المحليات

《المملكة في ثوبها المتجدد وانعكاس فكر القيادة الحكيم على السياسة التعليمية 》

 

متابعات خلود الاسمري _ الوطن الآن

 

تشهد المملكة دائما في ظل قيادتها الراشدة نهضة على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويستطيع كل منصف في مملكتنا و العالم أن يرى انعكاس هذه النهضة على جميع المستويات و انعكاس ذلك على المواطن نفسه وما يأخذه من خدمات و سنعطي مثالا على هذه الخدمات المتميزة في مجال التعليم

يهدف هذا المقال إلى التعريف بالتعليم الإلكتروني بوصفه نمطا جديدا للتعليم والتعلم، وتبيين أهدافه وأهميته وخصائصه وأنواعه ومميزاته، ومن ثم التعريف بالمنصة التعليمية المرتبطة بالتعليم الإلكتروني، إضافة إلى التعرف على تجربة “منصة مدرستي”، التي أنشأتها وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية، باعتبارها وسيلة للتعليم الإلكتروني، في الفترة التي تفشت فيها جائحة كورونا، حين تعذر استمرار العملية التعليمية على طريقة التعليم التقليدي.
التعليم الإلكتروني:
حظي التعليم الإلكتروني بعدد معتبر من التعريفات، التي تحاول إيصال المفهوم إلى القاريء، كما تحاول تقريب معناه إلى المتلقي. ويجمع بين تلك التعريفات محاولة الإحاطة بمعنى هذا النمط من التعليم، ولكن الواحد منها لا يكاد يفي بالمطلوب.
ومن جملة التعريفات الخاصة بالتعليم الإلكتروني، التي نرى أنها مُفهمة أكثر من غيرها اخترنا، ثلاثة، تشترك في تكوين المعنى المراد للتعليم الإلكتروني وتوضيحه. يذهب التعريف الأول إلى تعريف التعليم الإلكتروني على أنه: “هو نمط من أنماط التعليم القائم على استعمال الأجهزة التقنية، مثل: استعمال الحاسب اللوحي، ووسائطه المتعددة، من صورة، وصوت، ورسوم، وأشكال، وجداول، وغيرها”.
أما التعريف الثاني، فيتوسع أكثر في إبراز تفاصيل مهمة عن التعليم الإلكتروني، إذ يذهب إلى أنه: “نظام تفاعلي للتعليم يُقدم للمتعلم باستخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ويعتمد على بيئة إلكترونية رقمية متكاملة، تعرض المقررات الدراسية عبر الشبكات الإلكترونية، وتوفر سبل الإرشاد والتوجيه، وتنظيم الاختبارات، وكذلك إدارة المصادر والعمليات وتقويمها”.
في ما يخص أهداف هذا النوع من التعليم- يرى “نجيب زوحي” أن التعليم الإلكتروني كأيّ نظام تعليمي، يسعى إلى تحقيق الأهداف التالية”:
أولا: إيجاد بيئة تعليمية تفاعلية بين عناصر النظام التعليمي، من خلال وسائل إلكترونية، ناقلة بأكثر من اتجاه، بغض النظر عن كيفية تحديد البيئة ومتغيراتها.
ثانيا: إكساب المعلمين والطلاب مهارات ضرورية ولازمة، للتعامل مع استخدام التكنولوجيا.
ثالثا: تطوير الأدوار التي يقوم بها كل من الإدارة، والمعلم، والمتعلم في العملية التعليمية والتعلمية، حتى يستطيع مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية المستمرة.
رابعا: تقديم إستراتيجيات تعليمية، تناسب الفئات العمرية المختلفة كافة، حتى تكون قادرة على مراعاة الفروق الفردية فيما بينهم”.
يلاحظ على تلك الأهداف، التي حددها “نجيب زوحي”- أنها تعكس نمطا من التعليم، يرتبط بروح العصر، الذي استشرت فيه التكنولوجيا بوسائلها ووسائطها المختلفة. كما يلاحظ أن هذا النمط من التعليم- سيكون وسيلة مناسبة للتعليم والتعلم، متى ما انتظمت دول العالم جائحة، تؤثر على سير عملية التعليم التقليدي، كما هو حادث الآن، بانتشار فيروس كورونا.
أما في ما يخص أهمية التعليم الإلكتروني- فتورد الموسوعة الحرة “الويكيبيديا”- أن هذه الأهمية “تكمن في حلّ مشكلة الانفجار المعرفي، والإقبال المتزايد على التعليم، وتوسيع فرص القبول في التعليم، إضافة إلى التمكين من تدريب العاملين، دون ترك أعمالهم، والمساهمة في كسر الحواجز النفسية بين المعلم والمتعلم، وكذلك إشباع حاجات وخصائص المتعلم، مع رفع العائد من الاستثمار بقليل من تكلفة التعليم”
كأي نمط من أنماط التعليم- هناك خصائص تميّز التعليم الإلكتروني، أورد مختصرا لها “رشيد التلواتي”، حين تحدث عن تلك الخصائص.
يقول “التلواتي”: “يمكن اختصار خصائص التعليم الإلكتورني في كونه، يقدم عبر الحاسوب وشبكاته- محتوى رقميا متعدد الوسائط (نصوص مكتوبة، أو منطوقة، مؤثرات صوتية، رسومات، صور ثابتة، أو متحركة، لقطات فيديو)، بحيث تتكامل هذه الوسائط مع بعضها البعض؛ لتحقيق أهداف تعليمية محددة”. ويضيف التلواتي: “يدار هذا التعليم إلكترونيا، حيث يوفر عددا من الخدمات والمهام، ذات العلاقة بعملية إدارة التعليم أو التعلم، فهو قليل التكلفة مقارنة بالتعليم التقليدي، كما يساعد المتعلم اكتساب معارفه بنفسه، فبذلك يحقق التفاعلية في عملية التعليم (تفاعل المتعلم مع المعلم مع المحتوى، مع الزملاء، مع المؤسسة التعليمية، مع البرامج والتطبيقات) كونه متوافر، أي إمكانية الوصول إليه في أي وقت، ومن أي مكان”.
من جهة أخرى أشارت بعض المصادر المتعلقة بموضوع التعليم الإلكتروني- إلى أن هناك نوعين للتعليم الإلكتروني، هما:
أولا: “التعليم الإلكتروني المتزامن: هو التعليم الذي يكون في توقيت محدد ومجدول، بغض النظر عن المكان الجغرافي، حيث يتصل المدرب مع المتدربين في الوقت ذاته، من خلال الفصول الافتراضية أو عبر غرف المحادثة”.
ثانيا: “التعليم غير المتزامن: هو الذي لا يحتاج أن يكون المعلم والطالب موجودين في نفس الوقت، ولا يحتاج إلى معدات اتصال متطورة وقوية، وإنما يختار المتدرب الوقت المناسب في التعلم من حيث لا يوجد مواعيد مجدولة، ويقوم بالتعلم من خلال نظام إدارة التعلم، ودراسة المواد التفاعلية، وتنزيل أي ملفات لازمة أو رفعها على النظام، وله حرية اختيار الوقت والمكان المناسب”.
لا شك أن هناك سلبيات للتعليم الإلكتروني، مثلما هناك إيجابيات. وإذا بدأنا بالسلبيات، فيمكن تناولها، وفقا للموسوعة الحرة (الويكيبيديا)- على النحو التالي:
1- حاجة التعليم الإلكتروني إلى أجهزة حديثة وشبكة اتصال جيدة.
2- الالتزام والتقيد بالوقت المحدد للدروس لوجود المتعلم والمعلم بنفس الوقت.
3- في بعض الأحيان- إجراء بحث خارج منطقة التعلم، كون المتعلم على الإنترنت، مما يشتته عن الدراسة.
أما فيما يخص مجال إيجابيات هذا النوع من التعليم، وهي إيجابيات كثيرة، مقارنة بالسلبيات- فيشير “نجيب زوحي” إلى أن هناك 7 من أهم مزايا التعليم الإلكتروني، التي جعلت منه ظاهرة متسارعة، حتى في العالم العربي، وهي كالآتي:
1- المرونة والفعالية في التعلم.
2- فرصة التعلم للجميع.
3- ترسيخ وتثبيت التعلمات.
4- توفير الوقت والمال.
5- تقييم التعلمات بشكل مستمر.
6- الحفاظ على البيئة.
7- جودة المواعد التعليمية.
منصات التعليم الإلكتروني:
المنصات التعليمية، هي عبارة عن “مجموعة متكاملة من الخدمات التفاعلية عبر الإنترنت، وتوفر دعما للمعلمين وغيرهم من المشاركين فيها، لتعزيز عملية التعليم والتعلم والتدريب وإدراتها على نحو فعال وإيجابي”.
