المجتمع
القارئ والداعية الحضرمي الإندونيسي الشيخ علي بن صالح بن محمد بن علي جابر في “ذمة الله”
عبدالرحمن الخياط – المدينة المنورة – الإعلام والإتصال
قال تعالى: ” كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ”.
نقلاً عن د. علي محمد الصلابي اليوم السبت 2 جمادى الآخرة 1442هـ الموافق 15 يناير 2021م : انتقل إلى رحمة الله أحد أبرز الدعاة والأئمة وحفظة كتاب الله في أندونيسيا الشيخ علي بن صالح بن محمد بن علي جابر الحضرمي الأصل متأثرا بمضاعفات كورونا، وترك وراءه إرثاً عظيماً للدعاة من بعده رحمه الله تعالى وإنا لله وإنا إليه راجعون. وإني أعزي نفسي والأمة الإسلامية وأهل الشيخ الجليل ونسأل الله أن يعوضنا جميعاً كل خير.
ولد الشيخ علي جابر في المدينة المنورة في 3 فبراير 1976، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن العاشرة من عمره، وبدأ بإمامة التراويح في سن الثالثة عشر، وتتلمذ على يد عدد من المشايخ القراء، من أبرزهم الشيخ خليل عبدالرحمن أستاذ الأئمة والشيخ محمد رمضان الدهلوي – رحمه الله والشيخ أبو الزناد عبد التواب وغيرهم، كما حصل على إجازة برواية حفص عن عاصم، والتحق بكثير من الدورات العملية في التوحيد والفقه والحديث والتفسير لدى علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والقصيم والمنطقة الشرقية.
تميز خطابه بين الإندونيسيين، بعد أن أتقن لغتهم بالوسطية والخطاب الهادئ المتفهم للواقع في بلد متعدد الأعراق واللغات كإندونيسيا، مما جعله يكسب قلوب الناس، وقد كانت أول زيارة له لإندونيسيا عام 2008، بادئا طريقه في بلاد الأرخبيل بإمامة صلاة التراويح في مسجد سوندا كلابا وسط جاكرتا، ثم بتقديم بعض البرامج الأخرى.
ثم ما لبث أن اشتهر بين الإندونيسيين خلال العقد الأخير، حيث صار وجها مألوفا في معظم القنوات التلفزيونية عبر برامج وعظية متميزة تبث مسجلة أو عبر بث مباشر، إلى جانب برامج سنوية موسمية لمسابقات القرآن الكريم للأطفال التي كانت تتم بشكل متميز وإعداد يمتد فترة طويلة قبل شهر رمضان لتبث في كل عام خلال الشهر الفضيل، بل امتد حضوره إلى دول مجاورة حيث كان يتجول بين سلطنة بروناي دار السلام وسنغافورة وماليزيا وتايلند وهونغ كونغ وتايوان.
وتقديرا لجهوده التعليمية والدعوية تم منحه الجنسية الإندونيسية بموافقة من الرئيس الإندونيسي الأسبق سوسيلو بامبانغ يوديونو في أواخر عام 2011، بل يمكن تصنيفه إعلاميا وجماهيريا ضمن الدعاة الخمسة الأشهر في البلاد إلى جانب عبدالصمد باتوبارا وعبد الله غمنستيار والحبيب رزق شهاب ويوسف منصور وبختيار ناصر وغيرهم، وظهر بعض هؤلاء على قنوات تلفزيونية عديدة بعد وفاته معزين في وفاة من رافقهم خلال عقد مضى في برامج مختلفة، ومتحدثين عن ذكرياتهم معه في جولات عديدة بجزر البلاد.
وما أكسبه حضورا في البلاد بشكل واضح تجواله في مختلف المحافظات والأرياف البعيدة والنائية، ليلتقي بجمهور واسع عرفه ابتداء من خلال قنوات تلفزيونية محلية عديدة، وغيرها القنوات عبر برامج ما زالت مؤسسته “مؤسسة الشيخ علي جابر” تقدمها، وأبرزها ما هو مختص بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة ورواية، حيث ظل القرآن الكريم محور نشاطاته.
كما كان له اهتمام بخاصة بتعليم المكفوفين ورعايتهم، وأطلق حملة واسعة لتوزيع القرآن الكريم بلغة برايل الخاص بالمكفوفين، إلى جانب أعمال خيرية أخرى، وقد توفي وهو يعمل وإخوانه في مؤسسته على إنشاء معهد متخصص في القرآن الكريم وعلومه ومقرأة يكون لها حضور إقليمي ودولي بإشراف نخبة من العلماء والقرآء في إندونيسيا.
ولعل من الأحداث التي لفتت الانتباه العام الماضي إلى القارئ علي جابر تعرضه لمحاولة اغتيال في إقليم لامبونغ، حيث هوجم من قبل شخص حاول طعنه وهو على منصة يتحدث إلى جمهور من المواطنين يوم 13 سبتمبر/أيلول 2020، وقال الشيخ علي جابر حينها في تسجيل بعد إصابته بجراح بأن الله نجّاه من محاولة الطعن في رقبته أو صدره، وقد تم إلقاء القبض على الجاني مباشرة.
دفن الشيخ علي جابر في معهد دار القرآن في محافظة تانغرانغ جنوب غرب جاكرتا، والذي يشرف عليه صديقه الداعية يوسف منصور، والذي كان لعلي جابر دور في إنشائه ونجاحه.
نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وإنا لله وإنا إليه راجعون