المحليات
جمعية البر وثلاثية أبعاد الاستدامة: نماذج في الحراك التنموي
أعد التقرير: عبد القادر عوض رضوان- جدة
حرصت رؤية المملكة 2030 التي انطلقت منذ 5 سنوات على تحقيق الاستدامة في جوانبها الثلاثة (الاقتصادي والاجتماعي والبيئي)، وبرزت العناية بالسلامة البيئية بهدف انشاء مجتمع حيوي ينعم أفراده بنمط حياة صحية. وكانت كلمة خادم الحرمين الشريفين أمام قمة المناخ الأسبوع الماضي خارطة طريق تحدد أطر التنمية المستدامة.. وسبق ذلك مبادرتا السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر اللتان أطلقهما سمو ولي العهد مؤخراً لزراعة 50 مليار شجرة بهدف إيجاد بيئة صحية للأجيال القادمة.
هذا الحراك في منظومة ترسيخ مفاهيم الاستدامة بأبعادها الثلاثة تنبهت له جمعية البر بجدة ، فجاءت أهدافها الاستراتيجية معززة لهذا المفهوم التنموي، مقدمةً العديد من الخطوات العملية التي تسترشد برؤية الدولة، فكان التمكينُ للأيتام والأسر المحتاجة إحدى الأدوات التي تترجم مفهوم الاستدامة للخروج من دائرة الرعوية، كما كان الحرص على عقد الشراكات ومذكرات التفاهم والتعاون مع مختلف القطاعات لدعم هذا التوجه الاستراتيجي في الأهداف، وكان التركيز على ترجمة الاستدامة على أرض الواقع في جوانبها الثلاثة (الاقتصادي والاجتماعي والبيئي).. معززة ذلك كله بإذكاء مفهوم المسؤولية الاجتماعية الذي يعتبر داعماً أساسياً لتحقيق الاستدامة.
ثنائية الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية
في البداية يقول معالي الدكتور سهيل بن حسن قاضي رئيس مجلس الإدارة بجمعية البر بجدة:
لقد حرصنا في جمعية البر على المواءمة والمقاربة في التعاطي مع مختلف الأولويات، وكانت النتائج بحمد الله متميزة. فكان حرصنا على ترجمة أهداف الجمعية الاستراتيجية عبر عدد من الآليات والإجراءات المدروسة.
وقد انطلقنا في برامج وأنشطة الجمعية ومشاريعها المختلفة من محاور رؤية المملكة (مجتمع حيوي- وطن طموح- اقتصاد مزدهر) بكل ما تضمنته من أهداف برز من بينها: (تحمل المسؤولية الاجتماعية- التمكين – الاستدامة – دعم المتطوعين)، فكان حرصنا على نقل تلك الأهداف الى أرض الواقع مستخدمين جميع الأدوات التي تدعم تلك الأهداف.
وإيماناً منا بضرورة استشعار مسؤولياتنا تجاه المجتمع كان حرصنا على تعميم مفهوم المسؤولية الاجتماعية باعتبارها إحدى أدوات الخدمة الاجتماعية التي تترك أثراً مستداماً على الاقتصاد والبيئة والمجتمع.
ويضيف معاليه: ولدعم مفهوم المسؤولية الاجتماعية تم العناية بالتوسع في شراكات الجمعية مع مختلف القطاعات لتكون رافداً يدعم الاستدامة بأبعادها الثلاثة: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
المتطوعون: نشاطات اجتماعية وبيئية
الأستاذ محمد سعيد أبو ملحة رئيس نادي البر التطوعي عضو مجلس إدارة الجمعية يقول:
منذ تأسيس نادي البر وضع القائمون على الجمعية له عدداً من الأهداف التي تترجم مستهدفات الرؤية فتم التوسع في أعداد المتطوعين والمتطوعات الذين تجاوز عددهم بالجمعية 1200 متطوع يقدمون خدماتهم المجتمعية عبر 43 لجنة ينضوون تحتها حسب تخصصاتهم.
