المجتمع

مركز حيدر علييف تحفة هندسية للمبدعة زها حديد في باكو

جولة افتراضية وصور تُكشَف للمرّة الأولى:

دبي – مني خليل

أصبح مركز حيدر علييف الذي صممته المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد، معلماً شهيراً بالجانب الإبداعي الذي يحمله في مدينة باكو وخارجها. وقد أثبت المركز مكانته كأحد أشهر مواقع الجذب السياحي في العاصمة الأذربيجانية، كما أنه أحد أبرز الوجهات لمحبّي الفن المعاصر.

وفي وقت يعاني فيه العالم من تدابير لتقييد الحركة والسفر، كشف مجلس السياحة الأذربيجاني عن إمكانية استكشاف هذه اللؤلؤة المعمارية التي تجسّد فترة ما بعد الحداثة، من خلال جولة افتراضية عبر الإنترنت.

من فكرة مضيئة إلى مستقبل مشرق

نال مهندسو شركة زها حديد للهندسة المعمارية فرصة تصميم المركز بعدما شاركوا في مسابقة أجريت لهذا الهدف في العام 2007. وتمحور المبدأ الهندسي الأساسي حول إظهار وعرض الفعاليات الثقافية في أذربيجان المعاصرة، مع تجنّب تصاميم الصروح المعمارية الجامدة المتأثرة بالهندسة السوفياتية والتي كانت طاغية إلى حد بعيدٍ في باكو.

وانطلاقاً من هذه الفكرة، سعى المصمّمون إلى التعبير عن الثقافة الأذربيجانية الممزوجة بالمشاعر الإنسانية المرهفة وبالنظرة المستقبلية المشرقة للدولة. وبالطبع، شكّلت هذه الأفكار سابقة كان لا بد من عرضها خلال الافتتاح الضخم للمركز الذي أقيم يوم 10 مايو 2012، مع الاحتفال بعيد الميلاد الـ 89 للرئيس الأذربيجاني حيدر علييف.

إرث زها حديد

خلال الكلمة التي ألقتها في حفل جوائز تصاميم السنة الذي استضافه متحف لندن للتصميم عام 2014، ذكرت زها حديد أن “مركز حيدر علييف” كان أحد أهم المشاريع الطموحة بالنسبة لها، لا سيما أنها تعتبره من نجاحاتها الشخصية وليس فقط على المستوى المهني. وقد اعتبرت حديد المركز أحد أهم المشاريع في مسيرتها المهنية الحافلة بالنجاحات، إذ منحها جائزة التصميم المعماري للسنة.

من ناحية أخرى، يتناغم هيكل المركز ورمزيّته بطريقة رائعة شكّلت المنظر المتميّز لهذا الصرح المذهل. أما التصميم الباراميكي والمواد العصرية المستخدمة، فيجسّدان رؤية حديد لتغبيش الخطوط المتداخلة بين مركز حيدر علييف والعاصمة التي بٌنيَ فيها ليشكل في النهاية رمزاً للوحدة.

إبداع يحاكي الخيال

الانسيابية في شكل المركز تمثل أبرز عناصر الهندسة الإسلامية، إذ تتدفّق الأنماط الممتدة والزخارف من الأرضيات إلى الجدران، لتصل بعدها إلى الأسقف، ومن ثم إلى القباب حيث تجتمع جميع العناصر مع محيطها، وتحافظ على هذه الانعكاسات المتقنة للطبيعة ضمن الأشكال الهندسية. وقد تجنبت حديد استعمال الخطوط المستقيمة في المبنى، ملتزمة بمبدأ “أنطوني غاودي” بأن الخطوط المستقيمة ليست موجودة في الطبيعة.

من جهة أخرى، يتناغم مركز حيدر علييف مع محيطه بطريقة مثالية، حيث يقع مخطّط المبنى على منحدر طبيعي حاد، لكن تَقرّر ألّا يتم تسوية الارتفاع، واستبدال ذلك باستخدام المدرّجات الطبيعية بطريقة توحي وكأنه يتم اللّعب بالمنظورات المميّزة المختلفة.

أما واجهة المشروع، فتعتبر من أبرز عناصره المركّبة، حيث يبدو سطحه الذي يتّخذ شكل الموجة وكأنه يتدفّق نحو بحر قزوين، ممتداً على مساحة إجمالية تبلغ 40,000 متر مربع، كما يبلغ عدد ألواحه 2,027، والتي تتّخذ أشكالاً هندسية مختلفة. ويرمز اللون الأبيض السّاطع الذي يكسو المبنى إلى المستقبل المشرق من جهة، ويسمح في الوقت نفسه لأشعة الشمس المشرقة في باكو بإبراز شكل المبنى غير المألوف، حيث تلقي الظلال الملتوية الجميلة عليه كلّما تحرّكت في السماء. وفي الليل، يُضاء المركز من داخله إلى الخارج، بحيث تظهر الإنارة الرائعة من قلب المبنى إلى محيطه، في إشارة أخرى إلى تكامل الانسجام والوحدة، والفجر الجديد للهندسة المعمارية الأذربيجانية.

عنصر أساسي في الثقافة الأذربيجانية

يعتبر مركز حيدر علييف في أيامنا هذه أكثر من مجرد وجهة سياحية، إذ أنه يمثل أحد أبرز المعالم الرئيسية بالنسبة لسكان باكو. وقد صرّح سفيت كايا بيكيروغلو، المهندس الرئيسي للمشروع، بأن هذا المبنى أصبح محفزاً اجتماعياً بالنسبة للأذربيجانيين الذين يستمتعون بخصائصه الجمالية والعملية والرمزية. كما أن تركيز المبنى على عناصر الإبداع والتفاؤل والبساطة يجعل منه المكان الأمثل للتبادل المعرفي والثقافي.

وبفضل تصميمه الخارجي المذهل، لا يرحب مركز حيدر علييف بالناس فقط، بل يحتفل أيضاً بكنوزه الغنية ذات السحر الخاص. ويضم مجمّع المتاحف داخله سلسلة رائعة من المعارض الدائمة والمؤقتة كذلك، والتي تبحث في عمق الفن والتراث المحلي والعالمي، بالإضافة إلى استكشافها للموسيقى والهندسة المميزتين.

مقالات ذات صلة

إغلاق