المقالات

خِبْرَة

 

بقلم الأستاذ : محمد الرياني

 

على الملعب الأخضر المحاذي للشاطئ، بدا البحر رائعًا بزرقته وهو يجاور البساط الأخضر، المكان يملأه كبار وصغار والمساء الجميل يزيد الروعة روعة، صغار يجرون وراء كرة أحضروها للملعب، بعضهم يمتلك مهارات فردية وبعضهم الآخر يكتفي بالجري والصراخ والابتهاج لحظة التسجيل في المرمى المكون من بعض الأحذية وعلب العصير، ظلوا يلعبون وعيونهم على مسن يقطع الملعب، صاح أحدهم خوفًا على المسن من أن تصيبه الكرة في رأسه فيسقط على الملعب، لايريدون للأصيل أن يتعكر وهم يلعبون ويمرحون، قذف أحدهم الكرة إلى أعلى، غابت وهي ترتفع ثم سقطت، نظر الرجل المسن إلى أعلى وهم مشفقون من نظرته البريئة، اقتربت الكرة من الأرض ولكنها لم تسقط على الأرض، رفع المسن كعبه وسط ذهول الصغار، دفع الكرة من الخلف بكعبه نحوهم ليواصلوا اللعب، صفقوا كلهم وصفق الحاضرون في المنتزه البحري وهو يبتسم لهم ويرفع يديه ابتهاجًا، كونوا حلقة وتجمهروا حوله يقبلونه، جلس يحكي لهم حكايته مع الكرة، وأنه كان يجمع الأوراق والخرق ويحشيها في قطعة قماش ويلعب مع أقرانه، حدثهم عن دجاج الجيران الذي كان يهرب في الحي وهو يقذف عليه الكرة بشقاوة الصغار، وعن أحد الصغار الذي انتفخ رأسه بعدما قذف المرة في جبهته، طلب منه أحدهم أن يقوم ليلعب معهم، جمع أنفاسَه ونهض، اختاروه ليلعب ضربة البداية، قذف الكرة فاصطدمت بأحد الغربان المحلقة فوق الشاطئ، سقط الغراب، خاف الصغار من هذا المسن، قال لهم : كيف ترون قدمي، قالوا له : اجلس على العشب الأخضر واكتف بمشاهدتنا، نخشى على بقية الغربان من السقوط على الشاطئ، قال آخر وهو يتفقد جبهته : لست في حاجة إلى زيارة المستشفى، تركهم يلعبون الكرة وراح إلى صنبور الماء ليمسحَ عرق السنين.

مقالات ذات صلة

إغلاق