المحليات

المهندس أمين الناصررئيس أرامكو السعودية : “الجافورة جوهرة الغاز غير التقليدي في المملكة”

 

الظهران- نجاة الغامدي

قال المهندس أمين حسن الناصررئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين في حفل توقيع عقود المرحلة الأولى من تطوير حقل الجافورة أصحاب السمو الملكي، أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله مساءكم بكل خير .
يطيب لي أن أرحب بكم في أرامكو السعودية حيث نحتفل اليوم بإعلان الجدوى التجارية للموارد غير التقليدية الضخمة في المملكة وبإطلاق برامج التوسع الكبير في حجم أعمال الغاز في أرامكو السعودية وأود أن أعرب عن امتناني لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود – وزير الطاقة – الذي طالما آمن ببصيرته الثاقبة بوجود إمكانيات هائلة لثروة الغاز غير التقليدي على أرض المملكة.
بل كان لسموّه دور أساسي في إعطاء النصح والدعم والتوجيه حتى أصبح هذا اليوم التاريخي واقعًا ملموسًا.
كما أتوجه بالشكر الجزيل لصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، ومعالي الأستاذ ياسر الرميان رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية، تقديرًا لاهتمامهم وتوجيهاتهم السديدةوامتنانًا لدعمهم الدائم.
واسمحوا لي أن أقدم أسمى آيات الترحيب لشركائنا المحليين والدوليين على تشريفهم هذا الحفل.
فلقد كان لتعاونكم المستمر وعملكم الدؤوب وثقتكم الكبيرة، دور كبير في تحقيق هذا الإنجاز العظيم الذي نحتفل به اليوم.
أصحاب السمو الملكي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
إنه لشرف كبير أن نشهد سويًا تلك الطموحات العظيمة وقد صارت حقيقة ملموسة.
يأتي هذا الإنجاز الكبير في مجال الموارد غير التقليدية، في وقت مثالي، حيث يشهد العالم مسيرة تحول في قطاع الطاقة.
وكما تزخر أرض المملكة بكنوزها وثرواتها ومواردها، فإنها تفخر بعقولها الفذة التي أبهرت العالم، فلطالما تحدث سمو وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، بخبرته العميقة وحنكته الفذة أمام المحافل الدولية ليرسي المقومات الأساسية التي
تقوم عليها سياسة الطاقة السعودية، والتي لخصها سموها في ثلاثة مقومات هي:أمن الطاقة، والنمو الاقتصادي ، والتغير المناخي.
وإذا كان الكثير من صناع السياسات في العديد من دول العالم قد عجزوا عن تحقيق التوازن بين هذه المقومات الثلاثة، فقد تصدرت المملكة المشهد، وتفردت عن باقي دول العالم، واليوم خير برهان، فالغاز يلبي هذه المقومات مجتمعة.
فهو مصدر موثوق للطاقة، ويتوفر بأسعار معقولة.
وهو الخيار الأساسي الذي ينبغي أن يلجأ إليه العالم للتصدي لتحدي الانقطاعات المرتبطة بمصادر الطاقة المتجددة ، كما أن الغاز الطبيعي ينتج نصف حجم الانبعاثات الكربونية، التي ينتجها الفحم عند استخدامه لقيمًا لتوليد الكهرباء.
وأعتقد أن الغاز هو الجسر وحجر الأساس للتحول في قطاع الطاقة، وخاصة في الدول النامية التي ترغب في تلبية هذه المقومات الثلاثة والقضاء على الفقر في الوقت نفسه، ”
نحتفي اليوم بالدور الجوهري للغاز الذي يمثل ثمرة الطموحات الجريئة، والتطلعات الخلاقة للقيادة الحكيمة، ومحورها رؤية المملكة 2030. التحول لأعمال الغاز غير التقليدي، خير برهان على الخطوات الجريئة التي ينبغي اتخاذها لتمكين المملكة من تحقيق طموح الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2060، ودلالة واضحة على قدرة أرامكو السعودية على تحقيق الطموح ذاته بحلول عام 2050.
أصحاب السمو الملكي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
مع أهمية موارد الغاز غير التقليدي في تحقيق تحولات الطاقة ومزيج الطاقة المستقبلي في المملكة، هناك أمر ملهم جدا ويبعث على الفخر العميق.
“فبينما كنا نعمل خلال العشرة أعوام الماضية لصياغة خططنا لتطوير الموارد غير التقليدية، شكك الكثير من المراقبين في قدرة المملكة على تحقيق النجاح في هذا المجال الصعب”.
ولا شك أن العديد من الدول حول العالم حاولت تطوير الموارد غير التقليدية، وباستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، قلة منها حققت نجاحات في هذا الصدد، ولذلك فإن القليلين أمنوا بقدرة المملكة على تحقيق النجاح.
لم يكن طريقنا مفروشًا بالورود، وأقولها لكم بكل صراحة: لقد ساورتنا الشكوك عندما بدأنا حفر أولى الآبار، وقتها كانت النتائج غير مشجعة، التي فجرت لدينا عدة أسئلة أهمها السؤال:
هل تستطيع حقولنا غير التقليدية تحقيق مستويات الإنتاج، ومعدلات الاستخلاص، وهياكل التكلفة التي اعتادت عليها الشركة في المكامن التقليدية؟
تلك كانت المشكلة الحقيقية، ومع أننا كنا ندرك الإمكانات التي يتمتع بها الغاز غير التقليدي. إلا أن تكلفته كانت تشكل عائقًا نحو تحقيق الجدوى التجارية.
وكنا نعلم أنه مع ارتفاع الطلب على الطاقة والمياه في المملكة، ومع ازدياد اهتمام العالم بقضية المناخ، سيكون من الضروري تقليل حرق السوائل في المرافق، بل التوقف التام عن ذلك مستقبلًا.
وعلمنا أن الغاز سيكون له دور أساسي في زيادة مستوى الكفاءة وتخفيض حجم الانبعاثات.
وكنا قد بدأنا بالتعامل بعقلية تقليدية مع الموارد غير التقليدية، حتى ما لبثنا أن أدركنا الحاجة إلى تبني نهج جديد بعقلية مختلفة تمامًا عن الطريقة التقليدية.
وبحمد الله، كانت النتيجة هذا الإنجاز النوعي – الذي تحقق على مدى عقد من الزمن. وهذا ما دفعنا لإنشاء دائرة مستقلة جديدة للموارد غير التقليدية. وقد قامت أرامكو بتطوير نموذج عمل خاص مفصل تماما على مقياس هذه الدائرة ويتوافق مع احتياجات ومتطلبات وتحديات هذا النوع من العمل المختلف.
اسمحوا لي أن أتوقف قليلًا لأروي قصة حلم عمره عشرة أعوام، ولا يفوتني أن أشكر كل أبطال هذا الحلم الذي صار حقيقة وواقع اليوم، وبعض أبطال هذا الحلم تقاعد أو انتقل من الشركة ولكن العديد منهم يشاركون معنا اليوم في هذا الاحتفال فقد قمنا بتكوين فريق من العقول والمواهب الواعدة في مجال الموارد غير التقليدية،بتنوع وتناغم فريد يمكنه من التميز ومواجهة التحديات.
فريقٌ يطبق أحدث التقنيات والأساليب، ويخفض التكاليف،
وبما يتوافق مع طبيعة المملكة الجيولوجية واحتياجاتها الاقتصادية وليس أي مكان آخر في العالم.
أشعلنا الحماس بين أعضاء الفريق الجديد، ليفكر ويعمل ويطور ثقافته بشكل مختلف.
وطلبنا من الفريق أن يقوم بكل ما يلزم لجعل موارد الغاز غير التقليدية الهائلة في المملكة مجدية تجاريًا.
استلهم فريق العمل الحماسة والاصرار والروح العالية للجيولوجيين الأوائل في أرامكو ما قبل اكتشاف النفط، ومن أبرزهم ، ماكس ستاينيكي،
الذي أصر على الاستمرار في الحفر إلى أعماق أكبر بعد أن وقف الجميع يائسًا.
نعم كانت مخاطرة كبيرة، ولكن نتيجتها جاءت مجزية بشكل فاق أفضل التصورات.
كان الفريق يعمل ليلا نهارا ولم يكن في منظورهم سوى النجاح كخيار وحيد، لا بديل له!
وقد وفرت الشركة كل سبل وأدوات النجاح للفريق.
وفي مرحلة مبكرة، اتخذنا عدة قرارات استراتيجية حكيمة، كان في مقدمتها:
الوقوف على التحدي الأكبر، في سبيل تحقيق حلمنا؛
تبين أن التحدي الأكبر يكمن في دعم جهود الحصول على البيانات وتعزيز الخبرات،
في الحقول غير التقليدية وهي تختلف في طبيعتها عن الحقول التقليدية.
ونتيجة لهذا، انتشرت فرق العمل عبر جميع مناطق المملكة في إطار حملة كبيرة لجمع البيانات.
فاستطاع الفريق استخدام هذه البيانات، في تصميم نماذج جيولوجية قوية لتكوين فهم كامل للجيولوجيا المعقدة تحت سطح الأرض.
ووضعَ الفريق استراتيجية منظمة للحد من المخاطر والتخلص منها.
وبتضافر كل هذه الجهود، تم اكتشاف حقول ضخمة لموارد الغاز غير التقليدي،
وتحديد المناطق الأكثر ثراءً بالغاز الحلو.
ثم استطاع الفريق مواءمة التجربة الناجحة في أمريكا الشمالية في تصاميم الحفر والتنقيب ، والتي اعتبرناها مرجعا في الكفاءة، مع التحديات الجيولوجية الخاصة بالمملكة.
وقام الفريق ببناء سلسلة إمداد قوية ومرنة لتوفير المواد والخدمات اللازمة لتطوير الحقل بتكلفة أقل.
ووضع واحدة من أفضل خطط تطوير تكوينات الغاز الصخري وأرشدها تكلفة في هذا القطاع،
مع الالتزام في الوقت نفسه بأعلى معايير السلامة، والموثوقية، والمحافظة على البيئة.
والآن، وبعد مرور عشرة أعوام، باتت النتائج واضحة.
على سبيل المثال، في شمال المملكة العربية السعودية الذي كان يُعتقد في السابق أنه فقير بالمواد الهيدروكربونية،
تورد أرامكو السعودية الآن الغاز الطبيعي إلى منطقة وعد الشمال لتوليد الكهرباء ودعم الصناعة.
والأكثر من ذلك، أصبحت إمدادات الموارد غير التقليدية في حقل جنوب الغوار، محل اعتبار وتقدير أكبر.
“وبهذه الاكتشافات تفصح المملكة عن مواردها في الحاضر، وتمنح العالم فرصة ذهبية لتخيل ملامح مستقبلها”.
أصحاب السمو الملكي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
إن حوض الجافورة الضخم الذى يمتد على مساحة 17 الف كيلومتر مربع هو مكان يفيض بالخيرات الوفيرة في وطننا الغالي.
إذ يقدر حجم موارد الغاز في الحقل بنحو 200 تريليون قدم مكعب.
ونتوقع أن ينتج حقل الجافورة ما يقرب من ملياري قدم مكعبة قياسية في اليوم من غاز البيع بحلول عام 2030.
وعلاوة على ذلك، فقد تمكنا من خفض تكاليف الحفر بنسبة 70%، وخفض تكلفة التحفيز بنسبة 90%
منذ معيار التكلفة المعتمد لعام 2014.
وبطاقة إنتاجية بمقدار 6 أضعاف مقارنة بالمراحل الأولى للبرنامج.
وعندما تضيف إنتاج حقل الجافورة إلى إجمالي الإنتاج الكلي،
فإننا نتوقع مستقبلا الاستغناء عن حرق ما يقارب نصف مليون برميل يوميًا من النفط
ما يسهم في خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في توليد الكهرباء في المملكة.
وعندما نضع في اعتبارنا هدف المملكة المتمثل في أن تكون طاقتها الكهربائية بنسبة 50%من مصادر الطاقة المتجددة و50% من الغاز، فإننا نعتقد أن تأثير حقل الجافورة سوف يشكل نقطة تحول جوهرية.
وعلاوة على ذلك، لا يمثل خفض الانبعاثات في قطاع الطاقة سوى جانب واحد من جوانب توافق حقل الجافورة مع استراتيجيات أرامكو السعودية.
إذ يمثل غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي لقيمًا عالي القيمة لقطاع البتروكيميائيات في المملكة.
لذلك سيمثل حقل الجافورة حقبة جديدة في التنمية الصناعية في المملكة، وقوة دافعة لتحقيق طموحاتنا في قطاع الصناعات الكيميائية.
وفوق كل هذا، ومع استمرار رحلة التحول في قطاع الطاقة، تتجلى آفاق الاقتصاد الهيدروجيني العالمي .
ولهذا السبب أولَتْ أرامكو السعودية أولوية كبيرة للهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء،
ومن المقرر أن يكون غاز حقل الجافورة لقيمًا مهمًا في إنتاجهما.
وأخيراً وليس آخراً، يهدف أيضًا برنامج الموارد غير التقليدية إلى دفع عجلة الاقتصاد المحلي.
ونسعى إلى توطين أكثر من 70% في قطاع التنقيب والإنتاج وسلسلة القيمة البتروكيميائية بحلول عام 2025.
ونأمل أن يخلق ذلك أكثر من 200,0000 فرصة عمل.
وبعبارة أخرى، من الواضح أن حقل الجافورة عبارة عن طبقة غاز غير تقليدية على نطاق عالمي.
و يشكل هذا الحقل الجوهرة الثمينة في قطاع الغاز غير التقليدي بالمملكة.
أصحاب السمو الملكي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
هذا يوم تاريخي للمملكة ولقطاع الطاقة فيها، ولأرامكو السعودية.
لقد أوشكنا على تحقيق الغاية التي ننشدها من مواردنا غير التقليدية.
إن خارطة الطريق التي ترسمها أرامكو السعودية لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري،
دلالة واضحة على قدرتها على تحقيق أهدافها الطموحة للاستدامة.
لقد أثبت هذا الفريق المذهل للعالم،
أن تحويل المستحيل إلى ممكن هو المفتاح لمستقبل الجميع على هذا الكوكب.
“ويومًا تلو الآخر تزداد قناعتي بأن الغاز غير التقليدي في المملكة سيكون له تأثيرا إيجابيًا على خريطة الطاقة العالمية”.
أشكركم على كل ذلك، وأعلم أن لديكم المزيد الذي يجعلني فخور دومًا بهذا الفريق الرائع.
الذي أثبت أن العمل الشاق، والتفكير المبتكر، لحل المشكلات، وعدم الاستسلام أبداً لا بد أن يؤتيَ ثماره.
لقد جعلتم الشركة، والمملكة، والقطاع فخورون بكم للغاية.
ولقد ألهمتم الجميع في الشركة أن قدراتكم وقدراتهم لا سقف لها،
وأظهرتم القدرات الحقيقة التي تتمتع بها أرامكو السعودية أمام العالم أجمع.
وإذا كان بوسعنا أن نحقق ذلك في غضون عقد من الزمان،
فلنا أن نتخيل ما الذي نستطيع تحقيقه في آت الأزمان!
شكرًا لكم.

مقالات ذات صلة

إغلاق