المقالات

” الناس والزمن“

 

 

د. إلياس سيدعالم عبد الكريم

الحلقة الثانية

الفئة الثانية: الناس والحاضر

الفئة الثانية من الناس هم الغارقون في الحاضر، وهؤلاء الناس معزولون عن الماضي ولا يرغبون الخوض في المستقبل، يعيشون اللحظة بكل أبعادها وأفراحها وأتراحها، منغمسون حتى النخاع في اللحظة التي يعيشونها، لا يهمهم سوى توفير لقمة العيش والبحث عن الرفاهية والبعد عن الأحزان باعتبارها أحداث مضت وانقضت
مثلهم الذي يرددونه دومآ – الحي أبقى من الميت – وما فات مات، يحيون حياتهم – كما يقولون – بالطول والعرض، بمعنى أنهم لا يرون أمامهم ( المستقبل)، ولا يريدون تذكر ما كان خلفهَم ( الماضي ) يستعجبون من الناس الذين يتحدثون عن الماضي والتاريخ ويعتبرون ذلك تضييع وقت، ( فاجترار الماضي – في نظرهم – لن يعيده ولن يحي الأموات! ).

كما يستغربون من الذين يتحدثون عن المستقبل ويعتبرونهم ( مجانين ) فهم لا يعلمون هل سيعيشون لهذا المستقبل. فلماذا الحديث عنه !!.

يريدون من الناس الآخرين أن يكونون واقعيين، بدون الحنين للماضي الذي انتهى وانقضى ولا الحديث عن المستقبل المجهول، يحبون مشاهدة الأفلام والمسلسلات الواقعية والدراما الآنية وأفلام الرعب !، ويعشقون الحديث عن الأحداث الجارية والوقائع الحاصلة والمستجدات والأشخاص الذين يعايشونهم

وهذه الفئة لا يحبون الأفلام التاريخية ولا أفلام الخيال العلمي والفانتازيا وما وراء الطبيعة. وكذلك لا يحبون قراءة الكتب والمقالات التي تتحدث عن ذلك، يحبون مشاهدة القنوات الإخبارية لمعرفة الأحداث الجارية والحوادث الحاصلة وما يدور حولهم وما يجري في العالم، ويتناقلون كل خبر جديد وكأنه سبق صحفي ويجدون في ذلك متعة لا تضاهيها متعة !!، يهم هذه الفئة أن تكون الأمور مستقرة وهادئة وحياتهم هانئة.

وبالتالي يعكر مزاجهم كثيرآ أي تغيرات فجائية تقلب حياتهم أو تغير نمط معيشتهم
أو أي أحداث تحدث لهم شخصيا أو لأفراد أسرهم وعائلاتهم. مما يجعل رد فعلهم الفوري قوياً جدا وربما يستغرب منه أصحاب الفئتين الأخريتين ( الناس الذين يعيشون في الماضي، والناس الذين يعيشون المستقبل )، ولكن ميزتهم أنهم ينسون بسرعة كل ما مر بهم من أحداث وشخصيات ويعودون للحاضر وللواقع المعاش.

يهم هذه الفئة من الناس توفير المستلزمات الشخصية والأسرية ويحبون أن يكون لديهم احتياط مريح من كل شيء، ليس حبا في الاكتناز وإنما ليريحهم في الواقع المعاش، بمبدأ نحيا اليوم ونموت غدا، فكيف ترون هذه الفئة برأيكم؟

يتبع..
الجزء الثالث: الناس والمستقبل

 

مقالات ذات صلة

إغلاق