

منصة تواصل معرفي

وأشار الرزيزاء، إلى ما أولته الحكومة الرشيدة من اهتمام كبير بالقطاع الوقفي، إيمانًا منها بأنه أحد أهم القطاعات دعمًا لمستهدفات التنمية المستدامة؛ فسخرت كافة السبل من حيث التنظيم والتهيئة القانونية والتأطير للإجراءات والسياسات اللازمة لمتابعته وتسييره، وقدَّمت كامل الدعم والرعاية للمشروعات والبرامج ذات الأثر الاجتماعي، وساندت كل ما من شأنه توسيع قاعدة الواقفين على هذه الأرض المعطاء، فأصبحت المملكة موطنًا للعديد من المؤسسات الوقفية ذات الأصول الضخمة والتنوع الكبير.

وأكد أن الملتقى، جاء تجاوبًا مع المساعي التنموية للدولة، وذاك الحراك المجتمعي الذي لا ينقطع لأجل زيادة المساهمات الوقفية اقتصاديًا واجتماعيًا، وبيَّن كيف سخّرت الغرفة إمكاناتها للمشاركة في إحياء وتنمية وتطوير شعيرة الوقف بين أوساط قطاع الأعمال، وما قدَّمته من أنشطة لنشر الوعي بأهمية تأسيس الأوقاف وتبني الممارسات الوقفية، فأصبحت بمثابة منصة تواصل معرفي بالممارسات الوقفية الناجحة محليًا وخارجيًا وعاملاً مساعدًا للإلمام بالقضايا التنموية والاستثمارية والشرعية لمنظومة الوقف.

رسالة مهمة لأبناء المنطقة والمملكة

وأوضح الرزيزاء، أن الملتقى، يُقدم رسالة مهمة لأبناء المنطقة الشرقية والمملكة عمومًا من رجال وسيدات الأعمال، ببحثه خلال هذه الدورة الجديدة من دورته موضوع تتجَدّدُ به ومعه رؤية قطاع الأعمال بالمنطقة تجاه مفردات القطاع الوقفي، بتسليطه الضوء على الأساليب الإبداعية والمبتكرة ذات المردودات الإيجابية على زيادة العائد من الأوقاف ورفع كفاءة القطاع الوقفي سواء من ناحية جودة الخدمات المقدمة أو من ناحية الارتقاء بالقطاع ككل في منظومة الاقتصاد الوطني.

وقدم الرزيزاء، شكره وتقديره إلى صاحب السمو الملكي الأمير، «سعود بن نايف بن عبد العزيز»، أمير المنطقة الشرقية، والرئيس الفخري للجنة الأوقاف، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير «أحمد بن فهد بن سلمان بن عبد العزيز»، نائب أميـر المنطقة الشرقية راعي الملتقى وللقيادة الرشيدة، على دعمهم ومساندتهم ومساعيهم الكبيرة نحو تعظيم القدرات الوقفية، وقام بتكريم وتقديم دروع الملتقى لكل من سعادة محافظ الهيئة العامة للأوقاف ورعاة الملتقى والمتحدثين ورؤساء الجلسات واللجنة العلمية المُشرفة على الملتقى.

قطاع محوكم وفاعل ومؤثر

ومن جانبه، قال سعادة محافظ الهيئة العامة للأوقاف عماد بن صالح الخراشي، إن القطاع الوقفي يشهد في الآونة الأخيرة حراكًا كبيرًا وتطورًا ملحوظًا بفضل الله ثم دعم قيادتنا الرشيدة وعنايتها بهذا القطاع مما نتج عنه نموًا في الممارسات المتميزة والمبتكرة في هذا المجال ليواكب القطاع الوقفي التطور الملحوظ الذي تشهده بلادنا وفي مختلف المجالات، وأشار إلى أن الهيئة تعمل مع شركائها على تفعيل هذا الدور وتحفيز القطاع الوقفي وتمكينه للتوسع في مجالات الإبداع والابتكار وخلق مبادرات نوعية تتوافق مع احتياجات المجتمع والتوجهات التنموية لتتكامل مع جهود القطاعات الأخرى في هذا المجال.

