المحلياتسعوديةفن وثقافة

أدبي جدة يعيد القرشي للركض مجددا في منابر الإبداع

جماعة (رواق السرد) بأدبي جدة أعادت الناقد الأدبي الأستاذ الدكتور عالي القرشي للركض مجددا في محافل الإبداع

 

جدة / هتـــــــــون

تم ذلك من خلال استضافتها له مساء يوم الثلاثاء الماضي في محاضرة نقدية بعنوان (استيعاب السرد للفنون المختلفة …. التوظيف والحوار)، وهذه هي المحاضرة الأولى التي يقدمها الدكتور القرشي منذ ثلاث سنوات بعد تعرضه لظروف صحية بقي فيها منوما في أكثر من مستشفى بضعة أشهر.
بدأت المحاضرة بكلمة بليغة موجزة من الأستاذ سيف المرواني مسؤول جماعة (رواق السرد) رحب فيها بالقرشي، وشكره على استجابته المقدرة لدعوة النادي، وابتهاج أعضاء الجماعة بعودته للعطاء من خلالها بعد توقف.
وأعقبها تقديم هدية (باقتي ورد) للمحاضر ولمقدمة الأمسية من قبل الدكتور عبد الرحمن السلمي نائب رئيس النادي.
عرفت بعد ذلك مديرة اللقاء الدكتورة صلوح السريجي بالدكتور عالي القرشي بإيجاز، وعبرت عن سعادتها بتقديمه قامة ثقافية لها حضورها في المشهد الثقافي محليا وعربيا.
واستهل القرشي محاضرته بشكر أدبي جدة ممثلا في جماعة رواق السرد على استضافتهم له، وذكر أن هذا نبل منهم معهود ومعروف. وشكر رئيس النادي الدكتور عبد الله السلمي، وثمن له ذوقه في اتصاله به هاتفيا معتذرا له عن عدم تمكنه من حضور هذه المحاضرة نظرا لارتباطه بسفر إلى مدينة أبو ظبي. وشكر القرشي كل الحضور، وأكد أن محاضرته تكتمل بما يضيفونه ويضفونه عليها من مداخلات وتعليقات ونقاش سيما وأن موضوعها موضوع قابل لتعدد الرؤى وتنوع وجهات النظر.
استهل المحاضر محاضرته بالقول: “يشي عنوان المحاضرة بأبوية السرد للفنون؛ وهذا أمر تنازعه فيه فنون أُخر، وأزعم بوصفي باحثًا بالحياد في هذا الأمر؛ فإذا كان الشعر قد ادعى أبوية منذ مقولة “الشعر ديوان العرب” والمسرح قد شاعت مقولة أطلقها عليه رواده “المسرح أبو الفنون” فإني أزعم أن السرد صاحب الزعامة في ذلك بحكم قابليته لأن يحتضنها السارد في سرده جميعًا”.
وبعد ذلك تطرق القرشي إلى عدة نماذج -” على سبيل النموذج والمثال لا الحصر” كما قال-تعزز فكرة احتواء السرد وتضمنه وتقاطعه وتداخله مع الفنون الأخرى كالشعر والمسرح والتصوير والغناء.
وفي هذا الصدد تحدث المحاضر عن رواية القصيبي (العصفورية)، وقال:
” ……. فرواية القصيبي “العصفورية” استوعبت نصوصًا شعرية للمتنبي، وظفها القصيبي في خدمة بطل النص الذي أُودِعَ مصحة “العصفورية” فأصبح شعر المتنبي هو الهذيان الذي يهذي به، لذلك سماه “أبو حيد”.
وأضاف:
“ليس ذلك قاصرًا عند القصيبي على الاستحضار فقط؛ بل إنه كان يكتب الشعر في سرده، ليس حسب التشطير؛ وإنما يدخله في جسد الكتابة كأنه نثر، ومازه عن سرده بعلامات التنصيص”.
وكان لروايتي (رجاء عالم)؛ (مسرى يارقيب) و (خاتم) نصيب الأسد من استشهادات المحاضر، حيث قال:
” …. ورجاء عالم في رواية “مسرى يارقيب استضافت فيها الفن التشكيلي؛ حيث اشتملت الرواية على لوحات تشكيلية لأختها شادية عالم مازجت السرد، وامتزجت به. وأشير إلى رجاء حين استحضرت العود “عود الطرب” في روايتها “خاتم”؛ حيث جعلته متسقًا مع رؤية السرد، “نشدان الكمال” وتجاوز الفواصل الاجتماعية بين الذكورة والأنوثة، ولذلك حين سأل السقا اليمني الشيخة “تُحفة” عن خاتم “حرة الطاس، ولا في الرأس، هو طالب عود ونحن طالبين طرب، لا عاشق ولا هيمان، وافقناه، ووافق هوانا، كيف نجاريه؟ يا للفضول”!
واستكمل القرشي نماذج استشهاداته على فكرته الرئيسة بمثال من قصة أحمد السباعي “متى يستقيم الظل” قائلا: “السباعي يستخدم اللغة الشاعرية بتوظيف ملائم، فبطلة القصة فتاة حجازية انتقلت للدراسة في كلية الآداب بالقاهرة، حيث جاءت القصة على أسلوب التقرير في غالب بنائها، لكنها حين تأتي للحديث عن اتخاذ القرار الحازم بالعودة تعود للتصوير الشاعري فتجد البطلة تقول: وكنت كثيرًا ما أهمس لنفسي بأن كل ما أشاهده من المستهترات لم ينشأن في بيوتهن النشأة الفاضلة التي نشأتها في بيتي طاهرة الذيل، بعيدة عن فجور الحياة ومباذله الحقيرة”.
رواية ليلى الأحيدب (عيون الثعالب)، نالت حظها من استشهادات المحاضر، حيث قال:
” ولو جئنا إلى رواية لليلى الأحيدب لوجدنا الرواية تستوعب الشعر، وتجعله ينطق بلغة السرد، ويدخل عالمه؛ إذ وضعت الساردة بداخل سيارة على ورقة ملفوفة، تحمل نصًا للشاعر، سامي مهدي، وتوفيقًا للشاعر كاظم الحجاج، يقول النص: “معًا في الزمان
معًا في المكان
ولكننا حين نكتب أحلامنا، ونقلب أوجاعنا عالمان
عالم من رماد قديم
وآخر من لهب ودخان”
وأما التوقيع؛ فهو نص يقول:
“رجل في الأربعين
وفتاة مسرعة!!
عبرا من أول الجسر إلى آخره”
ليلتقط علي من النصين التوقيع، فيقول لها حين يهاتفها “أهلن بالفتاة المسرعة” وهنا نرى كيف آل النص الشعري في هذا العالم إلى رسائل غرامية وتوقيعات هبطت بالنص من آفاقه الشعرية، وأصبح في توظيف ملائم يتسق مع حركة السرد.
في توظيف يخدم الحركة السردية التي ينشئها السارد على لسان البطلة حين آلمها اختصار الثقافة والإبداع في الجسد والمتعة”.

