المحليات
القاسم في خطبة الجمعة : تفضل الله علينا بحفظ الإسلام قروناً متطاولة
المدينة المنورة – عمر الموسى
أمّ المسلمين اليوم الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم فتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن جهود العلماء في حفظ الدين وأن الله فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم بحفظ الدين عن غيرهم فقال : اختار الله لعباده ديناً يتعبدون ربهم به، وبعث رسلاً لتبليغ العباد هذا الِّدين،واتفقت كلمةُ العُلماء على أن حفظ الِّدين رأس الضروريات الخمس، فِحْفظُه ُمقّدم على حفظ النفس والعقل والعرض والمال
وكانت مهمة حفظ الدين في الأمم السالفة موكولة إلى الأنبياء وأتباعهم، قال تعالى(إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ ) وبعد رحيلهم نال دينهم التحريف والتبديل، أما هذه الأمة فقد وعد سبحانه بحفظ أصل دينها، قال تعالى(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وذلك يتضمن حفظ ألفاظ القرآِن العظيم ومعانيه، وحفظ الُّسنة المبينة له.
وأكمل فضيلته أن الله حفظه كذلك بالملائكة الكرام فقال: وقد هيأ الله لحفظ دينه أمراً عجباً، فاصطفى جبريَل واسطةً بينه وبينٌ رسله في تبليغ الِّدين،فحفظ ما أوحى إليه ربه من كلامه، ونزل به على نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، فأداه على أتم وجه، وأكمل صفة، كان جبريل عليه السلام يذاكر النبي صلى
الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، وعرض عليه القرآن عام وفاته مرتين. ولغيره من الملائكة نصيب عظيم في حفظ الِّدين، فمنهم مرصودون لحراسة السماء؛ حفظاً للوحي من استراق الشياطين ، ومنهم من نزل مع الآيات العظام حينٌ إلقاء الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم بها، ومنهم من قاتل مع المسلمين في بدر؛ حماية للِّدين. والأنبياء حفظوا الِّدين كما أمرهم الله به، واحتملوا في ذلك من المشاق مالا يطيقه أحد سواهم، فمنهم من أوذي، ومنهم من أخرج من بلده، ومنهم من لم يستجب أحد لدعوته، ومنهم من قتل.
وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أحرص ما يكون على حفظ ما أنزل إليه من ربه، فكان يسابق جبريل بقراءة القرآن إذا ألقاه إليه؛ خوفا من النسيان، فضمن له ربه أن ييسر له حفظه {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}وبين فضيلته في ختام خطبته الأولى فضل حفظ القرآن فقال: قد تفضل الله علينا بحفظ الإسلام قروناً متطاولة، فوصلنا غظاً طرياً كأنه نزل هذه
الساعة وسيبقى كذلك إلى قيام الساعة، لم تطمس منه شعيرة، ولم يسقط من القرآن العظيم حرف، ولم يضع من الُّسنة شيء مع مرور الزمان وتقلباته بِما فيه من الحوادث والحروب، والفقر والجوع، والفرقة والنزاع والكيد للدين، والتطاول على أحكامه والُّسخرية بتشريعاته. والمؤمن يسعى غاية جهده ليكون ممن أسهم في حفظ الشريعة ونقلها بطلب العلم، والحث عليه وتنشئة أبنائه على محبة الِّدين وحفظه وتعلمه وتعليمه، واقتدائه بمن سلف من علماء الأمة.
وذكر فضيلته في خطبته الثانية وجوب العباد لشكر الله أن حفظ الدين فقال: على العباد أن يشكروا الله أن حفظ لهم الإسلام، ورزقهم اتباعه، ففيه سعادتهم في الدارين، وتوقير العلماء من تعظيم الله وتعظيم الدين، فهم الذين حملوا لنا ميراث النبوة، وقد أعلى الله شأنهم بقوله: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ قال الإمامان أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله: «إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي»، وعقيدة أهل السنة والجماعة في العلماء ما قاله الإمام الطحاوي رحمه الله بقوله: «وعلماء السلف من السابقين والتابعين، ومن بعدهم من أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر
لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل».