المقلات
حدث في يوم الجمعة
بقلم : محمد الرياني
لا تتألموا كثيرا عندما أسرد لكم تاريخا قد لايعود، منظر حبل الغسيل في فناء الدار وقد أنهكته الشمس، ومنظر ملابس الجمعة تتدلى من فوقه، ومعاجن الغسيل الفخارية أوالنحاسية وقد أدت مهمتها ثم وُضعتْ بشكل مائل في أحد الأركان، في يوم الجمعة رائحة الشَّوْب تفوح شذى من رؤوس الأمهات، ورؤوس الرياحين تتمايل استعدادا للقطف والذهاب في الزنابيل الصغيرة نحو الجامع العتيق، في الجمعة يقولون: جمعة جامعة ودعوة سامعة، وأصوات الإذاعة يتردد فيها صوت القراءة بسور الكهف ومريم وطه، وفي الجامع تضج جنباته بآيات الكهف، في يوم الجمعة يغادر البسطاء مكان الطهارة بقلوب بيضاء نحو الميدان البسيط حيث يبيع الحوّات قطعا أو طيورا من السمك في مَشَلٍ من سعف النخيل اليابس بريال أو ريالين، وفي البيوت تفوح رائحة الأكل من التنور أو من طبّاخة خضراء على شيء من الخبز الأحمر أو قليل من الأرز، في يوم الجمعة تخشع القلوب على أذان وتكبير وصوتٍ خالدٍ يقرأ الأعلى والغاشية، كان هناك زمان للأزقة ملامح الدراويش، ولمساحات البيوت تفاصيل لاتبتعد عن معجنةٍ وقيروانةٍ وحبل غسيل وأحذية خضراء أو زرقاء مشهورة أو من الحصير، يذهب الناس سويا تتشابه قلوبهم بالنبض ومفردات حروفهم بالدعاء، يختلفون في تقاطيع وجوههم التي لفحتها الشمس وشكلت معالمها بيئة واحدة، كانت هناك أيام صنع الطيبون عقارب أريجها.