واستطرد، إننا نعمل اليوم في الهيئة على صناعة تاريخ جديد وتحول جوهري في الممارسات الوقفية مستمدين ذلك من عمق تاريخنا المشرق الناصع مستحضرين أفضل النماذج والممارسات والتجارب العالمية في هذا المجال وبما يواكب طموح القيادة ويتوائم مع رؤية المملكة ونظرتها الاستشرافية للوصول لقطاع محوكم وفاعل ومؤثر.

طرح منتجات مبتكرة

وأوضح بأن هذا الملتقى يأتي كأحد المنصات المهمة التي تثري هذا الجانب كونه يُسلط الضوء على أهمية التجديد في مجال الممارسات الوقفية حيث تعمل الهيئة مع شركائها على طرح منتجات مبتكرة تواكب الاحتياجات وتساهم في جلب واقفين جُدد وهذا بدوره سيكون أحد العوامل المحفزة على نمو القطاع الوقفي وتنوعه وتوسعه.

وتطلع الخراشي، إلى إيجاد شراكات فاعلة ومهمة تُسهم في تسريع وتيرة الإنجاز وتحقيق المستهدفات، قائلاً: إن القطاع الوقفي سيشهد قريبًا تغيرًا ملحوظًا ونموًا سريعًا ونوعيًا ونضجًا كبيرًا في أنظمته وحكومته وكياناته وبرامجه ومبادراته وأثره، لأننا نعمل وبوتيرة متسارعة على تحفيز هذا القطاع وتمكينه ودعمه ومعالجة مختلف التحديات التي تواجهه بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

مساهم رئيسي في مسيرة التنمية

وقال من جهته، عضو مجلس الإدارة ونائب رئيس لجنة الأوقاف بغرفة الشرقية، حمد بن حمود الحماد، إن الوقف يمثل أحد الأنظمة المالية الإسلامية المتعددة التي تهدف إلى تقوية الروابط بين كافة أفراد المجتمع، وتشمل آثاره مختلف جوانب الحياة الاجتماعيـة منها والدينيـة والثقافيـة والاقتصادية؛ وعلى مر تاريخ الحضارة الإسـلامية أسهمت الأوقاف بأدوار بارزه في استمرار العديـد مـن جوانـب الحيـاة الاجتماعية والعلمية في المجتمع الإسلامي، مما جعل للأوقاف فضلاً كبيرًا وأهمية عظمى في تاريخ الإسلام والمسلمين.

واستطرد بقوله، وباسـتراتيجية واضحـة ترسم المملكة اليوم في ظل دعم واهتمام القيادة الرشيدة (حفظها الله) لكل ما من شأنه الارتقاء بهذا القطاع الحيوي، طريقها للنهـوض بالأوقاف والمحافظــة علــى اسـتمرارية دورها وترسيخ مكانتها في أن تصبح مساهمًا رئيسيًا في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحضارية التي تخوضها البلاد تماشيًا مع الهياكل والبرامج والمبادرات الحديثة للقطاع عالميًا.

وأشار إلى أن ملتقى اليوم يطرح العديد من الموضوعات ذات الشأن بالابتكار والإبداع في القطاع الوقفي من خلال مجموعة معتبرة من أوراق العمل التي يقدمها متخصصين في المجالات الوقفية..