وقد لامس النادي في نشاطاته جوانب الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ولعل الجانبين الاجتماعي والبيئي كانا علامة فارقة في تلك الأنشطة والبرامج، فقد قدم المتطوعون خدمات كبيرة لخدمة المجتمع ونشر التوعية في الأسواق والأماكن العامة وبعدة لغات خاصة خلال جائحة كورونا، كما قدم النادي نشاطات كثيرة لحماية البيئة كأعمال التشجير ونظافة الشوارع والمساجد والتوعية بأهمية الإصحاح البيئي، وفي الجانب الاقتصادي حرص النادي على توقيع مذكرات التفاهم مع عدد من الجهات كالجامعات والجمعيات الخيرية والمولات ومؤسسات إقامة المعارض والمؤتمرات، كل ذلك وضعته الجمعية أمام أعينها وحرصت على ترجمته من خلال إذكاء مفهوم المسؤولية الاجتماعية الذي يدعم جوانب الاستدامة الثلاثة، معززة ذلك بتحفيز المتطوعين المسجلين لديها من خلال تسجيل ساعات تطوعهم في منصة العمل التطوعي التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
أبعاد تنموية
ويقول المهندس محيي الدين بن يحيى حكمي الرئيس التنفيذي للجمعية:
إن الجمعية حرصت على ترجمة محاور رؤية المملكة بكل أبعادها التنموية إيماناً منها بالدور المحوري الذي يضطلع به القطاع غير الربحي في خدمة المجتمع ودعم المشروع التنموي، لذا كان حرصنا الأول على تحقيق الاستدامة بأبعادها الثلاثة خاصة في ظل وضع اقتصادي عالمي متأرجح يستدعي التعامل بعقلانية تسبر أغوار المستقبل وتحقق المصلحة العامة.
وقد ركزت الجمعية في نشاطاتها على الجانب الاجتماعي من خلال خدمة الاسر المحتاجة والأيتام وتمكينهم و كذلك مرضى الفشل الكلوي، إضافة الى عنايتنا بالجانب الاقتصادي عبر تنمية الأوقاف وتنشيط الاستثمار وعقد الشراكات مع مختلف القطاعات، كما اهتمت الجمعية بالجانب البيئي عبر عدد من الإجراءات التي تثري هذا الجانب وتؤدي الجمعية من خلالها أدوارها الداعمة للمجتمع والبيئة، وقد حرصنا بالجمعية على إثراء استراتيجيات الجمعية بتحقيق أهداف الجودة والتميز والتعاطي مع تلك الأهداف بما يحقق مصلحة المنظمة بدءاً بالحرص على معايير الاستمرار والنمو والمحافظة على استقرار المنظمة والتعامل مع المتغيرات المتسارعة مروراً بتحقيق القدرة على المنافسة ومواكبة ثورة المعلومات وتحقيق ريادة الأعمال وانتهاء بمواكبة الرؤى الوطنية والتوجهات العالمية، كل تلك الأهداف أخذت الاهتمام الكامل من الجهاز القيادي والتنفيذي بالجمعية.
أهداف استراتيجية
الأستاذ مبارك حسين آل سراج مدير إدارة الاستدامة المالية بجمعية البر يقول:
منذ تبلور مفهوم الاستدامة وبرز جلياً كأحد مستهدفات رؤية الدولة، حرصت الجمعية على ترجمته بجميع جوانبه في مختلف أنشطتها وبرامجها، فالجمعية تستهدف أولاً رعاية الأسر الفقيرة والأيتام الذين تحتضنهم في دور الضيافة أو تكفلهم داخل أسرهم كما تستهدف رعاية مرضى الفشل الكلوي مقدمة لهم الرعاية الطبية والغسيل الدموي في المراكز التابعة لها، ويجسد هذا بُعداً اجتماعياً تضطلع الجمعية من خلاله بدورها الاجتماعي تجاه مختلف فئات المجتمع، كما تحرص الجمعية على دعم هذا الدور من خلال إذكاء البعد الاقتصادي الذي تدعم به أحد أهدافها الاستراتيجية في الاستدامة التنموية عبر إنماء أوقافها واستثمارها الاستثمار الأمثل بما يعود بالخير على المستفيدين من خدماتها، وتعزز ذلك بعقد الشراكات ومذكرات التفاهم مع مختلف القطاعات والمنظمات بما في ذلك القطاع غير الربحي لتأمين موارد للجمعية، وتيسير الاضطلاع بالمسؤولية الاجتماعية.
وفي هذا الجانب يبرز حرص الجمعية على التمكين والحرص على الانتقال من مفهوم الرعوية، وهو الأمر الذي تدعمه كهدف استراتيجي لها سواء في جانب دعم مواردها أو تمكين المستفيدين من خدماتها من الأسر والأيتام عبر دعم مشاريعهم أو متابعة تعليمهم وتوظيفهم.
ولم تغفل الجمعية البعد الثالث من أبعاد الاستدامة المتجسد بالجانب البيئي من خلال أنشطة المتطوعين في التشجير والنظافة ثم الحرص على اتباع أعلى معايير المنظمات الصحية العالمية في التعامل مع النفايات الطبية، وغيرها من الإجراءات التي تدعم العناية بالبيئة، بل وتنسق الجمعية في هذه الجوانب مع وزارتي الصحة والبيئة وتشارك في معظم الفعاليات التوعوية التي تبرز أهمية هذا البعد البيئي التنموي.
مراكز الغسيل الكلوي
مراكز الغسيل الكلوي التابعة لجمعية البر (مركز هشام عطار الخيري ومركز عبد الكريم بكر الطبي) كان لها نصيب وافر من مشروع الاستدامة وأداء المسؤولية الاجتماعية..
وفي هذا الجانب يقول الدكتور محمود بن محمد الصاوي المدير الطبي في مركز هشام عطار:
تحرص مراكز الغسيل الكلوي بالجمعية على أداء مسؤولياتها تجاه مرضى الفشل الكلوي عبر توفير جلسات الغسيل الكلوي لهم وفق أدق المعايير العالمية من خلال 80 جهازاً للغسيل الدموي في المركزين تقدم خدماتها لمئات المرضى المحتاجين وفق ضوابط ميسرة يتم من خلالها تنظيم استفادتهم من تلك المراكز.
ورغم ان المراكز تراعي أداء واجبها الاجتماعي إلا أنها تهتم كثيراً بالجانب البيئي حيث يحتاج مرضى الفشل الكلوي إلى الرعاية الصحية الدقيقة والمتميزة لأنهم من الفئات الأكثر عرضه لحدوث العدوى بل وتكرارها.
وعليه يتم تطبيق أسس منع ومكافحه العدوى بشكل دقيق ودوري للحفاظ على سلامة المريض وللتقليل من نسب الوفيات ضمن مرضى الفشل الكلوي وللحد من التنويم او المكوث بالمستشفيات.
ويعتبر منع ومكافحة العدوى مسؤولية الجميع في مراكز الكلى من أطباء وتمريض وعمال نظافة
لبلوغ النتائج المرجوة للحفاظ على بيئة صحية آمنة ومعقمة تخدم مريض الكلى.
حيث يتم التخلص من النفايات الطبية بطريقة حذرة ويتم ذلك ابتداءً من وحدة الغسيل حيث يتم فصل النفايات في حاويات مخصصة لهذه النفايات حسب نوعها ومن ثم نقلها بطريقة آمنة خارج وحدات الغسيل لضمان عدم تفشي أي عدوى لأي شخص في المنشأة الصحية وخاصة عامل النظافة الذي قد يتعرض للعدوى من جراء التعامل المستمر مع هذه النفايات وللمحافظة على بيئة الوحدات الصحية نظيفة ومعقمة.
ويتم ذلك في ثلاث خطوات رئيسية:
1- فرز النفايات بشكل صحيح حسب تعليمات وزارة الصحة وتصنيفها بحسب النوع ومستوى الخطورة.
2- تجميع النفايات بعد فرزها في مواقع معزولة ومخصصة لجمع النفايات الطبية.
3- وأخيرا نقل هذه النفايات إلى مواقع المعالجة بواسطة شركات متخصصة لنقل النفايات الطبية.
أما الحفاظ على البيئة داخل مركز الكلى.. فهو يتم بتطبيق طُرق منع ومكافحة العدوى بالمركز من خلال الأخذ بالإجراءات الاحترازية كالقفازات والكمامات والتعقيم المستمر للأجهزة والارضيات والأسطح، وغسل الشراشف بشكل دوري وتعقيمها
والفحص الدوري لمحطه المياه والتناضح العكسي وفقا لما هو متبع من قبل منظمة الصحة العالمية لتوفير المياه المعقمة الملائمة لعملية الغسيل ولتفادي حدوث أي مشاكل صحية اثناء الجلسة،
والعزل الصحي الدقيق بالنسبة لمرضى الفيروسات (بوحدات غسيل، طاقم طبي وأجهزة طبية معزولة) بالإضافة الى تطبيق جميع أسس مكافحة العدوى لمنع انتقال أي فيروس للمرضى الآخرين.
وعمل فحص وتحليل الفيروسات (الكبد الوبائي ب، سي / وفقدان المناعة المكتسبة) وذلك كل 3 أشهر حسب تعليمات وزارة الصحة. وتطعيم المرضى ضد التهاب الكبد الوبائي (ب).
والفحص الدوري للأجسام المضادة لالتهاب الكبد الوبائي ب، للتأكد من مناعة المريض ضد الفيروس. وتطعيم وعمل الفحوصات الدورية للقائمين على الرعاية الصحية. وتوثيق جميع نتائج الفحوصات وحفظها (وكذلك بيانات المريض ورقم جهاز الغسيل) لسهولة الوصول والتصرف الدقيق في حالة حدوث أي عدوى. وأخيراً تثقيف مريض الكلى بأهم الخطوات الأولية لحماية نفسه من خطر الإصابة بأي عدوى.