المجتمع
“الشجرة” مشروع يوثق ذاكرة الإنسان في السعودية بدعم “إثراء”
الدمام- نجاة الغامدي
التحولات النهضوية التي شهدتها المملكة على مدى عدة عقود يحكيها الرواد في مشروع “الشجرة” الذي يوثق ذاكرة الإنسان السعودي وبصمته الواضحة في مختلف المجالات، وهو يأتي بدعم من مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ضمن البرنامج الوطني “مبادرة إثراء المحتوى”، الذي يهدف إلى تنمية صناعة المحتوى المحلي وتعزيز فرصه بالمملكة في شتى القطاعات الثقافية والإبداعية.
يوضح مدير المشروع عبدالجليل الناصر، أن “الشجرة” هو مشروع توثيق لذاكرة الإنسان في المملكة. ويضيف “تعددت وسائل توثيق التاريخ و التراث الإنساني، بدءاً من النحت على الصخر، ومروراً بصناعة الورق و الكتابة عليها، و حتى عصر تقنية المعلومات الحديث. اليوم ، التطور الكبير في الإعلام فتح مجالاً جديداً للتوثيق الشفهي و المرئي للتراث الإنساني”.
ويشير الناصر إلى أن المشروع يركز بشكل أساسي على فئة عمرية محددة تشمل الآباء و الأجداد الذين شهدوا مراحل التطور و التغير في المملكة حتى الوصول إلى النهضة التي تشهدها البلاد اليوم في كل المجالات. قائلًا “بالرغم من قيام بعض المؤسسات الرسمية بهذا التوثيق بشكل جزئي، إلا أن توثيقه من وجهة نظر الناس من مختلف مناطق المملكة يعطيه منظوراً مختلفاً لم نره من قبل”.
ويصف الناصر دعم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) للمشروع بأنه مميزاً على جميع الأصعدة. ويتابع “الرؤية الثقافية التي يتبناها إثراء تجعل الدعم الذي يقدمه يتجاوز النواحي المادية ليشمل الدعم الإستراتيجي و الإداري و تبادل المعلومات و الخبرات. إضافة إلى ذلك ، يحتضن إثراء طاقات بشرية تمتلك فهماً عميقاً لثقافة المملكة و إرثها وتاريخها، وهذا يجعل الدعم الذي يقدمه المركز للمشاريع الثقافية ذو طابع مختلف و يضمن نتائج مميزة ذات أثر مستدام.. إثراء هم شركاء حقيقيون في هذا المشروع”.
“الشجرة” بالأرقام ”
كشف الناصر أن مشروع “الشجرة” أكمل حوالي 23 يوم تصوير في 13 مدينة حول المملكة من مختلف المناطق، واستطاع المشروع من خلالها لقاء 48 شخصية من مختلف المجالات و المناطق و المدن، مع الإشارة لكون جميع الشخصيات التي تم الالتقاء بها تبلغ من العمر 60 عام فأكثر. وهنا يقول النصار “نظرتهم للحياة و شهادتهم على التحولات التي مرت بها المملكة في مختلف المراحل و المدن بالإضافة إلى حديثهم عن حياتهم الخاصة صنعت أرشيفاً ضخماً يقارب 46 ساعة تسجيلة مصورة بعدة كاميرات، وهذه المواد الثرية صنعت تحديًا لفريق الأرشفة الذي ما زال يعمل على تنظيمها حتى الآن”.
وبلغ عدد العاملين على المشروع 20 شخصاً ، كلهم من أبناء و بنات المملكة، كما يفيد الناصر، ويتابع “قام فريق المشروع بتحويل الأرشيف الضخم الذي تم تسجيله إلى مادة مكتوبة و إعادة صياغتها لتكون كتاباً عن ذاكرة الإنسان في المملكة. و للإحتفاء بفن الخط العربي الأصيل الذي يشكل جزءاً مهما من ثقافة المملكة، قرر فريق المشروع استخدام الخط العربي في أجزاء متعددة من الكتاب”.
” مراحل “الشجرة”
يشرح الناصر مراحل المشروع بالقول “بدأ بمرحلة البحث و الاستقصاء والإعداد لنصل إلى الشخصيات التي نريد التصوير معها، بعدها بدأ بناء الفريق و العمل على مرحلة التصوير مع كل شخصية في منزلهم الخاص، علمًا بأن الوصول لكل هذه الشخصيات وتنسيقات السفر و نقل المعدات للمدن كان تحدياً كبيراً”.
ويكمل “بعد الإنتهاء من التصوير بدأ العمل على الأرشفة و تحويل كافة المواد المسجلة شفهياً إلى مادة مكتوبة”. مبينًا أن العمل على المشروع استغرق 46 ساعة تسجيلية، كما أن فريق الكتابة في المشروع قام بإعادة كتابة العديد من الأجزاء لتكون مناسبة للمحتوى لغوياً و أدبياً. ويضيف “يعمل المشروع الآن على التصميم والخط العربي وإنشاء مواد إضافية لإظهار الكتاب بالشكل المطلوب”.
وأشار الناصر إلى أن نوعية الفئة العمرية المستهدفة و تعدد المدن و جائحة كورونا، جميعها أمور شكلت تحدياً أمام فريق العمل في كافة مراحل المشروع، لكن دعم إثراء و فهمه للتحديات التي يمر بها و إيمانه بأهمية المشروع كان علامة فارقة لتجاوز ذلك كله، كما أفاد الناصر، بما ذلل صعوبات إكمال مشروع “الشجرة” الفريد من نوعه.