تأسيس ثقافة الابتكار

وكان قد سبق افتتاح الملتقى جلسة أولى، تحت عنوان (تأسيس ثقافة الابتكار واستشراف المستقبل للأوقاف)، أدارها عضو لجنة الأوقاف بغرفة الشرقية، عبد السلام الجبر، وتحدث خلالها كل من الدكتور عودة بن راشد الجيوسي، من جامعة الخليج العربي، حول مختبرات الابتكار لتطوير الوقف، قائلاً: إن الابتكار الاجتماعي يعتبر أحد الحلول الجديدة الأكثر فعالية واستدامة وقيمة للمجتمع، ويسعى إلى تطوير وتنفيذ أفكار جديدة لتلبية حاجات اجتماعية، وتطوير شراكات جديدة، لافتًا إلى أن الابتكار الاجتماعي يهدف إلى تطوير منافع عامة وتطوير للقدرات الفردية، حيث يعتمد على الإبداع الفردي والمؤسسي، مؤكدًا أن الابتكار الاجتماعي يسعى الى أنسنة التقنية في عصر الذكاء الصناعي والتشبيك بين القطاعات والمعارف وإحياء ثقافة الاجتهاد والعمران والمساهمة في حلول مستدامة ومبتكرة، موصيًا بإنشاء مختبر للابتكار ليساعد في خلق قيمة جديدة من خلال ممارسات الابتكار ومعالجة التحديات المعقدة التي بدت غير قابلة للحل وتقديم الحلول الناجزة.

النظام الوطني للابتكار

والدكتور صالح يوسف الأنصاري، من شركة أس أي أس للاستشارات، عن دور أنظمة الابتكار الوطنية في تهيئة بيئة داعمة للابتكار في القطاع الوقفي، موضحًا أن النظام الوطني للابتكار، هو النظام البيئي الكلي الذي يُعزز توطين سلسلة القيمة المعرفية من خلال العلاقات المعقدة بين الروابط والتفاعل بين المؤسسات والكيانات والتشريعات، وقال حتى تتحقق الميزة التنافسية الاقتصادية والمنظومة الوقفية لابد من توفير عدد من الاحتياجات الأساسية وهي استقرار الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي، والتشريعات، والبنية التحتية، وهي رئيسية للاقتصادات المدفوعة بالموارد، بالإضافة إلى معززات الكفاءة وهي التعليم العالي والتدريب، وكفاءة سوق السلع، وسوق العمل، وتطور الأسواق المالية، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق وهي رئيسية للاقتصادات المدفوعة بالاستثمار، وأخيرًا عوامل الابتكار والتطور والتي تتمثل بتطور الأعمال والابتكار وهي رئيسية للاقتصادات المدفوعة بالابتكار، مشددًا على إنه حتى تتحقق الميزة التنافسية الاقتصادية والمنظومة الوقفية لابد من تشريعات تُسهل من عمل المنظومة الوقفية، والتكامل مع مؤسسات النظام الوطني، ومؤسسات بحثية تنتج براءات ذات قيمة مضافة، واستقطاب الاستثمارات في مجالات الأولوية الوطنية، والتوطين المحلي للمعرفة العالمية المستدام.

وتضمنت كذلك هذه الجلسة، ورقة عمل للدكتور سرحان شامان الشمري، من جامعة حائل، حول نظم الابتكار وتكاملها في الأوقاف، الذي أوضح بأن الابتكار والتقنية يقف أمامهم عدة تحديات أبرزها بأن التقنية لا تستطيع بناء قرارات معنوية وأخلاقية ببعد بشري، بالإضافة إلى التغيرات السريعة والمساومة بين المخاطر ومنفعة الاستثمار المبكر، وقال بأن محددات انتشار الابتكار تتمثل بالميزة النسبية ودرجة التعقيد والملائمة والقابلية للتجريب وقبول النتيجة، مشيرًا إلى أهمية الالتفات إلى المبتكرين المتميزين والمعروفين بالاهتمام بالأفكار الجديدة ولديهم استعداد تام لتحمل المخاطر.

المالية المبتكرة في الأوقاف

وفي الجلسة الثانية، التي أدارها المهندس أنس الضويان، عضو لجنة الأوقاف بالغرفة وجاءت بعنوان (التقنيات المالية المبتكرة في الأوقاف)، تحدث خلالها كل من الأستاذ فيصل بن محمد الشامسي، من بنك التنمية الإسلامي، عن آليات صندوق تثمير لممتلكات الأوقاف، وقال: إن صندوق تثمير الأوقاف تم تأسيسه عام 2001م إدراكًا من البنك للإمكانيات التنموية المهمة للأوقاف، التي هي سنة نبوية شريفة لعبت دورًا رئيسيًا في توفير تمويل مستدام للعديد من الخدمات الاجتماعية الأساسية، ولفت إلى أنه صندوق استثماري مقوم بالدولار يديره البنك الإسلامي للتنمية كمضارب، ويتمتع باستقلال إداري ومالي، إذ يقوم بتمويل بناء أو شراء الأصول العقارية الريعية (المدرة للدخل)، كحد أقصى 75% من التكلفة الإجمالية لأي مشروع، على ألا تقل هذه التكلفة عن 5 ملايين دولار أمريكي، وتكون فترة التمويل 15 سنة كحد أقصى، وعند بدء التشغيل، يستعمل الدخل الناتج عن الأصل العقاري لسداد أقساط الصندوق ويعود الفائض إلى الجهة المستفيدة لدعم أنشطتها الخيرية والتنموية بشكل مستدام، وقد وافق الصندوق منذ إنشائه وحتى نهاية العام 2021م على تمويل 55 مشروعًا في 81 دولة بقيمة مليار دولار، إذ تدر هذه المشاريع متوسط عوائد سنوية في حدود مليون دولار أمريكي للمنظمات المستفيدة ويتم استخدام هذا المبلغ لأنشطة التنمية البشرية المختلفة لهذه المنظمات.

نموذج منصة وقفي

وتحدث كذلك المهندس عبد الرحمن الرشود، من الهيئة العامة للأوقاف، خلال هذه الجلسة عن أثر منصات التمويل الجماعي في استدامة القطاع غير الربحي، (منصة وقفي نموذجًا)، موضحًا بأن التمويل الجماعي هو ممارسة تمويل المشاريع عن طريق جمع الأموال من عدد كبير من الناس من خلال منصّات رقمية، وقد يأتي عن طريق التبرع المباشر، أو عن الدين (الإقراض الجماعي)، أو الأسهم وغير ذلك، لافتًا إلى أن أكثر من 4 مليارات سعودي تم جمعها عبر منصات التمويل الجماعي في المملكة، منها أكثر من 50 مليون عملية تبرع، وأكثر من 300 وقف مدعوم، استفاد منها أكثر من 7 ألاف اسرة دعمت إسكانيًا، وأكثر من 6 ألاف حالة طبية تم دعم علاجها، وأكثر من 500 سجين مفرج عنه، وذكر بأن أثرًا كبيرًا تحدثه منصات التمويل الجماعي على تنمية القطاع غير الربحي في المملكة، نظرًا لما تتمتع به من الشفافية، وسرعة الإعداد لحملات التبرعات، وإمكانية التسويق، وجذب الأشخاص المهتمين بالفكرة.

تمكين الابتكار الاجتماعي

فيما قدَّم خلالها الدكتور ويل بريتشارد، ورقة عمل حول الأوقاف البريطانية بعنوان “تمكين الابتكار الاجتماعي”، مستعرضًا خلالها تجربة المملكة المتحدة في الأوقاف ذات الارتباط بالتعليم، وأبان بأن الجامعات أصبحت الآن أشبه بالشركات فمنظومة عملها أشبه بالأعمال التجارية في طريقة إدارتها وأهدافها الربحية الممزوجة بالأهداف التنموية، لافتًا إلى استمرارية منظومة المنح الجامعية وبشكل متزايد، وثمة ازدياد للفرص المتاحة للأفكار المبتكرة والآمنة ذات العوائد المالية التي تدعم التوازن المؤسسي، وقال إن الأوقاف الجامعية في بريطانيا اليوم تقدر بنحو 15.8 مليار جنيه إسترليني وفقًا لإحصاءات عام 2020م، واستمرارية في ابتكار المنح المحفزة بالشراكة مع وحدة المشاركة المجتمعية ومع رواد الأعمال الاجتماعيين.

