بقلم / نوال المدخلي
بعد أن امتطيت جواد العلم وخضت به مضمار التعلم
سنوات عدة من الدراسة اجتزت بها كل الحواجز والصعوبات بفضل معلمتي
وهاأنا اليوم أصبحت معلمة لأطفال في المرحلة الابتدائية
أرى فيهن نفسي يوم كنت طفلة
حين كنتِ يا معلمتي ماما مريم تعلمينني معنى السباق وروح المنافسة في تعلم ألفبائية الكلم وتخطي مضماره
للوصول بي وبرفيقاتي إلى أحلامنا وما نحن نرنو إليه
أرى في زوايا أوراقي شيئا من روحك الطيبة
وفي ملامحها ذكريات دراستي على يديك
أسمع الأركان تهمس عما رسمته من أحلام في صمتي حين كنتِ تعلميني رسم الحرف وتشكيله ونطقه أشعاراً وقوافي ملحنة
ها أنا أتحسس بالأرض خطواتي إلى ما أصبحت عليه الآن بفضلك بعد الله
أحدثكم عن ماما لما كانت تخط بالقلم الأحمر تصويبها أخطائي بدفاتري وواجباتي كانت فاضلتي وأستاذتي مريم الأضبع تتلمس سطوري وتخطط لي الحرف والرقم بتفاني
هامست بي صباي بروح بها أمومة معلمة عايشتني كجزء منها
أخذت بيدي لترسم معي النجم اللامعة
لأصبح يوما ما نجمة لامعة مثل ماكانت تخططه لي يوما ما..
بمشاركتها أخطنا معاً وشاح التخرج من الثانوية العامة لأرتديه كأي خريجة حين تتخرج من صفوف الدراسة وقد أرتديته يوم وفقت لأصبح كما حلمت معها بأن أصبح معلمة
وكما أصبحت رفيقاتي من هي معلمة وأخرى طبيبة ومن هي مهندسة وكل منا حققت حلمها الذي باحت به يوما لماما مريم والتي حينها عززت أحلامنا لتكبر معنا وهاقد حققنا واثبتنا ذواتنا ووجدنا انفسنا بارعات فيما تمنينا بفضل الله ثم بفضلها .
كم كانت تحلم أن ترى صغيراتها الحالمات قد كبرن بأحلامهن وقد اصبحنا معلمتنا الغالية دررا يتوجن المستقبل كما كنتِ تخططينه معنا بدفاترنا .
معلمتي مريم هانا اليوم أقف في غرفة الصف وعلى مسامع تلميذاتي سأعلمهن أن فصول السنة أربعة وأن حياتهن كذلك أربعة فصول شتاء يجمدن به مشاعر الإحباط والفشل بداخل ذواتهن تماما كما علمتني بابجدياتك وكما تعلمته منك أن الخريف فصل يسقط وريقات اليأس ويطير بها بعيدا عن عالمهن المتفائل .,
وسأقول لهن أنك علمتني بأن الربيع أيضا فصل الأماني والأحلام و به أراضٍ خصبة لزراعة ما يردنه من آمال وأنه سيأتي صيف قادم يحصدن فيه ثمار جهودهن وما قمن به من زروع الأحلام ..
وسأعلم صغيراتي كما تعلمت إن يكن كالجبال و يصمدن مثلها حينما تصطدم فيهن عواصف الزمان وصعوباته .. وأن البحر ذو مد وجزر و أنها ظاهرة طبيعية في الحياة
وسأغرس فيهن ماغرسته أنتِ بي في الصبا بأن الحياة لا تحتاج منهن سوى الصبر والتأقلم وسأعلمهن ابجديتك الحياتية وبطرائقك التفاؤلية بأن يواجهن بها الأجواء المتقلبة بما ينبغي عليهن مواجهتها بها من سبل وإمكانات وقدرات..
سأغرس فيهن غرسك ومفهومك في معنى الأصالة والماضي العريق والأدب الأصيل وسيكون ذلك عبر بوابة معالم التاريخ والأدب حتى يستفدن منها في بناء الحضارة القادمة على أيديهن .
سأقول لصغيراتي الغاليات ماقلته لي يوم كنت تلميذة صفك (انتن الآن لا تزلن عصفورات غردن أي لحن شئتن وحلقن عاليا حيث تردن إن تصلن لتحققن أحلامكن وأؤكد عليهن أن لا ينسين أن لهن عشا تربين فيه وهو بحاجة لعودتهن يوما ما ) ..
سأخبرهن سراً تعلمته منك بأن المستقبل ينتظرهن كما زرعته بي يوما بأنه ينتظرني بأملٍ يحدوه كي ارسم بأناملي ملامح تطويره..
هذا ما تعلمته منك ماما مريم وسأعلمه لصغيراتي اللواتي وجدت في طفولتهن وفي ملامحها براءة طفولتي وصباي
وبخطوط أقلامهن سأحاول رسم احلامهن بشيء من الاندماج في أرواحهن الطفولية الطاهرة والنقية كما كنتِ تفعلين ذلك معي..
أتمنى من الله إن يمدني بالعون لأغرس القيم في نفوسهن واسقي أراضيهن الخصبة حب العلم والغوص في أعماقه تماما على طريقتك التي تعلمتها منك سأظلهن بمعاني التألف والانسجام فيما بيننا بشيء اقتبسته منك..
ستظلين رفيقتي بالحروف التي تعلمتها منك وبابجدياتك الخاصة ماما مريم…
شكراً لأنكِ معلمتي التي اتخذتها قدوتي في مهنتي اليوم..