وفقا لعلاء جواد كاظم، فإن نظام إدارة التعليم في المنصات- “يعد أداة تساعد المستخدم للعمل التعاوني في الصف الافتراضي، وتعد هذه المنصات الإلكترونية نوعا من أنواع إدارة التعليم عن بعد أو الافتراضي، الذي يوفر للمتعلمين الوصول إلى الصفوف الرقمية. وتقدم هذه المنصات طريقة للمعلمين لإنشاء وإرسال مشاركات الطلبة، وتقويم أدائهم الصفي؛ لأنها تقدم للمتعلمين القدرة على استخدام مميزات التفاعل الصفي، كمناقشة موضوع الدرس عبر الرسائل أو عبر اللقاء الفيديوي مع المعلم، وأيضا يمكنهم تقديم استفساراتهم وأسئلتهم إلكترونيا”.
ووفقا لعلاء جواد كاظم أيضا- فإن “هناك عدة منصات تعليمية موجودة على الشبكة العنكبوتية، وأغلبها مجانية، ويمكن استعمالها من طريق إنشاء حساب فيها، ومن ثم الدخول عبر الإيميل وكلمة السر. ومن أفضل هذه المنصات التعليمية: تلغرام، وموديل، وزووم، وقوقل كلاس، وإيزي كلاس، والأخيرتان تعدان أسهلها من حيث الاستعمال والإدارة ما بين المعلم والطالب”.
منصة مدرستي:
في هذا الجزء من المقال- سنقوم بالتعريف بإحدى المنصات التعليمية، التي ابتكرتها وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية، لتحقيق استمرارية العملية التعليمية، التي حاولت جائحة كورونا التأثير عليها بقوة. لقد ابتكرت المملكة في هذا المجال، والعالم تضربه تلك الجائحة- “منصة مدرستي”؛ لتكون وسيلة انتقال من نمط التعليم التقليدي إلى نمط التعليم الإلكتروني.
المهم أنه “في ظل جائحة فيروس كورونا، وانتشار الفيروسات والأمراض في العالم- أصبح الإنترنت حلا لجميع مشاكل توقف سير الحياة والمعاملات الحياتية، ويتم ذلك عن طريق إنشاء مواقع ومنصات تعليمية تعمل على عدم توقف العملية التعليمية، وتقوم بتعليم الطلاب في منازلهم دون الخروج إلى التجمعات”.
وفي ظل هذا المناخ بادرت المملكة العربية السعودية- بإنشاء منصة تعليمية، أسمتها “منصة مدرستي” لتسهيل عملية التعلم على طلاب وطالبات المراحل، التي تسبق المرحلة الجامعية، وهي الابتدائية والمتوسطة والثانوية.
في الأصل “منصة مدرستي”، هي: “محاكاة للواقع التعليمي من خلال البرنامج الصباحي اليومي للطلاب والطالبات، بدءا من تسجيل الدخول للمنصة، وأداء النشيد الوطني، والتمارين الرياضية، ثم استعراض الجدول الدراسي اليومي، والدخول للفصل الدراسي مع المعلم”.
تقول الدراسات والبحوث، التي تحدثت عن نشأة وتطور “منصة مدرستي” السعودية- “إن منصة مدرستي السعودية التعليمية، هي إحدى الخدمات الإلكترونية المتميزة، المقدمة من خلال وزارة التعليم السعودية، حيث تعمل وزارة التعليم بالممكلة على توفير كافة سبل الراحة، والتميز للطلاب والطالبات، وجميع العاملين بالوظائف التعليمية السعودية بالمملكة، وذلك من أجل ضمان استقرار العملية التعليمية السعودية، في العام الدراسي الجديد 1442هـ”.
وتضيف تلك الدراسات والبحوث أن “منصة مدرستي”- “تقدم محتوى مميزا وسهلا إلكترونيا إلى الطلاب، ويوجد في المنصة واجبات واختبارات للطلاب، وتضمن أن يفهم الطلاب شروح الدروس، كما يوجد فيها الكثير من القنوات المتنوعة، ليسهل التواصل مع أولياء الأمور”.
كيف يتم الدخول إلى “منصة مدرستي”؟
يكون الولوج إلى “منصة مدرستي” “عن طريق الربط بين حساب مايكروسوفت وحساب “توكلنا”، الذي قامت بإنشائه “الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي”، فيدخل المتعلم سواء كان ذكرا أو أنثى إلى “منصة مدرستي”، ويقول بإدخال البريد الخاص، والذي أرسل إليه، ومن ثم يقوم بإدخال كلمة المرور، فتظهر صفحة يستطيع من خلالها الدخول في الفصول الافتراضية، وحل الواجبات، والاختبارات، وطرح الأسئلة على المعلمين والمعلمات”.
من الأهمية بمكان القول إن “منصة مدرستي”- “تتيح للطلاب والطالبات التفاعل مع الأقران والمعلمين، والمشاركة عبر ساحات النقاش، والاطلاع على تقارير الإنجاز الخاصة بهم، والتحقق من توزيع درجات متطلبات المقرر من أعمال السنة والاختبارات، والتعرف على الساعات المناسبة للتواصل الإلكتورني مع المعلمين”.
من فوائد “منصة مدرستي”- أنها “ساهمت في المحافظة على الرحلة التعليمية، بشهادة المختصين في التعليم وأولياء الأمور، حيث يستفيد منها أكثر من ستة ملايين طالب، وطالبة في أكثر من 250 ألف فصل افتراضي يومي، بالإضافة إلى 525 ألف معلم ومعلمة وأولياء الأمور وقادة المدارس والمشرفين التربويين، الذين بإمكانهم التفاعل مع نظام تعليمي متعدد المسارات والمهام”.
وكما هو متوقع من المسؤولين في وزارة التعليم في المملكة- “تم تحديث “منصة مدرستي” في العام الدراسي الثاني، بأن يتيح للمعلم إمكانية إعداد الجداول المدرسية عبر منصة مدرسته، وتغيير أيقونة الدروس إلى الحصص الإضافية، مع جدولة الدروس إلى أسبوع واحد. أيضا إضافة 45 ألف مصدر تعليمي، مختلف من فيديوهات مرئية، وتوفير التفاعل بين المعلم والطالب، وغير ذلك”.
تقويم تجربة “منصة مدرستي”:
تصدت العديد من الدراسات القائمة على الاستطلاع، وإبداء الرأي- لتقويم تجربة “منصة مدرستي”، وعلى الرغم من حداثة التجربة، التي يتوقع أن تحيط بها بعض السلبيات، كشأن التجارب المستجدة- إلا إن الغالبية العظمى ممن تم استطلاعهم من الطلاب والطالبات، والمعلمين والمعلمات، والخبراء والمختصين في هذا المجال، إضافة إلى أولياء الأمور- ذهبت إلى أن التجربة ناجحة، على الرغم من تعوّد الفئات المستهدفة من طلاب ومعلمين، وإداريين في الحقل العلمي على التعليم التقليدي.
ولعل أهم ما يمكن إبرازه من نقاط حول تقويم تجربة “منصة مدرستي”- يتمثل في التالي:
1- أن “منصة مدرستي” تقود إلى نمط التعليم، الذي هو خيار المستقبل.
2- أن المنصة أحدثت نقلة نوعية في التعليم.
3- أن 99% من طلاب المدارس الحكومية- استفادت من تجربة المنصة، بشهادة وزارة التعليم.
4- أن المنصة تترجم مفهوم المدرسة المجتمعية.
5- أن للملكة العربية السعودية قصب السبق في هذه المنصة، ولها الريادة في هذا المجال.
6- أن عددا معتبرا من المنظمات الدولية العريقة- أشاد بتجربة المنصة، على وجه الخصوص، وعلى تجربة المملكة في التعليم عن بعد، على وجه العموم.
7- أن المنصة ساهمت في استمرار العملية التعليمية عن بعد في ظل حائجة كورونا، التي أثرت على المعاملات الحياتية، وفرضت قيودا على التلاقي المباشر بين عناصر التعليم المختلفة.
8- أن المنصة نقلت جيل الطلاب والطالبات إلى صورة تتناسب مع خبراتهم، كجيل شغوف بالتكنولوجيات.
9- أن المملكة أثبتت قدرتها على التحول سريعا إلى التعليم الإلكتروني، بما تتمتع به من إمكانات تكنولوجية وفنية وتقانية ومالية.
نخلص في هذا المقال إلى أن التعليم الإلكتروني نمط من التعليم سيكون له المستقبل، ليس فقط بديلا للتعليم التقليدي في حال تعذر استمراره بسبب الجوائح وتفشي الأمراض، ولكن لأنه يتمثل روح العصر بما يحتويه من تكنولوجيات مستحدثة، وما يشهد العصر من تزايد في عدد المستفيدين.
كما نخلص إلى أن تجربة “منصة مدرستي”، التي أنشأتها وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية، والتي استطاعت أن تقدم حلا لتعذر استمرار عملية التعليم التقليدي، بسبب جائحة كورونا- تعد تجربة رائدة في مجالها، وأن المملكة وفرت لها كل ضمانات النجاح، مما جعلها تحقق أهدافها، وتثبت أهميتها، بشهادة المستفيدين، وبشهادة الخبراء والمختصين، وبشهادة المنظمات الدولية العريقة.

أ: مصباح عزيبي

 

مقالات ذات صلة

إغلاق