تجربة وقف التحول التقني

والمهندس مشاري بن فهد الجويره، مؤسس وعضو مجلس نظارة وقف التحول التقني، الذي استعرض تجربة وقف التحول التقني في رقمنة القطاع غير الربحي، وأكد بأن الأوقاف ليست بمعزل عن العالم، وأنها يجب أن تدخل بشكل أقوى في مجال التقنيات الحديثة والاستثمار فيها لخدمة المجتمع والوطن، وأوضح أن مشروع وقف يسعى للوصول “قطاع غير ربحي فاعل رقميًا”، من خلال ابتكار حلول ونماذج الأعمال الرقمية وإثراء المعرفة؛ لتحقيق أهداف القطاع وتعظيم أثره”، وأشار إلى أن المشروع يشتمل على العديد من التقنيات أهمها: التقنيات المالية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الروبوتات، داعيًا إلى تأهيل القيادات في مجال تقنية المعلومات ليكونوا ضمن نظار الأوقاف، مما سيعطي قوة لمجالس النظار في الاستثمار الأمثل في التقنيات الحديثة. وكذلك تأهيل العاملين في القطاع غير الربحي في مجال تقنية المعلومات لزيادة مستوى احترافية تقديم المنظمات غير الربحية لخدماتها، والتركيز على الجامعات ومخرجاتها سواء في دعم طلاب الدراسات العليا أو دعم تخصصات جديدة في الجامعات لخدمة التقنيات الجديدة، مشددًا على كفاءة تمويل الحلول الرقمية والتكامل في دعم المبادرات والخدمات النوعية ذات الأثر.

حلول رقمية للأوقاف

والسيد حسن رازا، من بنك إيثوس الإسلامي، الذي أكد بأن المستهلكين يريدون بشكل متزايد المزيد من المنتجات ذات البعد الأخلاقي، حيث المواءمة بين قيمهم وتعاليمهم الدينية وأموالهم وتمويلهم، وأن المصرفية تتغير على الصعيد العالمي، وقال: نحن الآن في إيثوس نستخدم أحدث التقنيات لتقديمها حلول رقمية للأوقاف كونها تساعد في إطلاق العنان للأوقاف وتسمح بمواصلة تطوير وابتكار المنتجات بما يضمن خدمة الوقف على أكمل وجه، لاسيما في ظل اتساع منتجات وخدمات التمويل الإسلامي بأسعار تنافسية، وأشار إلى ما يقدمه إيثوس الإسلامي، من منتجات استثمارية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مثل صناديق الاستثمار المتداولة، وصناديق الأسهم الخاصة، وصناديق رأس المال الاستثماري، وهذه المنتجات تسمح للوقف أن يكون مستدامًا على المدى الطويل.

تقنية البلوكشين في الأوقاف

وقد جاءت الجلسة الثالثة للحوار حول الفرص المبتكرة لخدمة الأوقاف، وأدارها الدكتور سالم القحطاني، عضو لجنة الأوقاف بغرفة الشرقية، وقدَّمها الأستاذ هشام الحقيل، الذي قال بأهمية البحث المستمر حول الفرص المبتكرة والإبداعية التي من شأنها تطوير خدمات الأوقاف، وأكد على أن الإبداع والابتكار في المجال الوقفي يمنح الأوقاف أبعادًا استثمارية جديدة بل وتنوعًا في خدماته المقدمة، فيما جاءت الجلسة الرابعة، بعنوان ممارسات ومبادرات مبتكرة في الأوقاف، أدارها الأستاذ رائد خليل العيد، عضو اللجنة العلمية، وتحدث خلالها خمسة متحدثين؛ إذ استعرض خلالها الدكتور حسن أزكانين، من الجامعة الأمريكية بالمغرب، ممارسات وتجارب المؤسسات الوقفية الغربية في مجال الابتكار التكنولوجي، موضحًا بأن الوقف يعتبر من مصادر التمويل المستقرة والمستمرة التي لا تتأثر بسياسات القطاعات الخاصة ذات المنطلق الربحي ولا بقرارات المؤسسات الحكومية المتقلبة، حيث أن أصوله لا تُباع ولا تُوهب ولا تُورث، مما يستوجب ابتكار تقنيات جديدة تمكنها من تعزيز مكانتها الاقتصادية، وتحسين مستوى مردوديتها، مثل تقنية البلوكشين، التي عبارة عن قاعدة بيانات موزعة تحتفظ بقائمة من السجلات أو المعاملات التي تتزايد بشكل مستمر، وتتميّز باللامركزية، والتوثيق، وإخفاء الهوية بحيث يُمكّن للمستخدمين من إنشاء عناوين مختلفة لاستخدامها أثناء التفاعل عبر الشبكة، كإجراء يسمح بضمان خصوصيتهم وحماية معلوماتهم، فضلاً عن قابلية التحقق من العمليات وتدقيقها التي تعد من أهم خصائص تقنية البلوكشين، لكونها شبكة موزعة تتحقق من جميع العمليات وتتتبعها في أي وقت عبر الوصول إلى قواعد البيانات الخاصة، موصيًا بإجراء المزيد من الدراسات والبحوث على مدى إمكانية تطبيق هذه التقنية في مجال الأوقاف، وذلك عبر بناء استراتيجية تشارك فيها المؤسسات الوقفية مع المؤسسات الحكومية لدراسة إمكانية صناعة نظام أيكولوجي وقفي قائم على تقنية البلوكشين، داعيًا الجهات التشريعية بدراسة هذ التقنية من المنظور التطبيقي العملي، وإمكانية تنزيل حلوله على خدمات الأوقاف، وإنشاء منصة تمويل جماعي تقوم على تقنية العقود الذكية للنهوض بالاستثمارات الوقفية.

توجه الابتكار الاجتماعي

وكذلك الدكتور محمد عبد الله نصيف، من معهد الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز، الذي استعرض وقف الأستاذ الدكتور عبد الله نصيف “توجه الابتكار الاجتماعي”، قال بأن وقف “عبد الله نصيف” يحمل رؤية أن يكون “يكون مصدر أمل للمجتمع من خلال كوننا المنصة الرائدة في إطلاق طاقات الشباب بما يسهم في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة”، واستعرض نصيف، أبرز مجالات الاهتمام لدى الوقف وهي: (الابتكار الاجتماعي)، عبر المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني ومواجهة التحديات التي تتعلق بالإنسان والمستقبل من خلال الابتكار الاجتماعي وحاضنات الأعمال وتوظيف أدوات التقنية الحديثة. و(استدامة المجتمعات) توعية الشباب بدورهم القيادي في تحقيق التنمية المستدامة، وبناء المجتمع الحيوي، و(استشراف المستقبل): تعزيز المفاهيم العلمية والتطبيقات العملية التي تسهم في استشراف ودعم مشاريع المستقبل من خلال الشراكات المحلية والدولية، و(الشخصية الوطنية: تعزيز الشخصية الوطنية الفاعلة من خلال تشجيعها على إبراز دورها في المساهمة المجتمعية والتنمية المستدامة، وذكر بأن (نصيف) تركز بشكل أساسي من خلال مشاريعها ومبادراتها على نشر ثقافة الابتكار الاجتماعي لتعزيز دور الشباب في تحقيق التنمية الإيجابية ودعم الاقتصاد الوطني وكذلك المساهمة في حل التحديات المجتمعية والمستقبلية، حيث توفر رحلة شاملة ومتكاملة في تحفيز إبداع الشباب بأفكار ومشاريع المستقبل من خلال جائزة نصيف، وتطوير هذه الأفكار لتكون مشاريع اقتصادية وطنية ومستدامة من خلال مختبر الابتكار الاجتماعي.

الأوقاف المبتكرة في الصحة والتعليم

فيما تناول خلال الجلسة أيضًا الأستاذ علي المطوع من مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر، دعم الأوقاف المبتكرة في القطاعين الصحي والتعليمي، وبيَّن بأن المؤسسة منذ نشأتها حرصت على تقديم الدعم للأطفال والنساء، من مختلف الجنسيات من خلال التعاون مع العديد من المؤسسات والمراكز المتخصصة برعايتهم وتأهيلهم وتطوير مهاراتهم، وتقديم مختلف أوجه الرعاية المتكاملة لهم، بما يتناسب مع احتياجاتهم، ليكونوا قادرين على المشاركة في بناء المجتمع.. مستعرضا جملة من الإنجازات على هذه الصعد، كاشفا عن أن أوقاف دبي تقارب 7.85 مليار درهم.

ودعا المطوع، لتطوير الممارسات الوقفية من خلال تطوير المنظومات التشريعية لتساهم في زيادة الوقف ونمائه وسرعة تطوره، وتطوير المنظومة التقنية والبرمجية والذكاء الاصطناعي للاستفادة منها في تسهيل الوقف، والاهتمام بزيادة نشر ثقافة الوقف على كافة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ونحوها، وزيادة الأوقاف الخاصة بالمؤسسات التعليمية والصحية وجامعاتها لتطوير القطاع التعليمي والصحي.

الابتكار في التمويل الجمعي

وأيضًا تحدث الأستاذ الدكتور عاطف الشبراوي بالجامعة اليابانية المصرية وجامعة سنجور الفرنسية ومستشار البنك الدولي، خلالها عن الابتكار في التمويل الجمعي “تجارب دولية”، الذي أكد على أهمية الابتكار في التمويل الجما عي، مبينًا أنه مصطلح شامل يصف استخدام مبالغ صغيرة من المال، يتم الحصول عليها من عدد كبير من الأفراد أو المنظمات، لجمع الأموال لمشروع أو قرض تجاري كان أو شخصي أو تمويل احتياجات أُخرى من خلال منصات قائمة على الإنترنت، وأورد بأن 410 مليارات دولار قدمها الأمريكيون للجمعيات الخيرية عام 2017م، حيث أن 46% منها جاءت من خلال الحملات على منصات التمويل الجماعي، ذلك لأن التبرع من خلال الإنترنت يناسب الشباب أكثر، كما أن دراسة جديدة أجرتها جامعة بنسلفانيا وجدت أن المشاريع التي مولتها المنصة، ساهم في حملاتها 2.1 مليون شخص، وجمعت مليار دولار، ووفرت التمويل لعدد 70 ألف مشروع إبداعي، ووظفت 29.600 شخص بدوام كامل و283.000 بدوام جزئي، وساهمت في تأسيس 8.800 شركة جديدة وغير ربحية، وأنتجت أكثر من 5.3 مليار دولار من التأثير الاقتصادي المباشر لهؤلاء المبدعين من صانعي الأفلام والموسيقيين ومنشئي ألعاب الفيديو والكتب المصورة والصحفيين، واستعرض أنواعًا من التمويل الجما عي وأهدافها، والتي منها التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية، والإقراض (تمويل الشركات أو الفراد بقروض، والمعروف باسم ( نظير بنظير ويتلقى المقرضون مدفوعات الفائدة مقابل قرضهم، الاستثمار (بهدف الحصول على حصة/أسهم شركة أو مشروع, هذا النوع من التمويل مناسب بشكل خاص للمرحلة المبكرة والشركات الناشئة، التبرعات، المكافآت (تمويل مبادرات إبداعية أ وثقافية، مقابل تتلقى لمرة واحدة في شكل منتجات أو خدمات. دعوات، أو منتجات أو خدمات مجانية.

 

مقالات ذات صلة

إغلاق