وأعقبت المحاضرة عدة تعليقات أثارت تساؤلات عدة عن أبوية السرد، وعن الأدب الرقمي، وغيرها.
ورد المحاضر على الموضوعات التي أثارها المتداخلون مؤكدا على ما بدأه مكن أن الموضوع الرئيس؛ (أبوية السرد) موضع جدل وخلاف.
وممن شارك في المداخلات الدكتور يوسف العارف، وأحمد عايل فقيهي وخلف القرشي، وعبد الله السميح، ومنيرة عالي، وآخرون،
مديرة اللقاء الدكتورة صلوح السريحي اختتمته بشكر المحاضر ووصفت طرحه بأنه إضافة حقيقية للفكرة، التي أكدت أنها موجودة في تراثنا العربي القديم مستشهدة بكتاب (الاعتبار) لأسامة بن منقذ، وبحكايات الجدات التي تروى للصغار.
لقطات:

* ترحاب أعضاء النادي وموظفيه واحتفائهم بمقدم المحاضرة الدكتور القرشي، ومرافقيه كان جليا، لا سيما من قبل الدكتور السلمي نائب رئيس النادي، ومن الأستاذ عبد العزيز قزان مسؤول النادي للشؤون المالية، ورئيس جماعة السرد الأستاذ سيف المرواني، والأستاذ سلطان العيسى و الأستاذ الشرفي غيرهم.
• لم يقرأ القرشي ورقته، بل كان يحمل بطاقات تحتوي عناوين رئيسة، ويبدأ الحديث وشفويا عن كل محور.
• كان ثمة سؤال للمحاضر عن آخر نتاجه، فكان الجواب عن انهماكه في تجهيز أعماله الكاملة للطباعة والنشر من قبل أدبي الطائف، وكذلك عمله على تأليف كتاب عن والده رحمه الله تعالى بعنوان (معالي والدنا الحبيب).
• حضر من الطائف خصيصا لهذه المحاضرة بعض المهتمين بالشأن الثقافي ومنهم الأستاذين سلمان السليماني، ومشعل الحارثي، وغيرهما.
• قدم النادي للحضور بعضا من إصداراته المختلفة هدية.
• بذل الأستاذان سلطان العيسي، وسيف المرواني مسؤولي جماعة (رواق السرد)، جهودا ملحوظة لإنجاح اللقاء، وكان لهما ما أرادا بفضل الله.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق